Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Dec-2019

قلـق دولـي بشـأن خطط إسرائيل لضم غور الأردن

 الدستور-نيفين عبد الهادي

بعيدًا عن أي مشاعر أو لغة عاطفية، وفي طرح مباشر وعملي سياسيا وقانونيا، ماذا وراء تعهدات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو التي بدأ باطلاقها منذ أيلول الماضي لمواطنيه، بضم غور الأردن في الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل في حال فوزه في الانتخابات المقبلة، حتما يقف خلف هذه التعهدات نار ستحرق كل أوراق العملية السلمية، وتغلق أبوابا كان يمكن أن تؤدي إلى شيء من السلام والاستقرار في المنطقة.
لا شك، أن نتيناهو لا يزال يصرّ في سياساته اليمينية على التصرّف بالمنطقة وقضاياها، على أساس أنه المالك الحقيقي لها، وأنه يملك حقّ اصدار تعهدات بين الحين والآخر، ولو كانت ضربا من ضروب الأخطاء الفادحة سياسيا وقانونيا، فما وراء مثل هذا التعهد تقف حقيقة واحدة وهي الفشل النهائي لعملية السلام، ولأي شكل من أشكال إعادة قاطرة السلام لمسارها الصحيح، هو تحدّ واضح للشرعية الدولية، وللقوانين، فما بالك إذا ما اقتربنا من لغة العقل وحتى العاطفة، عندها سيجد الإسرائيليون كافة وقد رمى بهم «يمينهم المتطرف» إلى ساحة من عدم الاستقرار والصراعات الأبدية.
وبطبيعة الحال، يمكن بوضوح قراءة هدف نتنياهو من مثل هذه التعهدات، والإعلانات التي يطلقها بين الحين والآخر، وتحديدا ما جاء في هذا التعهد أنه يتطلع لضم غور الأردن بمجرد فوزه في الانتخابات، بأنه محاولة منه للحصول على مزيد من الدعم اليميني في الانتخابات، معتبرا بذلك أن كل السبل متاحة ومشروعه لنيل فوزه في الانتخابات، متناسيا ما تعنيه المنطقة من رمزية بداية للأردنيين والفلسطينيين، وكذلك تغييب جميع ملفات الحل النهائي من كل ما يقوم به الإسرائيليون، والأهم القاء عملية السلام برمتها في غياهب جب النسيان، وتشتيت اتجاهات بوصلة قضايا المنطقة بشكل جذري.
الأردن، اعتبر مثل هذه التصريحات تصعيدا خطيرا ينسف الأسس التي قامت عليها عملية السلام، ويدفع المنطقة برمتها نحو العنف وتأجيج الصراع، رافضا إعلان نيتنياهو الذي يعد خرقا للقانون الدولي.
وحسب تصريحات وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، فإن إعلان رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو عزمه ضم المستوطنات الإسرائيلية اللاشرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفرض السيادة الإسرائيلية على منطقة غور الاْردن وشمال البحر الميت، هو خرق فاضح للقانون الدولي، وتوظيفاً انتخابياً سيكون ثمنه قتل العملية السلمية وتقويض حق المنطقة وشعوبها في تحقيق السلام، داعيا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته وإعلان رفضه الإعلان الإسرائيلي وإدانته والتمسك بالشرعية الدولية وقراراتها والعمل على إطلاق جهد حقيقي فاعل لحل الصراع على أساس حل الدولتين الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من حزيران 1967 سبيلًاً وحيداً لتحقيق السلام.
وزاد الصفدي في الشأن ذاته أن هذا الإعلان الإسرائيلي وغيره من الخطوات الأحادية التي تشمل توسعة الاستيطان اللاشرعي وانتهاكات سلطات الاحتلال للمقدسات في القدس الشريف خطر على الأمن والسلم في المنطقة والعالم.
شعبيا، دان الأردنيون ورفضوا هذا الإعلان، ورأوا به مساسا بحقّ وطنيّ أردنيّ، وتوظيفا انتخابيا مرفوضا، مطالبين بأخذ مواقف حاسمة وحازمة، لمنع مثل هذه الإجراءات، فقد خرج آلاف المواطنين أمس لتتحوّل غالبية شوارع المحافظات لصورة موحّدة، في مسيرات حاشدة علا بها الصوت الشعبي الأردني، من أحزاب وسياسيين ومواطنين بأن ما تسعى له اسرائيل مرفوض أردنيا وعلى كافة المستويات، ولن تنال ما تريد، ويجب الوقوف أمام هذه الإجراءات اللاشرعية بكل قوة لعدم تمريرها وجعلها متاحة للتوظيف انتخابيا.
وعلى ما يبدو، ورغم محالاوت الاحتلال الإسرائيلي على مدى أعوام، لرمي كرة فشل عملية السلام للمرمى العربي، إلاّ أن مثل هذا الإعلان يسقط قناعها أمام العالم بأسره والمجتمع الدولي، فقد شكّل خطوات للخلف أعادت لواجهة الحدث السياسي عربيا ودوليا الخلفيات الفكرية والسياسية والأيديولوجية للأحزاب اليمينية المتصدّرة المشهد السياسي الإسرائيلي منذ عقدين، المتضمنة بكل وضوح أنه لا حق للفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1967، يضاف لها بطبيعة الحال الأراضي المحتلة عام 1948.
وفي قراءة خاصة لـ»الدستور» حول أبعاد هذا التعهد وأثره على عملية السلام، ومدى تناقضه مع الشرعية الدولية، واختراقه الفاضح للقوانين، أكد سياسيون أن اسرائيل مضت منذ احتلالها لفلسطين على وتيرة الاستيطان، بمعنى أنها لم تراع يوما الشرعية والقوانين الدولية، ولم تلتزم بها، في الضفة الغربية، والقدس، ساعية بكل ما أوتيت من قوة لتغيير شكل فلسطين وتهويدها، ليأتي إعلان  نتنياهو في  العاشر من أيلول 2019 عزمه ضمّ أراضي غور الأردن وشمال البحر الميت إذا فاز في انتخابات الكنيست لكسب مزيد من الأصوات تمكّنه من تصدّر صناديق الاقتراع وتشكيل حكومة جديدة، مكمّلا لهذه الصورة المشوّهة من انتهاكات اسرائيلية لم تتوقف.
 الدكتور صالح ارشيدات
وقال نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور صالح ارشيدات منذ خلقت اسرائيل عام 1948 على الاراضي العربية الفلسطينية وحظيت باعتراف الأمم المتحدة ودولها وحتى تاريخ اليوم لم يسمع العالم عن أي مبادرة اسرائيلية للسلام مع العرب او مع الشعب الفلسطيني رغم كل المبادرات العربية للسلام ورغم قرارات الأمم المتحدة وقراراتها (242/ 338).
والسبب ان الفكر الصهيوني قائم على الاحتلال والتوسع وأي صلح مع العرب هو تحديد للمشروع الصهيوني وإيقاف الحلم بدولة من الفرات إلى النيل وهذا ما جهله الكثيرون حتى اليوم.
ولفت ارشدات إلى أنه لم يستطع العرب رغم كل ما لهم من علاقات دولية وامكانيات من تثبيت مفهوم الاراضي الفلسطينية المحتلة لدى العالم والأمم المتحدة بما فيها القدس والضفة الغربية والأغوار، واستطاعت اسرائيل ان ترسخ في عقول العالم ان الاراضي العربية المحتلة هي أراض متنازع عليها ولا تخضع لاتفاقات جنيف وشروطها المعروفة ومنها الخروج منها.
ونبه ارشيدات إلى أن مطالبة نتنياهو بضم الأغوار لاسرائيل بقصد التأثير على الانتخابات النيابية هو مخالف للقرارات الدولية (242/ 338) ولا يجوز للمحتل ضم الاراضي وطرد السكان وهي مبادئ قامت عليها اتفاقية السلام الاردنية الاسرائيلية، والمطالبة بضم الأغوار خرق للاتفاقية.
وشدد ارشيدات على أن الغطرسة الاسرائيلية المدعومة من الرئيس ترامب بضم الأغوار بعد الاعتراف بالقدس كلها عاصمة ابدية لاسرائيل وضم الجولان وقبلها قبول قانون الدولة القومية العنصرية على ارض فلسطين خرق لاتفاقات السلام وصفعة لمحبي السلام وسيجر الإقليم المتوسطي إلى حالة من الاستقطابات الجديدة والى الحروب التي لن تكون في صالح الولايات الاميركية واسرائيل ولا في صالح العرب.
وطالب ارشيدات بضرورة أن يدعم العرب الصمود الفلسطيني والأردني وحث العالم على الضغط على اسرائيل لاحترام بنود اتفاقيات السلام.
ولفت ارشيدات إلى ان الاردن وشعبه المؤمن بالسلام سيتأذيان من أي إجراءات اسرائيلية جديدة قد تؤدي إلى تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية والقدس والأغوار إلى خارج حدود الاراضي المحتلة وسيهدد السلام.
 الدكتور محمد عبيدات
واتفق الوزير الأسبق الدكتور محمد عبيدات مع رأي دكتور ارشيدات بأن هذه الوعود سوف تعيد عملية السلام للخلف، منبها أن هذه الخطوة هي استكمال للخطوات احادية الجانب من الجانبين الأميركي والإسرائيلي، لفرض صفقة القرن إذ ان ترامب كان شدد على أهمية يهودية الدولة ونقل سفارة بلاده من تل ابيب للقدس، واعلن أن الجولان اراض اسرائيلية، وشرعنة المستوطنات، كل هذه الإجراءات استكمال لصفقة القرن، منبها للتوقيت الذي يعلن عنه مثل هذه الوعود والتي تتزامن مع قرب خوض ترامب الانتخابات الرئاسية في أميركا، وبطبيعة الحال دعم حالة التطرف الإسرائيلي من خلال دعم نتنياهو ليكون رئيسا للوزاء وهذا يعني نوعا من «ضرب عصفورين بحجر واحد».ولفت عبيدات إلى أن القرار جلّ خطير لأنه يهدم ويردم أي تطلعات للسلام الشامل والعادل ويعيدنا الى المربع رقم واحد في مباحثات السلام وينسف الاتفاقيات الدولية اوسلو فمدريد واقامة دولة فلسطينية مع اسرائيل جنبا الى جنب وفق تطلعات السلام الشامل لاقليم الشرق الأوسط، وبالتالي فان هذا الإعلان ينسف عملية السلام برمتها ويعلن حالة حرب سواء ساخنة أو باردة في اقليم الشرق الأوسط، وذلك يتطلب من الامة العربية كافة توحيد جهودها صوب مشروع وحدوي لغايات الرد على هكذا تصريح متهور.  وأوضح عبيدات أن ذلك يشكّل ضغطا احادي الجانب -ايضا- على الاردن الذي يعيش حالة مواجهة دائمة ويربطه أطول خط للمواجهة مع اسرائيل وهذا تحد كبير للأردن رغم انه يعيش في حالة تصالح وسلام بموجب اتفاقيات السلام، مع اسرائيل، وكأني أقول هنا إن اسرائيل تستخدم تصريحات نتنياهو لغايات تحقيق مآربها وحلمها أن تضم غور الأردن، لها، ولهذا فاننا نحذر من هذا التصرف الأهوج الذي سيعيد الى المنطقة والشرق الأوسط حالة الارهاب.
 سميح المعايطة
الوزير الأسبق سميح المعايطة أكد أنه من الواضح خلال السنوات الاخيرة ان مفهوم السلام والعلاقات مع الفلسطينيين والعرب لدى حكومة الاحتلال تغير جوهريا، وانتقل من كونه عملية تبادل للمصالح واعادة حقوق للفلسطينيبن الى اجراءات احادية اسرائيلية او امريكية كما حدث في عهد ترامب.
ولفت المعايطة إلى أن هذه الاجراءات لا يتم النظر الى تأثيرها على عملية السلام أو القانون الدولي، بل وفق ميزان القوة فقط واستغلال الوضع العربي والفلسطيني المتردي.