الراي-منذ العام 1948 والانقلابات – أو الثورات–العربية، تضع لنفسها شعارات باهرة، تتلخص بأنها ستعمل على التحقيق المشرف، لآمال الشعب العربي عامة، وشعبها المحلي خاصة، في التحرر من التدخل الأجنبي (بما فيها تحرير الأراضي العربية المغتصبة) والوحدة العربية والعدالة والديمقراطية والرخاء.ومنذ ذلك العام توالت الانقلابات-والتي يسميها منفذوها ثورات شعبية تجسد طموحات الشعب وآماله–ويكون المنقلبون على الحكم في كل مرة من المنشقين والمتمردين عليه، وهم يعلنون منذ البيان الأول، أن الثورة قد تعرضت للسطو أو الاغتصاب، وأن الدكتاتور قد انفرد بالحكم، أو أن الزعيم يمارس الاستبداد على الناس والنهب من أموال الدولة، ويضمنون بيانهم وعودا لتحقيق العدالة والديمقراطية والرخاء، وتصميما على تحرير فلسطين، وإتمام الوحدة العربية. وتعاود فئات أخرى الكرة، وتعلن بعد عدد من سنوات عجاف من الظلم والقهر والبطش والكسب وتكوين شلل الابتزاز والقرصنة، تعلن أن الطغمة الحاكمة قد تمادت وعاثت بالأرض فساداً، وأن ثلة من الضباط (الشرفاء) قد بادرت إلى الاستيلاء على السلطة، وتحمل على عاتقها، تحقيق آمال الشعب في الوحدة والتحرر والعدالة والديمقراطية و... و...، مما يفرح القلب العربي، وينسجم مع طموحات الناس وتطلعاتهم. وتبدأ الأبواق والشاشات بتلميع صورة الزعيم الجديد وترخيم صوته، يطرب سامعيه ويبهر ناظريه، وما هي إلا سنة أو اثنتان، حتى يبدأ التذمر من سوء استخدام السلطة، والانتفاع غير المشروع منها، أو التشكيك بنوايا الزعيم أو القيادة، بخصوص الوحدة او التحرير، وحتى اتهامه بالتآمر على الأمة والعمالة لأعدائها، وقد تبتدع القيادة أو الزعيم خطة للتجييش، وحشد الجماهير لخدمة البلاد وحماية ثورتها، على شكل حزب حاكم أو ما شابه، وما تلبث تلك الخطة، أن تتحول إلى تنظيم استخباراتي، يحاصر الجماهير، ويكتم أنفاس الشعب، بحجة أن أولئك من أعداء الثورة، وعملاء للقوى المتربصة بها.