Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Oct-2018

ما بعد الربيع العربي.. ! - سامر محمد العبادي

الراي -  هل تجاوزنا الربيع العربي وبتنا نعيش ما بعده؟ وهل العرب قبل الربيع مثل العرب بعده؟ وكم هي التكلفة التي دفعها الإنسان العربي إثر هذه الأحداث والسنين التي لم تفضِ بعد إلى نتائج حاسمة قادرة على تحديد شكل «الأنموذج».

جملة من الأسئلة تجترحها المرحلة الحالية التي باتت تختلف عن سابقاتها من سنينٍ تشابهت في حراكها الشعبوي إلى نتائجها الدموية، وإذا كانت سنين الربيع العربي تحمل المقدمات التي حملها الحراك الشعبي وأحلامه الوردية الأولى، في أكثر من مجتمع ودولة عربيةٍ فإن المرحلة الحالية تعيش أزمة أعمق.
فنحن أمام حالة انحسار للمد الجماهيري، وغيابٍ للنموذج الذي أدمنه العرب منذ مئات السنين،وتآكل البُنى التحتية الإجتماعية عقب ما جاء عليها العنف والدمار الذي خلفته مرحلة الربيع المثقلة بالدماء.
وفي السنين القليلة التي مضت سارت كل دولةٍ عربيةٍ على منوالٍ يختلف عن شقيقاتها في نسق تجربتها، وهذا التمايز يضعنا لأول مرة في تاريخنا العربي المعاصر أمام حالة عربية غير مألوفةٍ من قبل، أو منذ مئات السنين إذ لم تتشابه أحلامنا كشعوبٍ.
وبالعودة إلى عقودٍ مضت من تاريخنا نجد أن حتى الدول الوطنية تشكلت من رحم الفكر العربي الواسع الأفق الذي يحمل خطابه مفهوم الوحدة أوالتضامن أوسواها من المفاهيم القومية أو الوحدوية التي كانت هي الأساس وسواها مكملات فكرية.
وبقيت هذه المفاهيم تتفاعل وتشكل خطاباً سياسياً وشرعيةً ومشروعية للدول العربية خاصة بالمشرق، إلى أن أصابنا زلزال الربيع العربي، لنجد أن ما طفا على السطح من عمق العقل المجتمعي – حين تكلم – هو رواسب مخيالٍ شعبي يرى ماضيه العميق شكلاً مغايراً مما رأته نخبته.
وليتأمل القارئ، ما جرى بسوريا وليبيا والعراق واليمن من بروز لعصابة داعش وأسلوبها، فضلاً عما شهدته دول أخرى من أفكار وسواها وأشباهها شكلت صدمة لدى نخبة من المثقفين والأكاديميين والمتعلمين والكتاب الذي هم أيضاً غابوا في سنين الربيع العربي، كصوتٍ وإن حضروا وسط الزحام فإنهم منقادون للشعبوية لا قادة للعقول.
صيرورة هذه الأحداث، وغياب أدبيات ما شهدناه، حتمت أن نرى «أنموذجاً» آخر متخيلاً لدى المجتمعات العربية عبرت عنه النتائج، واليوم تتآكل الصورة عن وتنحسر الموجة، وصرنا فيما بعد مرحلة ما بعد الربيع العربي.
ولكننا، نقف أمام مشهدٍ كثير التفاصيل، قليل الأفكار، شحيح الحلول، لا يغني فيه العويل ولا يسمن من جوعٍ، ولا حتى تصلح أمامه أي موشحة مطلعها بـ « قفا نبكِ»!
فما بعد الربيع العربي، وهذه المرحلة التي تحمل مقدمات جديدة، يستدل عليها من ملامح اليأس وتغير شكل القوى بالمنطقة كالإستدارة الأميركية والتمدد الروسي وتجاسر الاحتلال وتضخم القوميات المجاورة، بل وجرأتها على هذه المجتمعات المنتهكة المتعبة يجعل من السؤال أكثر صعوبة من الجواب !
النازلة الأعمق في لحظات تأمل ما يجري لدى مجتمعاتنا العربية هي أنها تفتقد للوجدان الذي كان لمئاتٍ من السنين محركها، ويغيب عن كثير من خطاباتها الحس الإنساني والحلم الوردي الذي تنشده، فأنت اليوم أمام مجتمعات فقدت المقدرة على الحُلم !
وحين تتحدث عن شعوبٍ ومجتمعاتٍ بلا حلم وبوجدان ضعيف الجذوة، فأنت تخشى هنا أن تطول المحنة في مرحلة ما بعد الربيع.. حتى وإن هدأت الموجة !