Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Jan-2018

مبادرة «فرنسية» بديلة...لِـ «صفقة القرن» إذا لم تُعجِبكم الأخيرة؟ - محمد خروب

الراي - هكذا قال الفرنسيون لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس عبر موفد خاص ارسله الرئيس ايمانويل ماكرون الى رام االله, على ذمة جريدة الحياة اللندنية، داعياً عباس الى «عدم الانسحاب» من العملية السلمية التي ترعاها الولايات المتحدة, و»التعرّف» على تفاصيل الخطة الاميركية قبل اتّخاذ القرار برفضِها, مؤكِّدا (ماكرون) استعداد باريس لتقديم خطة «بديلة» اذا «فشِلت» الخطة الاميركية. خبر الصحيفة «العربية» اللندنية لم يكن جديداً, بل كانت القناة العاشرة الاسرائيلية سبقَتها بأسبوع في نشر خبر ارسال ماكرون مستشاره السياسي اورليان لاشباليه, في زيارة «سرِيّة» الى رام االله مطلع الاسبوع اياه, بهدف «تهدئة الفلسطينيين وعباس, ومن اجل إعطاء (فرصة) لخطة السلام الاميركية والرد عليها... بعد نشرها رسمياً».

 
لا فروقا جوهرية في ما نشرته «الحياة» وما اذاعته قبلها القناة الاسرائيلية, إلاّ في عدد العرب ممن يستمِعون الى القناة الناطقة بالعبرية وهم قِلّة, كما لا تتم متابعتها الا من قِبل اوساط متخصِّصة، اما الصحيفة اللندنية فقد استندت الى مسؤول أوروبي «بارز» كي تنشر خبرها الذي يمكن ادراجه في بند الترويج لموقف فرنسي ربما يكون ايجابياً أو مغايراً للموقف الأميركي المنحاز لإسرائيل وإن كان ذلك غير مؤكد, من «عملية السلام» التي هي في حال موت سريري منذ فترة طويلة, وجاء قرار ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة العدو الصهيوني مثابة إطلاق رصاصة الرحمة على وهم فلسطيني استطال لربع قرن من الزمان, دون ان يحقِّق المراهنون عليه اي انجاز, على طريق تخليص الشعب الفلسطيني من عسف الاحتلال وتنكيله واستيطانه، وسرقة ما تبقى من ارضه، وهو ما كانت حذّرت منه فصائل وحركات واحزاب فلسطينية وعربية ودولية عديدة, لكن «أهل» اوسلو لم يعيروا تلك التحذيرات اي اهتمام, بل شكَّكوا في دوافع هؤلاء الوطنية والقومية, ولم يتردّدوا في السخرية منهم واتهامهم بالمزايدة والتطرف وعدم فهم لغة العصر وحقائق موازين القوى في المنطقة, وغيرها من المصطلحات التي برع – ويبرع – هؤلاء في نحتها منذ ان بات «اوسلو» خشبة خلاصهم ورهانهم الأخير الذي لا بديل منه لديهم.
 
ما علينا..
اذا ما صحّ خبر الرسالة السريّة الفرنسية التي لم يصدر عن قصر الإليزيه نفي لها، فإننا نكون بالفعل امام لعبة جديدة/قديمة تسمى «لعبة شراء الوقت» التي تتقنها القوى الغربية, والتي من خلالها تستطيع تنفيس الغضب والاحتقانات المشروعة والعادلة للشعوب المُستَعمَرَة, عبر إلهائها بمبادرات وخطط ومقاربات بديلة يُمكّنها الوقت المُستقطَع هذا من إدخال القوى والدول والمجامع المُستهدَفة, في إطار جديد من التسويف والنقاش وتدوير الزوايا، فيما الطرف الآخر ـــ المستعمِر الاسرائيلي ـــ يواصِل تكريس الحقائق على الارض ويدفع الى الامام بسياسة الامر الواقع, التي تمكَّن جورج بوش الصغير من استثمارها عندما ارسل «خطاب الضمانات» لارئيل شارون في نيسان العام 2004 تتعهّد فيه واشنطن لإسرائيل بضمان «حقِّها» ببقاء مستوطناتها في الضفة الغربية جزءا من دولتها اليهودية, لانها باتت «امرا واقعاً» ولا يجوز اقتلاع «اليهود من بيوتهم»..
كذلك يمكن التوقف عند «مؤتمر السلام» الذي دعت اليه باريس في اواخر ايام عهد الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند, الذي اخذ على نفسه «عهدا» بان تعترف بلاده رسميا بـ»دولة فلسطين» في حال فشل هذا المؤتمر, شريطة ان يوقف عباس مسعاه لطلب عضوية دولة فلسطين في الامم المتحدة – ورأينا كيف اجهض نتنياهو هذا المؤتمر رافضا حضوره متهما باريس بالانحياز للرواية الفلسطينية, فتلعثم هولاند ولم ينعقد المؤتمر كما ان الاعتراف الموعود تبدّد – مثلما يتبدد اليوم.. فرنسياً وأوروبياً, بذريعة ان الوقت غير ملائم لاعتراف كهذا, يمكن «ان يعيق جهود السلام» (...).
 
قد يكون «الوعد» الفرنسي الحالي بطرح مبادرة جديدة, ينهض على رغبة فرنسية/ أوروبية دفينة بلعبة دور سياسي ودبلوماسي اكثر فاعلية, بعد ان اقترب ترمب ونائبه المتصهين بنس من دفن الجثة المسماة «عملية السلام» وبخاصة بعد ان «ازاح» القدس نهائيا عن طاولة المفاوضات, وسرّب عناوين «صفقة القرن» خاصته التي تدعو دول عديدة الفلسطينيين، الى انتظار طرحها «رسمياً» ليقرّروا الموقف النهائي منها, قبل ان يواصلوا القول: ان لا دور بعد الان لوساطة اميركية في جهود السلام. الاّ ان الرهان على ان تكون المبادرة الفرنسية «الموعودة» مختلِفة كثيرا او على نقيض من صفقة ترمب او مواقف اليمين الفاشي الاسرائيلي الذي يمثله نتنياهو وحكومته، سيكون رهانا خاسراً, اذ لا شيء يمنع نتنياهو من رفع اصبعه الوسطى في وجه ماكرون، ما بالك ان باريس (والاتحاد الاوروبي) غير مستعدة للاصطدام بساكن البيت الابيض غير المتوقعة ردود افعاله، وخصوصا في الوقت الذي تتواصل فيه التسريبات الاسرائيلية المصحوبة بحملة «غمزٍ» مكثفة من وزير الخارجية الاميركي السابق جون كيري, عبرالإدعاء بانه قال لعباس: «لا تستسلم لمطالب ترمب» وانه نقَلَ لعباس رسائل عبر مقربين له يقول له فيها: «اصمد وكن قوياً» ناصِحاً ايّاه بأن «يلعب على الزمن.. وألاّ ينكسر وألاّ يستسلم لمطالب ترمب الذي (وفق التسريبات) لن يبقى في منصبه لزمن طويل, والاحتمال جيد انه في غضون سنة... لن يكون في البيت الابيض».
 
ربما نسي هؤلاء أو تناسّوا ان الذي سيخلف ترمب هو نائبه مايك بنس الافنجيلي المتشدد والاكثر صهيونية وتعصباً من نتنياهو, وهو مَن قال بعد «صلاته» عند حائط البراق: لقد جدّدت... إيماني.
kharroub@jpf.com.jo