Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-May-2022

العنف والتهديدات في صعود، ومسلمو الهند يخشون الأسوأ

 الغد-رنا أيوب* – (الواشنطن بوست) 14/5/2022

 
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
كيف يمكن للمرء أن يتحدث عن تحلُّل أكثر ديمقراطية في العالم عدداً في السكان من دون أن يتعريه تشاؤم مُنهِك؟ كيف يظل المرء موضوعيًا عندما يتعلق الأمر بقصة تتضمن تجربته المُعاشة نفسها، واضطهاده وإذلاله؟ كيف يكتب المرء عن حبه لوطنه عندما يُنظر إلى أي محاولة لتسليط الضوء على الفاشية التي انطلقت من عقالها ضد شعبه على أنها تشويه لسمعة الأمة على المسرح العالمي؟
الهند -البلد التي يبلغ تعداد سكانها 1.4 مليار نسمة ويعتبرها الكثيرون في مختلف أركان العالم مثالاً على التعايش والتعددية والتنوع- تطبيق عليها نيران التفوقية الهندوسية. وقد أصبح الوضع فيها محفوفًا بالمخاطر لدرجة أن غريغوري ستانتون، مؤسس ومدير “منظمة مراقبة الإبادة الجماعية”، حذر من أن الهند قد تكون على أعتاب تنفيذ إبادة جماعية في حق المواطنين المسلمين. وكان ستانتون قد توقع المذبحة التي ارتُكبت ضد مجتمع التوتسي في رواندا قبل وقوعها في العام 1994.
وقد يرغب المرء في التقليل من شأن تصريح ستانتون باعتباره مبالغة أو وجهة نظر سوداوية. لكن ما يقوله، بالنسبة لأولئك منا المنتمين إلى الأقليات الهندية، هو حقيقة نعيشها كل يوم.
في الأسابيع الأخيرة، مُنعت النساء المسلمات في الجامعات في ولاية كارناتاكا الجنوبية من ارتداء الحجاب، وتعرضن للمضايقة والمطاردة من قبل القوميين الهندوس في الشوارع. ويتعرض القرويون المسلمون للضرب بسبب مزاعم عن قيامهم بتهريب الأبقار المقدسة لدى الهندوس؛ وتم على إثر ذلك اعتقال إحدى الضحايا المسلمين. كما وجهت محكمة في دلهي مؤخرًا انتقادات شديدة إلى شرطة دلهي لتمكينها ودعمها الغوغاء أثناء قيامهم بأعمال شغب بالقرب من أحد المساجد.
ولكن أين رد المجتمع الدولي؟ ما يزال العالم الذي يسارع إلى التعبير عن غضبه من الديكتاتوريات والديماغوجيين الآخرين يتباطأ في شجب انحدار الهند إلى هاوية هيمنة الأغلبية.
في نيسان (أبريل) الماضي، قام رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، بزيارة إلى الهند، وشوهد وهو يقود جرافة من نوع “جي. سي. بي” -نوع الآلة نفسه التي كانت قد استُخدمت لهدم منازل المسلمين الفقراء في دلهي قبل أيام فقط.
وفي الشهر نفسه، في اجتماع مع وزير خارجية الهند عُقد في 11 نيسان (أبريل)، صرح وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكين، بأن إدارة بايدن كانت تراقب انتهاكات حقوق الإنسان في الهند. وأخبرني مسؤول في إدارة بايدن أن المسؤولين الحكوميين “يجب أن يبقوا على مصالحهم الاستراتيجية مع الهند في الاعتبار، لكنهم يراقبون الأحداث في الهند بقلق كبير ويحرصون على التعبير عن هذه المخاوف في كل مناسبة”.
وسوف يلتقي الرئيس بايدن برئيس الوزراء ناريندرا مودي في اليابان في وقت لاحق من هذا الشهر كجزء من قمة “رباعية” (بين الولايات المتحدة، واليابان، وأستراليا والهند) لتعزيز العلاقات بين منطقتي المحيطين الهندي والهادئ. فهل سيتحدث بايدن عن التهديد الوجودي الذي يتعرض له المسلمون الهنود ويعبر عن التزامه بتعزيز القيم الديمقراطية؟ أم أن انتهاكات حقوق الإنسان لا تستدعي اهتمام العالم إذا كانت الدولة التي ترتكبها حليفًا استراتيجيًا مهمًا؟
بصفتي صحفية عاكفة على توثيق جرائم الكراهية والاضطهاد التي تمارس ضد المسلمين في الهند ومعاملتهم على أنهم “الآخَر” لأكثر من عقد من الزمان، وجدتُ أن بالوسع تمييز الأسابيع الخمسة الماضية وخلال شهر رمضان المبارك بسهولة على أنها الأصعب والأقسى بين ما تحتفظ به الذاكرة.
رأينا رجالاً يربضون على المساجد وهم يرفعون الأعلام الزعفرانية الهندوسية؛ والغوغاء وهم يرددون الشعارات التي تدعو إلى الإبادة الجماعية للمسلمين وهم يحملون السيوف بأيديهم؛ ورجل دين هندوسي يخاطب حشدًا ويهدد باغتصاب المسلمات. رأينا مقاطع فيديو لأشخاص، بمن فيهم عضو في حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم ورئيس قناة تلفزيونية يمينية، يتعهدون بتحويل الهند إلى دولة هندوسية.
كما وضع السياسيون اليمينيون مكبرات الصوت في المعابد القريبة من المساجد من أجل إغراق صوت الأذان بالصلوات الهندوسية. وأصبح يترتب على المسلمين الذين كانوا يستيقظون على نداء الأذان لصلاة الفجر أن يتعاملوا الآن مع الصمت الأخرس بينما تتوقف المساجد عن بث الأذان.
في هذا الشهر فقط، أشار نائب إحدى الولايات في مجلس النواب من حزب بهاراتيا جاناتا إلى أنه يجب إشعال النار في المسلمين، تمامًا كما أشعل الهندوس النيران في نصوصهم الإسلامية المقدسة. وتجمع القوميون الهندوس للاحتجاج خارج معلَم “قطب منار” الأيقوني الشهير في دلهي مطالبين بإعادة تسميته على اسم إله هندوسي؛ كما تم تقديم التماس في محكمة الله أباد العليا لفتح الغرف لفحص الأصنام الهندوسية في تاج محل، رمز الحب الذي بناه المغول. هل هذه الأمثلة كافية لإيقاظ الضمير الجماعي للعالم؟
في كل هذا، أين رئيس الوزراء ولماذا لم يصدر بيانًا من أجل الحفاظ على الوئام العام؟ سيقول لك أولئك الذين راقبوا مسيرة مودي السياسية -خاصة عندما كان رئيس وزراء ولاية غوجارات في العام 2002، عندما ذُبح أكثر من 1000 شخص، معظمهم من المسلمين، في عهدته وتحت أنظاره- إنه حافظ على صمت مماثل طوال فترة انتشار خطابات الكراهية والجرائم التي أدت إلى واحدة من أسوأ المذابح المعادية للمسلمين في التاريخ الحديث. وقد منعت الولايات المتحدة مودي من دخولها بعد أعمال العنف؛ ثم رُفع عنه الحظر وسط صعوده إلى منصب رئيس الوزراء في العام 2014.
اليوم، تشهد الهند إعادة تكرار غريبة لأحداث وسياسات ولاية غوجارات في العام 2002 تقريباً. وبتشجيع من الصمت الدبلوماسي العالمي، يخشى المسلمون الهنود من مواجهة ما هو أسوأ في الأيام المقبلة.
 
*رنا أيوب: صحفية هندية وكاتبة رأي بصحيفة “الواشنطن بوست”. وهي مؤلفة كتاب التحقيقات “ملفات جوجارات: تشريح التستر”.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: As violence and threats grow, India’s Muslims fear the worst