الغد-هآرتس
بقلم: جدعون بن نون
كما هو معروف، فإن الاقتصاد وسياسة الجغرافيا يسيران معا. وحرب 7 تشرين الأول (أكتوبر)، أحدثت ضرر كبيرا ومتواصلا لاقتصاد إسرائيل. خلافا للاقتصاد العالمي، الذي يوجد في عملية إيجابية، فإن الاقتصاد الإسرائيلي يوجد في الوقت الحالي في حالة تراجع. عبء تكلفة الدفاع ثقيل، ويبدو أنه سيكون لفترة طويلة.
بعد انتهاء "كورونا" نشأ وضع متطرف. الوباء وقيوده عطلت الطلب وخفضت العرض، وبعد سنتين تقريبا، تم تحرير الصمام والنتيجة كانت تضخما للقفز ووصل إلى 10 %، في بعض الاقتصادات.
في اعقاب حرب 7 تشرين الأول (أكتوبر)، التضخم في إسرائيل ارتفع خلافا لمنحى الهبوط في العالم. التضخم المرتفع قريب من 4 %، ويبدو أنه نشأت ظروف ستسمح له بمواصلة الارتفاع إلى مستوى 4 %. سبب ذلك هو أن منافسة الاقتصاد الأمني على الموارد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار في السوق المدنية. توفر الرغبة في الاستهلاك وكمية من يعرضون والعرض في الخدمات وفي سلع معينة، كل ذلك يوجد في حالة انخفاض، وفي موازاة ذلك، عوامل مثل الضرائب، الأجور، أسعار منتجات الاستيراد وأسعار الخدمات الضرورية، توجد في حالة ارتفاع. نتيجة ذلك هو ارتفاع الأسعار في الاقتصاد.
الجميع يأملون ويعتقدون أن الحرب ستنتهي بانتصار مطلق لإسرائيل على أعدائها. ولكن هل نهاية الحرب ستجلب معها ظاهرة اندفاع أو ارتفاع معين في التضخم، شبيها بما كان بعد "كورونا". حسب معطيات المكتب المركزي للإحصاء، فإن مؤشرات الشراء في بطاقات الائتمان تشير إلى نشاط معتدل مقارنة مع السنة الماضية في فروع كثيرة من الاقتصاد، حتى في نشاطات الاستهلاك الخاص والشراء "الصناعي"، أي في نشاطات الشركات.
الحرب تثقل على الطلب لأسباب واضحة، الأمر الذي يجعل العرض يتلاءم ويخفض وفقا لذلك، لكن هذا الوضع يخلق احتمالية الضغط والنقص في اليوم الذي "سيتحرر" فيه الطلب، ويعود إلى مستواه الطبيعي.
العلامات الأولية التي يتم الحصول عليها من سوق الشقق وأخذ قروض السكن، تشير إلى أن هناك فروعا يوجد فيها طلب ينتظر المزيد من اليقين كي يتحرر. الحرب أوقفت قرارات الشراء والاستثمار بأحجام كبيرة، التي مع أو قبل انتهاء الحرب، ستخرج إلى حيز التنفيذ، الطلب سيرتفع ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
أمام هذا الاستيقاظ، ربما حتى اندفاع الطلب في نهاية الحرب يتوقع أن يكون هناك عرض مقلص. هذا الأمر يبرز في فرع السكن مع القليل من بدايات البناء، لكنه يوجد في فروع أخرى، التي تم فيها تعطيل النشاطات أو تقليصها أثناء الحرب. التقليص يتم الشعور به الآن في عرض منتجات على الرفوف، لأن الاستيراد أصبح يتم بحذر وبشكل مقلص في السنة الأخيرة، في أعقاب عدم الوضوح بخصوص وضع الاستهلاك الشخصي.
إضافة إلى ذلك، في الفترة الحالية الكثير من المصالح التجارية تغلق نشاطاتها بسبب عدم الجدوى، هكذا فإنه في اليوم التالي للحرب يتوقع أن يكون هناك نقصا كبيرا جدا في مقدمي الخدمات. يمكن توقع مواصلة وربما تفاقم عرض العمال في سوق العمل، بالضبط كما كان الأمر بعد وباء "كورونا"، في حينه ترك الكثير من الأشخاص دائرة العمل بعد الصدمة، ببساطة كي يعيشوا حياتهم. هذا الوضع من الطلب المندفع إزاء عرض محدود حدث بعد "كورونا"، وهو وصفة واضحة لاندفاع كبير في التضخم، بالضبط كما كان الأمر في نهاية الوباء.
في العام 2020 بعد وباء "كورونا"، تم نشر تحليل مهم للبنك الفيدرالي في سان فرنسيسكو، الذي قارن بين تأثير الأوبئة والحروب على الاقتصاد في مجال الفائدة الحقيقية والأجور وما شابه. الفرق الأساسي هو الضرر في البنى التحتية الموجود في الحرب، الحاجة إلى تجنيد رؤوس الأموال وسياسة الفائدة الناتجة عنه. وتشير دراسات إضافية من العام نفسه، إلى الارتباط بين العجز الناتج في زمن الحرب والتضخم، وتتم تسميته بأنه "ضريبة التضخم"، التي تنشأ عن احتياجات المصادر.
لذلك، إذا أضفنا إلى سلوك العرض والطلب في الاقتصاد الحاجة التي ستكون في إسرائيل لترميم الاقتصاد والسوق، وبناء بنى تحتية ودعم فروع معينة، فسنحصل على نوع من التوابل الذي سيزيد من حدة العملية على مستوى الاقتصاد الجزئي في اليوم التالي للحرب. خلافا للاوبئة، فإن الحروب تخلق أضرارا في الممتلكات والبنى التحتية والمباني وخطوط المواصلات والسيارات. إضافة إلى ذلك، في أعقاب تغيير الوضع الأمني في الفترة التي ستعقب الحرب، ستنشأ احتياجات أمنية كثيرة. نفقات الحكومة يمكن أن تشجع النشاطات في القطاع الخاص، لكنها أيضا تتصارع معها على الموارد، بما في ذلك موارد العمل والأجور، التي سيرتفع سعرها.
كل ذلك يؤدي إلى فائدة حقيقية مرتفعة. في السنة الماضية تم تقدير نفقات الحرب المباشرة وغير المباشرة بمئات مليارات الشواكل، ولن نصاب بالدهشة إذا زاد المبلغ عن نصف تريليون. حتى لو حاولت الحكومة تأجيل قرارات دراماتيكية ومواجهة الوضع، فإن هذه الحاجة سيتم الشعور بها في فروع كثيرة في الاقتصاد المدني في السنوات القريبة المقبلة. هناك معرفة كبيرة فيما يتعلق بتأثير الحروب على الفائدة والتضخم، ويمكن الافتراض أنه هنا أيضا، في إسرائيل، النقص في الموارد سيتم الشعور به جيدا وسيؤدي إلى فائدة حقيقية مرتفعة، التي تتكون من فائدة اسمية وتضخم مرتفع. من الواضح أن الأمر سيؤثر على سعر التبادل، ويمكن أن يعزز الشيكل بصورة تخفف قوة الظاهرة، لكنها لن تلغيها.
هنا يعود سؤال رئيسي يتعلق بسياسة الاستثمارات: هل المستثمرون من الخارج سيقدرون نسبة المخاطرة في الاقتصاد بصورة تكون مبالغ فيها بالنسبة للمستثمرين المحليين، وعلى رأسهم المؤسسات؟ يبدو أن هذا يحدث وبحق، والآن الـ سي.دي.اس (مقايضة العجز الائتماني) في إسرائيل يعكس علاوة مخاطرة عالية، في حين أن المستثمرين في إسرائيل هادئون ومتفائلون أكثر – لذلك، فإن العائدات هنا لا ترتفع بشكل حاد. حسب التحليلات المكتوبة وحسب مبنى منحنى العائدات يبدو أن المستثمرين في إسرائيل يدركون أن الشروط تدفع، وهناك حاجة إلى رفع الفائدة، لكن إضافة إلى ذلك، هم يقدرون أن بنك إسرائيل سيمتنع عن ذلك. هنا يطرح سؤال هل يمكنه أن يبقي الفائدة على حالها.
في السنوات الأخيرة، شاهدنا أن التنبؤات تعكس أمنيات المحللين فيما يتعلق بسياسة البنك المركزي، لكن الواقع يأتي ويفعل فعله. يبدو أنه أيضا في هذه المرة لن يكون لبنك إسرائيل أي خيار عدا رفع سعر الفائدة، حيث نحصل على فائدة مرتفعة حتى بمفاهيم اسمية وواقعية.