Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Oct-2018

«دق خشوم» - د. محمود عبابنه
 الراي - حالة الاحتقان التي يغذيها واقع الحياة اليومية... التي تبعث على فقدان الأمل، تحت وقع الضغوط المعيشية وسوء الأحوال الاقتصادية المتمثّلة بتنامي نسبة الفقر والبطالة، ومن فوقها غلاء الأسعار، ومخالفات السير ورسوم الرخص وإصدار الوثائق وفواتير الاتصالات والكهرباء، وأقساط التعليم الأساسي والجامعي، تسهم في زيادة جرعات التنمر والعدوانية تجاه بعضنا البعض، إلا ان الصراحة تقتضي ان نقر بان هناك ظروفا اخرى مهيئة يصنعها الناس بقصد او بدون قصد تتعلق بمنظومة القيم التربية والتعليم ولا يسلم التراث بجانبه السلبي من الاسهام بالاحتقان الاجتماعي بدأً بقصائده واغانية على غرار»ازرع و اقلع باذنجان يلعن راس ابو الزعلان» والاغنية الرومانسية التي تتضمن ( احنا بنقلع العين اللي بتلد علينا (تنظر علينا) ).من الملفت للأنظار ان هناك تناميا ومنسوبا عاليا لدى فئة واسعة من المواطنين لترجمة الامزجة المتوترة و تجسيدها بافعال العنف والعبارات العدوانية والاستعلائية، ويتمظهر ذلك بالتمرد على الدولة والمؤسسة والتطاول على القانون..... في الآونة الأخيرة طفا على السطح، الحديث عن محترفي فرض الأتاوات على التجار، وكذلك السطو على البنوك وسرقة الصيدليات ومحطات المحروقات تحت تهديد السلاح، وللحقيقة فإن ظهور هذه الحوادث لم يكن بسبب ترهل جهاز الأمن العام أو ضعف القبضة الأمنية، فهذه الأجهزة تبلي بلاءً حسناً، وغالباً ما تقبض على الفاعلين خلال مدة زمنية قياسية، ولا يمكن لجهاز الامن العام ان يضع رجل امن على كل منعطف او حارة ، لكن المأزق الاجتماعي والإقتصادي هو الذي يخلق الإحباط ويغذي حالة التنمر لدى الفئة المستهدفة، التي لم تجد برامج اجتماعية أو فرص عمل أو تعليماً صحياً وتربوياً جيداً.
وقد أدى فشل الحكومات المتعاقبة في وضع حد لهذه الآفات الى احتقان اجتماعي يموج في اناء يغلي، اذ اصبح الفرد لا يطيق جلده، وبوده ان يهرب من هذا الواقع ، لكنه بسبب المكابرة التي يعشقها العربي عامة، والأردني بشكل خاص، لا يجيد سوى الهروب الى الامام كخيار أخير ووحيد ، فيعاند تعديل المناهج، ويعاند تعديل التشريعات المعززه لحقوق المرأة، ويلجأ للاضراب وحرق عجلات الكاوتشوك، ويرفض التحاور، و ينخرط في نسج الإشاعة، ولا يقبل مساواة الاخرين به، ويأنف من الاعتراف بالخطأ والاعتذار، ففي جميع حوادث السير التي تقع في بلدنا كلا الطرفين على حق، ويعتقد الفرد انه الاقوى والأفضل والأولى والارفع منزلة ونسبا وشاهد ذلك ما يتمظهر في جمل يزداد تكرارها على غرار: «مين انت»...»خاوة» «احنا كبار البلد»،»اللي ما بعرف الصقر بشويه»،»حط عينك بعيني» وأخيرا وليس اخراً «دق خشوم» وقد تكرست هذه اللغة كظاهرة اجتماعية من المفترض ان يتصدى لها الدارسون والمسؤولون لمعالجة أسبابها وطرق معالجتها من خلال أبواب وفصول، فالعنف مثلاً ينقسم بدوره الى فصلين: الفصل الأول المتعلق بالعنف الجامعي وكيف يبدأ؟ وما هي أسبابه؟ وهذا ينقسم بدوره الى عنف جامعي على خلفيات قبلية أو فكرية، واخر على أسس عرفية وقيمية بائدة تتعلق بالشرف الرفيع الذي لا يسلم من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم، وتحت مساحة العنف، وهناك عنف المدارس فالحديث لا ينقطع رغم نعمة النسيان عن شغب المدارس وتخريبها فمن شغب مدرسة الفيصلية او ما سمي (بموقعة البراميل) الى شغب مدرسة الرمثا، وهناك منتج جديد في قائمة مستحضرات العنف وهو عنف الفاردات الذي من المفروض ان يكون تعبيرا عن الفرح وليس تعبيرا عن الاحتقان والعدوانية، وهذا النوع الجديد ينقسم إلى عنف الفاردات ضدّ الدّولة و عنف الفاردات ضدّ الأشخاص.
ما لم تلتفت الدولة الى ظاهرة التنمر الاجتماعي والعنف والتطاول على القانون وتبني برامج اجتماعية تربوية متوازية مع حزم رشيد وعقوبات غير انتقائية، فاننا نهرول نحو مجتمع الانفلات والفوضى، وعلينا ان نذكّر مسؤولينا بالشعارالملكي»لا احد فوق القانون «والمكرر بالاوراق النقاشية الملكية والتي وضعت معالم اساسية للسلم الاجتماعي واعطت الضوء الاخضر لعدم الخوف من دخان عجلات الكاوتشوك وسد الطرق.
mababneh2012@yahoo.com