Sunday 8th of September 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Jul-2024

تحذيرات من مخاطر استنزاف المياه الجوفية

 الغد-إيمان الفارس

في ظل تنامي أسواق المياه المباعة بواسطة "تنكات المياه الخضراء" صيفا، نتيجة ازدياد الطلب على المياه؛ إثر ارتفاع درجات الحرارة وتكرار حالات الجفاف الناجم عن تغير المناخ، حذرت دراسة متخصصة من مخاطر استنزاف موارد المياه الجوفية في المملكة، نتيجة ارتفاع حدة كميات المياه المباعة بواسطة تلك الصهاريج من مصادر جوفية.
 
فيما بات سوق تنكات المياه "الخضراء" أو صهاريج بيع مياه الشرب، الملاذ الآمن للمواطن الذي يعاني عطشا في بلد يصنف ثاني أفقر دولة في العالم مائيا، أظهرت دراسة متخصصة نشرها الموقع الدولي "The Conversation"، وحصلت "الغد" على نسخة منها، أن "إجمالي 34 % من المياه الجوفية المستخرجة بما يتجاوز العائدات المستدامة، ما يؤدي إلى تفاقم استنزاف الموارد".
 
واليوم، ومع الواقع الذي يعيشه الأردني فيما يتعلق بحصته من المياه ولكافة الاستخدامات، والتي لا تتجاوز 61 مترا مكعبا في العام، دقت قضية ازدياد الاعتماد على المياه المنقولة بواسطة صهاريج مياه الشرب "الخاصة"، ناقوس الخطر إزاء أنشطة أصحاب تلك التنكات أو أصحاب الآبار ببيع مياه الشرب، والذين يعمل "بعضهم" دون تراخيص، أو من خلال آبار خاصة وبشكل مخالف، حيث طرحت تلك الأوضاع سؤالا مهما حول ما إذا كانت هذه الأسواق تخفف أو تزيد من حدة الإجهاد المائي. 
وفي ضوء تحذيرات الدراسة، التي أجراها باحثان أحدهما أستاذ مشارك في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، والآخر باحث في مجال اقتصاديات الموارد المائية، مركز هلمهولتز للأبحاث البيئية (UFZ)، من الطبيعة غير القانونية لهذا السحب، وإمكانية مساهمته في إعاقة الجهود الرامية إلى فرض قواعد الحفاظ على المياه الجوفية، أكدت وزارة المياه والري – سلطة المياه، سعيها الحثيث نحو استعادة السيطرة على ضخ المياه بالصهاريج غير المنظم من خلال إغلاق الآبار غير القانونية، حيث نجح هذا النهج في الحد من السحب غير المرخص من بعض تلك الآبار.
وفي السياق، أكد الناطق الإعلامي باسم وزارة المياه والري عمر سلامة، أن وزارة المياه والري - سلطة المياه، "تعمل على مراقبة كافة مصادر المياه والآبار المزودة لتلك الصهاريج أولا بأول وعلى مدار الساعة من خلال أخذ عينات من المصادر الرئيسية المرخصة والتأكد من مطابقتها للمواصفة الأردنية لمياه الشرب، بما يضمن سلامة نوعيتها".
وقال سلامة إن الوزارة وأجهزتها الرقابية والتفتيشية مستمرة بالتنسيق مع الجهات المعنية ذات العلاقة في وزارة الصحة والشرطة البيئية في الرقابة عليها، من حيث التسعيرة والنوعية.
وأضاف أنه يتم أخذ عينات من آبار المياه وفحصها والتأكد من سلامتها ومطابقتها للمواصفة، منوها بأن "كوادر سلطة المياه لا تملك الحق القانوني بمراقبة الصهاريج التي تنقل هذه المياه كونها من اختصاص جهات أخرى".
وجدد سلامة تأكيده التعامل الجاد مع أي ملاحظة ترد بخصوص أي مخالفات تتعلق بتلك الصهاريج، وإحالة المخالفين للحكام الإداريين وأجهزة الشرطة أصحاب الاختصاص بهذا الموضوع.
وبين أنه فيما يتعلق بالمخاوف إزاء تراجع مستوى المياه في الأحواض الجوفية، شدد على الجهود الكبيرة التي تبذلها الوزارة من خلال رفع كفاءة التزويد، وخفض الفاقد، والحد من الاعتداءات لمنع استنزاف تلك المياه، مشيرا إلى "حملات متواصلة حققت نتائج مثمرة في الحد من الاعتداء على مصادر المياه".
وأشارت الدراسة، التي أجريت بدعم من قبل مؤسسة العلوم الوطنية الأميركية، ومؤسسة البحوث الألمانية، ووزارة التعليم والبحث الفيدرالية الألمانية، كجزء من مبادرة بلمونت فوروم العالمية للتحضر المستدام، موضوع العلاقة بين الغذاء والمياه والطاقة، بالإضافة لدعم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، إلى أن "مراقبة عدد كبير من الآبار المنتشرة على نطاق واسع أمر صعب".
وزادت أن هناك دراسة أجريت في العام 2015، أظهرت أدلة على حالات عديدة من أصحاب الأراضي الذين يقومون بممارسات الاعتداءات المتكررة على موظفي الحكومة، وهذا أمر إشكالي بشكل خاص لأن مستويات المياه الجوفية في الأردن تتراجع بسرعة"، مضيفة أن "إجمالي كمية مياه الصهاريج المباعة سنويا تعادل 34 % من المياه الجوفية المستخرجة بما يتجاوز العائدات المستدامة، وبما يؤدي إلى تفاقم استنزاف الموارد".
وأظهرت الدراسة التي حمل عنوانها "أزمة المناخ تشهد ارتفاعا في أسواق المياه غير القانونية في الشرق الأوسط"، ارتفاع تكلفة المياه المنقولة من خلال صهاريج المياه، بما يصل إلى 23 مرة، مبينة أن تلك الصهاريج تلعب دورا أكبر بكثير في إمدادات المياه في الأردن مما كان يُعتقد سابقا.
وقال التقرير إنه "يتم نقل لتر واحد من كل ستة إلى سبعة لترات في البلاد عبر الطرق.. وهذا يشير إلى أن المدن الأردنية تتأثر بالفعل بشدة بنقص المياه على نطاق واسع".
وأشار إلى أن "أكثر من نصف المياه التي تستخدمها الشركات، يتم توفيرها حاليا بواسطة شاحنات الصهاريج، بما في ذلك غالبية المياه التي تستخدمها الفنادق والمتاجر والمطاعم".
"كما تعمل مياه الصهاريج كشريان حياة حاسم للأسر التي تواجه نقصا في المياه"، وفق التقرير الذي لفت إلى استخدام معظم الأردنيين خزانات التخزين على الأسطح واعتمادهم عليها، لا سيما وأن التزويد المائي في المملكة يعتمد على التزويد المتقطع ووفق برنامج تزويد مجدول بين المناطق، فيما يتم الاعتماد على التزويد من خلال صهاريج المياه عندما تنفد خزانات التخزين أو عندما تنقطع مياه الصنبور، وذلك لسد الفجوة".
وأوضح أن "شريان الحياة هذا مكلف للغاية، حيث تدفع الأسر ما يصل إلى 23 ضعفا مقابل مياه الصهاريج مقارنة بالمياه المنقولة عبر الشبكات، والسبب الرئيسي هو تكلفة النقل".
وقال: "تقطع شاحنات الصهاريج 29 كيلومترا في المتوسط لشراء المياه من الآبار الريفية وتسليمها، وهذا يجعل توصيل المياه عبر الطرق أكثر استهلاكا للطاقة وأكثر تكلفة من توفير المياه عبر الشبكات".
وأضاف: "إننا نقدر أن النقل وحده يتطلب في المتوسط 18 كيلو وات في الساعة من الطاقة لكل متر مكعب من المياه المباعة، أو ما بين 3 إلى 6 أضعاف الطاقة التي تتطلبها تحلية مياه البحر، وهي عملية كثيفة الاستهلاك للطاقة، ما يتسبب في انبعاثات كربونية إضافية".
وأدرجت الدراسة خريطة، من خلال مشروع FUSE الذي قام بربط النماذج التي طورها خبراء الاقتصاد وعلماء المياه لرسم خريطة لأسواق المياه غير القانونية في الأردن، وأظهرت أن الكمية التي يتم ضخها من طبقات المياه الجوفية في الأردن لتسليمها بواسطة شاحنات الصهاريج، "أكبر بعشر مرات من الكمية المسموح بها بموجب تراخيص الآبار".
ووفق الدراسة، "من المتوقع أن يتضاعف عدد سكان الأردن بحلول العام 2050،  وخلال الفترة ذاتها، تنخفض مستويات المياه الجوفية في الأردن بنحو متر واحد سنويا، فيما يتوقع أن تنخفض موارد المياه السطحية بنسبة 20 %، وهذا من شأنه أن يجعل من الصعب على شركات المياه توفير المياه الكافية للجميع".
وبينت: "بالتالي، فإن اعتماد الأسر على توصيل المياه سيزيد بمقدار 2.6 ضعف بحلول منتصف القرن ما لم يتم تحسين وضع إمدادات المياه في المناطق الحضرية"، مشيرة إلى مساهمة ذلك في نمو مبيعات سوق المياه الإجمالية بأكثر من 50 %، ما يفرض المزيد من الضغوط على موارد المياه الجوفية في البلاد.
ورغم الدور المتزايد لأسواق المياه، فإن أسرا عدة معرضة لخطر فقدان الوصول إلى توصيلات المياه بالصهاريج، في الوقت الذي تشتري فيه حاليا جميع الأسر تقريبا التي تقل حصة الفرد فيها عن 40 لترا يوميا من المياه المنقولة عبر الشبكات، مياها من خلال الصهاريج، وفق الدراسة.
وقدرت الدراسة أنه بحلول العام 2050، سيرتفع سعر توصيلات المياه بمقدار الثلث، مع انخفاض مستويات المياه الجوفية وازدياد مسافات النقل، وبالتالي، وفي ظل هذه الزيادة في التكلفة، "لن تتمكن سوى ثلثي الأسر التي تعاني من نقص المياه من تحمل تكاليف توصيل المياه".
وفي هذا الإطار، أوصت الدراسة بأهمية "تبني سياسات توفق بين وصول الأسر إلى إمدادات المياه وإدارة المياه الجوفية المستدامة، توازيا وإمكانية أن يمثل الأردن قدوة في هذا المجال".