Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Feb-2018

ترمب يحبها ساخنة !! - محمد كعوش

الراي -  اجمل ما سمعت من رجل قانون عربي قوله ان الرئيس الأميركي ترمب غريب عن عالم السياسة فهو خبير في تصفية الشركات « مصفّي شركات « ، وانا ازيد فأقول أنه وسّع من اختصاصه ليصبح « مصفّي دول « ايضا !!

اعادنا الرئيس ترمب ، والعود احمد ، الى أجواء عهد الحرب الباردة وسباق التسلح ، في عالم منقسم
يسوده التوتر النووي ، وفي اكثر من مرة قاد الرئيس الأميركي العالم الى حافة مواجهة نووية ، كما
حدث عندما اقترب كثيرا من الأزمة الساخنة مع كوريا الديمقراطية الشعبية ( الشمالية ) في وقت قريب مضى ، وكذلك عندما اقتربت قواعد الصواريخ الأميركية من حدود روسيا الأتحادية في عملية اعادة الأنتشار بهدف تطويق روسيا بعد الأنقلاب في اوكرانيا .
موسكو تتهم واشنطن باعتناق « العقيدة النووية « وتهديد الأمن الروسي ، كذلك الصين الشعبية تتهم الأدارة الأميركية بالمبالغة في وصف القدرات النووية للصين ، وتعتبرها حجة من أجل فتح الأبواب امام سباق التسلح ، خصوصا ان واشنطن قد اعلنت عن البدء بمشروع تجديد ترسانتها النووية ، وانتاج سلاح نووي محدود لتزويد القوات الأميركية بهذا السلاح واستخدامه في المعارك البرية .
هذه التطورات الجديدة المتسارعة في المشهد الدولي تدعونا للأعتقاد بأن جدار برلين لم يسقط ، أو أن الادارة الأميركية الجديدة الناشطة في سياسة بناء الجدران قد اعادت بناء الجدار ، ولكن ليس في برلين أو في ذات المكان او الزمان ، فالمقصود أن ترمب قد هدم كل الفواصل التي كانت تحجب العالم عن مرحلة سباق التسلح والحرب الباردة ، ربما لأن الرئيس الأميركي يفضلها ساخنة ، لذلك نرى أن اجواء التوتر الدولي تهدد السلم العالمي بشكل جدي ، لأول مرة منذ ازمة الصواريخ السوفياتية في كوبا ، وهي المواجهة التي كادت أن تؤدي الى لأشتعال الحرب النووية في العام 1962.
منذ وصوله الى البيت الأبيض سعى ترمب الى بناء جدار وهمي لتقسيم العالم ، كما اشتبك مع دول وشعوب تمثل أكثر من نصف الكرة الارضية ، وفي مقدمتها روسيا والصين وايران وكوبا وكوريا الشمالية وفنزويلا وبعض دول أميركا اللاتينية الاخرى ، اضافة الى خلافاته مع القارة الأوروبية باعتبارها « القارة العجوز « ، واعتقد أنه بسياسته هذه قد سلخ دول الاتحاد الأوروبي عن المحور الأميركي ، باعتبار ان ترمب يمثل العالم الجديد ، وقد يعتقد ربما واهما أن الولايات المتحدة ما زالت تقود العالم ، دون ان يدرك أن العالم قد تغير واصبح متعدد الأقطاب .
اما بالنسبة للموقف الأميركي المعلن من قضايا الشرق الأوسط فهو على خلاف معلن مع تركيا حول قضية أكراد سوريا ، كما أن الرئيس الأميركي اعتنق العقيدة الصهيونية في مواجهة ايران ، والتي تستهدف الأتفاق الدولي حول الملف النووي بهدف تعطيله أو تعديله أو الأنسحاب منه ، كما حاولت وتحاول واشنطن عرقلة الحل السياسي في سوريا ، وتعمل سياسيا وعسكريا من أجل فرض واقع جديد على الأرض في الشمال السوري كخطوة اولية على طريق التقسيم وهو المشروع المشبوه الذي افشله صمود الشعب والجيش وتماسك مؤسسات الدولة السورية .
واخيرا وليس آخرا قدم الرئيس الأميركي القدس هدية لنسيبه كوشنر واعلنها عاصمة موحدة ابدية لليهود ، معتبرا أن اليهودية قومية ودولة وليست ديانة فقط !!
هذا هو نهج الترمبية اليمينية المتشددة ، وهذه هي قرارات الرئيس الأميركي الجديد السياسية الارتجالية غير المدروسة ، التي اضرت بالمصالح الأميركية في كل جهات الأرض ، واحدثت المزيد من الفوضى والعنف في العالم ، وقد تحتاج واشنطن للخروج من عزلتها وازماتها الداخلية والخارجية ، الى جهود كبيرة متواصلة مكلفة ، كما ستكون بحاجة لتحسين صورتها في مرحلة ما بعد ترمب ، وقد تستغرق عملية التجميل وقتا طويلا جدا .