Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-May-2020

كورونا.. تصحيح مسار التاريخ*بلال حسن التل

 الراي

منذ أن صارت كورونا جائحة عالمية، بدأ الحديث عن صورة العالم، والعلاقات البشرية وشكلهما بعد كورونا، مما يعني أن تغييراً خارج حسابات البشر، وإرادتهم، وتخطيطهم, وتوقعاتهم, يغير كل شي في حياتهم, وهذه حالة غير جديدة ويعرفها من يقرأ التاريخ الحضاري للبشرية, حيث يلعب التدخل الغيبي دوراً مهماً في مسار الاحداث والتوقعات ومن ثم تصحيح حركة الإنسان, وتضبط مسار التاريخ, وهو الأمر الذي غالباً ما يتم وفق أحداث كبرى، أغلبها ليس من صنع الإنسان, مما يسميه البعض بالقوة الخفية, ومما نعتقد نحن المؤمنين بالله، بانها إرادته عز وجل المحركة لكل شيء، وهو التحريك الذي يتم من خلال التدخل الالهي المباشر، من خلال بعثه للانبياء والرسل، ومعهم السنن التي وضعها الخالق عز وجل لضبط حركة التاريخ. ولأسباب القوة والضعف، وعوامل التقدم والتخلف والرقي والانحطاط, من هنا إلحاح القرآن الكريم على فهم تاريخ الامم السالفة، وهو الإلحاح الذي يلخص فائدته قوله تعالى "لقد كان لكم في قصصهم عبرة" والاعتبار هو أعلى درجات الوعي.
 
ومن صور التدخل الالهي ما لايراه البشر بل يلمسون أثره، مما عبر عنه القرآن الكريم بقوله "وما يعلم جنود ربك إلا هو" وقد يكون هؤلاء الجنود مما لا يحسب لها الإنسان حساباً، مما ضرب الله به الأمثال كالذباب على ضعفه وقذارته لقوله تعالى" وإن يسلبهم الذباب شيئاً لايستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب"، ومنها الكوارث الطبيعية ومنها الأوبئة التي تسببها الفيروسات كفيروس كورونا.
 
على أنه من الأهمية، أن نشير ونحن نتحدث عن العامل الغيبي، في تغيير حركة التاريخ، إلى أن هذا العامل غير منفصل عن العوامل الأخرى، التي تتحكم بحركة التاريخ، وهي عوامل أشار إليها القرآن الكريم في سوره وآياته، وأهمها أنتشار الظلم والفساد، وإدراك هذه العوامل عنصر مهماً من عناصر، وعي مسار التاريخ، من خلال الايمان بالعامل الغيبي كما أنه يمتاز بالواقعية من خلال فهم واقع الناس. كما يمتاز بالحركية من خلال حث الانسان على فهم حركة التاريخ وتجارب الأولين للقيام بدور فاعل في حاضر الإنسان، من أجل مستقبله في الدارين الدنيا والآخرة.
 
ما أريد أن أقوله أن تصحيح الخلل في مسيرة البشرية حتمية تاريخية، يؤكدها تدافع الحضارات، الذي لم يمكن حضارة بعينها من الاستمرار طويلاً في التربع على القمة، وقيادة البشرية أو التحكم بمسارها فكانت الحضارات تنزل عن هذه القمة، لأسباب كثيرة وبأدوات مختلفة قد تكون كورونا أحدها، فهاقد بدأ الحديث عن صورة العالم ما بعد كورونا، وها قد بان أن البشرية لا تستطيع الوقوف على ساق واحدة، فهل ندخل مرحلة تصحيح مسار التاريخ من بوابة كورونا؟ وهل نحن على أبواب دورة جديدة من دورات التدافع الحضاري، وأين ستكون أمتنا في هذه الدورة؟.