Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Nov-2017

وسط غياب أمني وتنظيمي ‘‘مجمع المحطة‘‘: ‘‘الخصوصي‘‘ يختطف أرزاق ‘‘السرافيس‘‘

 

يوسف أبورمان
عمان-الغد-  في عمان، لا في مكان آخر، حيث المؤسسات وسطوة القانون التي يفترض هي الأعلى، هناك منطقة مكانية خارجة عن القانون تمارس فيها سطوات أخرى وفرض أتاوات وخاوات، في ظل غياب للسلطة وتراخ أمني، رغم أن المكان يقع وسط العاصمة، وتحديدا في مجمع المحطة.
هناك يحكم قانون القوة؛ حيث يستقوي القوي على الأقل قوة، ولا مكان للضعفاء في هذه الحلبة، السرفيس الأبيض الذي يبدو كحمام مسالم، يشعر بالظلم والتجني من فرض الاتاوات عليه، بل لا يجرؤ سائقو تلك السيارات على القول إنهم دفعوها، ولو مرغمين، السيارات والباصات الخصوصي تستأسد على تلك السيارات البيضاء، وتنتزع منها ركابها وأرزاقها المخصصة لها وفي مكان عملها، فيما تلك الباصات والسيارات الخصوصية غير مرخصة لنقل الركاب، في ظل غياب للرقابة والتنظيم من الجهات المعنية، بحسب ما رصدته "الغد" خلال جولة لها في المجمع. 
فما أن تقف في المجمع حتى تشاهد تردد باصات "الكيا" و"الهيونداي" متوسطة الحجم على خطوط السرافيس في مزاحمة، غير عادلة وغير قانونية، من قبل الأخيرة خاطفة أرزاق السرافيس بحمولات مضاعفة وبأجرة أعلى من التي تتقاضاها السرافيس.
"الغد"، وفي جولة لها بالمجمع العماني رصدت العديد من التجاوزات، فما إن تصطف لاتخاذ موقعك في طابور انتظار السرافيس حتى تتعالى الأصوات منادية عليك لارتياد الباصات الخصوصية من قبل "السماسرة"، عدة مرات وبإلحاح لا ينتهي، وسط استسلام من سائقي السرفيس، الذين اعتادوا على ذلك المشهد يوميا ولم تعد لديهم القدرة على مقاومته أو ممانعته في ظل غياب الأمن أو تطبيق سلطة القانون.
وعلى مدار ثلاثة أيام، رصدت "الغد" كيفية تسيير رحلات من خلال سيارات خصوصية إلى كافة أنحاء المملكة، عبر تفاهمات ومفاوضات بين السماسرة غير الشرعيين والركاب، تنتهي "بصفقات مالية صغيرة" على حساب النقل الشرعي، أو السرفيس الأبيض، ناهيك عن تجاوزات سائقي التاكسي الأصفر التي تلتقط ركابا، عنوة، من خطوط السرافيس. 
وارتادت "الغد" أحد الباصات الخصوصية العاملة مقابل الأجر؛ حيث الحمولة الزائدة التي تزيد عن الحد، والتي يكاد الباص من خلالها الاحتكاك بالشارع، وهو ما يعني ازدحام الركاب في الباص، وما يعنيه ذلك من خطورة على حياتهم، بعيدا عن مخالفات قانون السير في تلك الحالة، فيما يحصل صاحب الباص ما مقداره 5 دنانير من كل راكب في رحلته من المجمع إلى وجهته التي تنتهي في إحدى المناطق، بينما يحصل صاحب السرفيس ما مقداره ديناران ناهيك عن التكاليف المرتفعة التي يتحملها مالك السيارة العمومية. 
وتجدر الإشارة إلى أن مجمع المحطة مركز وعصب النقل في العاصمة، إذ يعتبر نقطة تلاقٍ لجميع خطوط النقل بما في ذلك الحافلات سريعة التردد.
ويتردد على المجمع يوميا ما يزيد على 250 ألف مواطن يتنقلون من خلال المجمع إلى كافة أنحاء المملكة، ويبلغ عدد السرافيس في المملكة ما يزيد على 3 آلاف معظمها في مجمع المحطة، بحسب ما أفاد المدير التنفيذي لدائرة النقل في أمانة عمان عبدالرحيم الوريكات.
ويقول أحد منظمي أو السماسرة الشرعيين في المجمع، وهو مرخص رسميا، عبدالرحمن محمد (اسم مستعار)، والذي طلب مقابلته خارج حدود المجمع تخوفا من تدخل أحد الخارجين على القانون، إن "مشاكل المجمع لها أول ما لها آخر".
ويعترف السمسار أن "سماسرة (خارجين على القانون) يتحكمون بإدارة السير في المجمع وهو يتقاضون عمولة على كل حمولة باص "خصوصي" وبتسعيرة مرتفعة عن المحددة من قبل الجهات المعنية"؛ إذ يتقاضى الباص نصف دينار عن كل راكب مقابل 35 قرشا يتقاضاها السرفيس. 
ويضيف أن باصات "خط" عمومية تتعدى غالبا على خطوط السرافيس وتحمل ركابا من موقف السرافيس بتنظيم من سماسرة غير رسميين مقابل عمولة اعتبرها السمسار "أتاوة".
ويقول سائق أحد الباصات الخصوصية، لـ"الغد"، باستخفاف: "إننا نساهم في تخفيف الضغط على طوابير الانتظار".
وقال سائق سرفيس أبيض، رفض الكشف عن اسمه شاكيا: "إن الباصات والسيارات الخصوصية مخالفة للقانون وأصحابها يقاسموننا أرزاقنا، رغما عنا، ونستغرب عدم وجود جهة رادعة لهم"، مضيفا أن "من أمن العقوبة أساء الأدب".
أما آخر فيقول "إن باصات الخصوصي تتخذ موقعها من الخطوط وتشكل عائقا أمامنا؛ حيث تتجاوز حمولتها عشر ركاب في أغلب الأحيان". 
وعن دور أمانة عمان، قال ثالث "إن الأمانة تعهدت بتطوير المجمع من كافة النواحي منذ أكثر من عام ولم نر أي تطور ملوس حتى الآن".
واشتكى صاحب أحد مكاتب التاكسي والسرفيس، والذي فضل عدم ذكر اسمه، من سحب تصاريح عمل سياراته "السرافيس" من قبل أمانة عمان المحطة بشكل تعسفي دون أسباب تذكر.
ويقر المدير التنفيذي لدائرة النقل في أمانة عمان، المهندس عبدالرحيم الوريكات، بتجاوزات السيارات الخصوصي على سيارت السرافيس العمومي، مبينا أنها "ظاهرة موجودة"، مضيفا "أن دورنا ينتهي عند تبليغ الجهات الأمنية، ودائرة السير على وجه الخصوص".
ويحمّل رئيس هيئة تنظيم قطاع النقل البري، المهندس صلاح اللوزي، المسؤولية لدائرة السير في إحكام القبضة على هذه التجاوزات. 
وأضاف اللوزي "إن دور الهيئة ينتهي عند نقاط الانطلاق والوصول للخطوط الخارجية من وإلى المحافظات، ولسنا طرفا في محاسبة تجاوزات عمل السيارات الخصوصية مقابل الأجر في الخطوط الداخلية". 
من جهته، قال مدير سير العاصمة، العقيد باسم الخرابشة، إن "حجم عمل المركبات الخصوصية مقابل الأجر ضخم، الأمر الذي يستحيل معه على رجال السير مراقبة جميع المخالفين". 
وأردف أن "إدارة السير تعمل جاهدة على ضبط جميع المخالفات، مشيرا إلى أن هناك مشاريع مستقبلية لإحكام إدارة مجمع المحطة من قبل جميع الجهات المعنية". 
ويقول نقيب النقابة العامة للعاملين بالنقل البري والميكانيك، محمود المعايطة، إن المشكلة تكمن باعتبار النقل لدى كثيرين تجارة وليست خدمة عامة تقدمها وتشرف عليها الدولة. 
وأشار المعايطة إلى أن "الظروف المعيشية القاسية لشريحة واسعة من المواطنين تجبر كثيرين منهم على العمل بالمركبات الخصوصية مقابل الأجر". 
وطالب المعايطة بالاهتمام بخدمة النقل إلى جانب الصحة والتعليم كونها ركيزة أساسية لقيام وازدهار الدول.
ويقترب عمل سيارات الخصوصي مقابل الأجر إلى ما يسمى بـ"اقتصاد الظل"، والذي يذهب العاملون فيه إلى تحقيق أجر إضافي على حساب العاملين المرخصين بالصفة العمومية، الذين يتكبدون تكاليف مرتفعة تشمل الترخيص والتسجيل وثمن "الطبعة" المرتفع. 
ووفق القانون يخالف سائق المركبة الخصوصي التي تعمل مقابل الأجر مخالفة بقيمة مالية الحد الأدنى منها 100 دينار لأول مرة وأخذ تعهد على المخالف بعدم تكرارها، وفي حال التكرار للمرة الثانية يتم تحصيل قيمة المخالفة 100 دينار وحجز المركبة لمدة 24 ساعة، وفي المره الثالثة تحجز المركبة لمدة 48 ساعة، وفي حال التكرار أكثر من ذلك يتم تحصيل المخالفة وحجز المركبة مدة أسبوع وتحويل السائق إلى الحاكم الإداري لاتخاذ الإجراء الإداري اللازم بحقه.