Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Feb-2018

ضربة خفيفة على جناح الوقاحة - جدعون ليفي

 

هآرتس
 
الغد- الوقاحة الإسرائيلية ربما لم تصل أمس إلى نهايتها، لكنها بالتأكيد تصدعت. فجأة تبين أن إسرائيل ليست وحدها في سماء الشرق الاوسط. فجأة اتضح أيضا أنه لقوتها العسكرية الكبيرة حدود. ربما يأتي الخير من الشر وتدرك إسرائيل حقيقة أنها لا تستطيع السيطرة، وحتى لا تستطيع أن تعيش إلى الأبد فقط على حد السيف، ولا على طائراتها المتقدمة. سوية مع الـ أف 16 التي تم اسقاطها، ربما أيضا تم اعتراض العقيدة، التي تقول إن كل شيء يمكن أن يحل بالقوة، يجب الحل من خلال القوة، قبل كل شيء بالقوة، دائما بالقوة وفقط بالقوة. 
عشرات السنين من التفوق الجوي، وأحيانا التفرد الجوي مثلما في سماء غزة وسماء لبنان، جعلت إسرائيل تتصرف وكأنها ليس فقط التي تسيطر على السماء في الشرق الاوسط، بل هي أيضا الوحيدة التي لا يمكن بدونها. أمس وصل هذا الافتراض إلى نهايته. فإسرائيل ليست وحدها في السماء والثمن مؤلم. إن الوقفة الهزلية كانت عندما ادعت إسرائيل بأن الطائرة الإيرانية بدون طيار اخترقت سيادتها. لها مسموح اختراق السيادة وأن تطير في سماء لبنان وأن تقصف في سورية والسودان، وبالطبع في غزة التي لا حول لها، وفقط الطائرة الإيرانية بدون طيار اخترقت السيادة.
لم يكن هناك شيء أكثر توقعا من اسقاط الطائرة أمس. رغم كل محاولات اخفاء الأثر، الطائرة سقطت، وإسرائيل تلقت ضربة بسيطة على جناحها. بعد عشرات عمليات القصف الناجحة- ظاهريا- في سورية، كان من الواضح أنه ذات يوم سيحدث هذا. طائرة إسرائيلية قادرة على كل شيء سيتم اسقاطها. لم يفكر أحد بما سيحدث بعد ذلك وإلى أين سيؤدي. نشوة النجاحات جعلت إسرائيل تزيد من تكرار القصف، بين قصف وآخر اعتقدت إسرائيل أن قوتها زادت. الجميع صمت، وأحد لم يقل "قف". ولم تولد بعد عملية قصف لم تحظ هنا بدعم كبير جدا. يقصفون؟ لا يوجد أفضل من ذلك. سورية تنزف، ما السيئ في ذلك.
القليلون يعرفون أن كل عمليات القصف هذه كانت ضرورية، وما إذا كانت فائدتها أكبر من ضررها. الجميع صمت أو صفق. لعمليات القصف أيضا ضرر وثمن متراكم. احيانا هي تحث العدو، واحيانا تزرع لديه تطلعات الانتقام. وعندما يقول المحللون الإسرائيليون طوال أشهر بأنه ليس للطرفين أي مصلحة في الحرب،  يجب اعداد الملاجئ. هم دائما يقولون هذا قبل أي حرب.
لا يجب الاستخفاف بالخطر الحقيقي لتسلح إيران قرب الحدود، هذا خطير ومخيف. مؤامرات التوسع الإيرانية يجب أن تقلقنا. ولكن لا يمكن حل كل شيء، وبالتأكيد ليس بالقصف. يجب الاعتراف بذلك. في إسرائيل، مع جيش المحللين العسكريين الذي يعرف فقط تكرار ما يملى عليه، فإن موضوع مثل القصف في سورية لم يطرح اطلاقا للنقاش. في إسرائيل ليس هناك أيضا أي معارضة جدية لأي شيء: أمس أيضا صفق اليسار، وسط تشجيع ودعم، ومثلما هي الحال بعد كل قصف وقبل كل حرب. 
أيضا السياسة العامة لإسرائيل تجاه إيران لم تطرح في أي يوم للنقاش. شعب الجيش والسيف دائما ضد الاتفاقات ومع أي حرب. المعارضة في إسرائيل هي فقط للاتفاقات. بالنسبة لرئيس الحكومة واليمين الحاكم  فإن كل اتفاق هو اتفاق ميونيخ. قليلون عارضوا حملة المعارضة التي ادارها نتنياهو ضد الاتفاق مع إيران. مشكوك فيه اذا كان قد تحققت لإسرائيل فائدة ما منها. تشرتشل الإسرائيلي قادها نحو الهاوية. يصعب بالطبع معرفة ماذا كان سيحدث لو أن إسرائيل أيدت الاتفاق، لكن الحقيقة هي أنها الآن تقف أمام خطر حرب مع إيران. لا يوجد اسوأ من ذلك، الوقاحة تجبي ثمنا. هذه هي الوقاحة التي تقول إنه يمكن أن نترك غزة تحتضر والضفة تغلي حتى النهاية، فقط لأننا أقوياء. هذه هي الوقاحة التي تقول إنه فقط إسرائيل مسموح لها التسلح بلا نهاية، والجميع يجب أن يخضعوا إلى الأبد. وعندها يسقط شخص من طائرة في المساء أو في الصباح، وتكتشف إسرائيل فجأة الواقع: هي ليست وحدها، ولا تستطيع فعل ما يحلو لها، وهي بالتأكيد لا تستطيع أن تستند فقط على قوتها العسكرية إلى الأبد.