Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Dec-2017

نعم لتعلّم اللّغات الأجنبيّة - د. صلاح جرّار

الراي -  الدعوة إلى استخدام اللّغة العربيّة بدلاً من اللّغات الأجنبيّة في التعاملات اليوميّة وفي التعليم المدرسي والجامعي وفي الأبحاث والمؤسسات الوطنيّة ولا سيّما التي تتولّى مهمّة المحافظة على الهويّة الثقافيّة للأمّة كالمؤسسات التعليميّة والإعلاميّة والثقافيّة والتربويّة والدينيّة والعلميّة، لا ينطوي بأي حال على الدعوة لعدم تعلّم اللّغات الأجنبيّة، بل على العكس من ذلك فإنّ تعلّم اللّغات الأخرى غير اللّغة الأمّ له فوائد جمّة لا تكاد تحصى، ولكن لا يعني أن تكون هذه اللّغات التي نتعلّمها بديلاً عن لغتنا الأمّ، لأنّ اللّغات الأجنبيّة لها استخداماتها في مجالات محدّدة، كأن تكون في جمعٍ أو مجلسٍ أو ندوةٍ كلُّ من فيها يتحدثون لغة أجنبيّة بعينها، فعند ذلك يحسن بك أن تتحدث لغتهم إذا كنت تتقنها أو أي لغة مشتركة يتقنها الجميع. أو أن تكون مسافراً إلى بلدٍ تجيد لغة أهله، فإنه يحسن بك أن تتحدث معهم بلغتهم، أو أن تقرأ صحيفة أو كتاباً صادراً بلغةٍ غير لغتك الأمّ، أو أن تتفاوض حول مسألةٍ ما مع من لا يحسنون لغتك بينما أنت تحسن لغتهم، فهذه وسواها كلّها حالاتٌ يحسن بك أن تتحدث لغة أجنبيّة فيها. أمّا أن تتحدث بهذه اللّغة الأجنبيّة بين أبناء قومك سواءً في المجالس العامّة أو مجالس العلم أو وسائل الإعلام دون أيّ مسوّغ، فذلك ما لا يقبله المنطق السديد ولا الذوق السليم قطعاً.

ولتعلّم اللّغات الأجنبيّة وإتقانها فوائد جليلة، ولعلّ من المستحسن أن لا يكتفي المرء بتعلّم لغة أجنبيّة واحدة بل يضيف إليها لغة ثانية أو ثالثة أو أكثر، وقد عرفت صديقاً ألمانياً في بداية التسعينيات من القرن الماضي كان يجيد ثماني لغات، وتعرفت مؤخراً على صديق نمساوي عندما سألته عن عدد اللّغات التي يتقنها فقال لي: فقط عدداً قليلاً من اللّغات لا يتعدّى خمس لغات، فضحكت من إجابته التي يستقل فيها عدد اللّغات التي يعرفها، وقد سمعته بنفسي يتحدث الإنجليزية والألمانية والفرنسية.
ومن أهمّ فوائد تعلّم اللّغات الأجنبية أنّها تجعلك على اتصال مباشر مع ثقافات الشعوب وأنماط تفكيرها وأن تتبيّن مداخل التعامل مع أبنائها دون تردّد أو وجل، فضلاً عن كونها تغني معرفة الشخص ومداركه، كما أنها تمكن الشخص من التواصل مع الإنتاج العلمي والفكري والأدبي المنشور بتلك اللّغات دون وسيط، ولا سيّما للباحثين والمتخصصين.
كما أنّ من أهم فوائد تعلّم اللّغات أنها تساعد الشعوب على التغلب على نقص المعلومات عن الآخرين وتحول دون إصدار الأحكام العشوائية المجحفة بحقّ الشعوب وثقافاتها.
كما أنها تساعد على تنشيط حركة الترجمة بين اللّغات وتحقيق مزيد من التواصل والتعارف والتفاهم بين الثقافات المختلفة.
وعلى الصعيد الشخصي، فإنّ إتقان لغة أجنبية أو أكثر تساعد الشخص على تعزيز ثقته بنفسه من خلال قدرته على التفاعل والمشاركة مع الآخرين في أحاديثهم ومناقشاتهم، كما يساعده على التواصل مع غيره من أبناء الثقافات الأخرى بثقة واقتدار، ويكون ذلك مدخلاً إلى النجاح والتقدّم.
وعلى ذلك، فإنني أدعو الأجيال الناشئة التي ما زال في ذاكراتها متّسع كافٍ أن تتوجه إلى تعلّم اللّغات الأخرى والاستفادة ممّا لديها من معارف وعلوم وأفكار وثقافات.
salahjarrar@hotmail.com