الراي  -لقد تشرفت اثناء وجودي في منطقة الجوف في المملكة العربية السعودية الشقيقة بلقاء شخص مميز يعشق الأردن والقيادة الهاشمية بنفس القدر الذي يعشق فيه تراب المملكة العربية السعودية وخادم الحرمين الشريفين. انه احد قادة كتيبة شرحبيل بن حسنه في الجيش العربي. انه اللواء الركن المتقاعد والكاتب معاشي بن ذوقان العطية (ابو سعد).

 

تشرفت بزيارة الباشا أبو سعد في بيته في منطقة الجوف وكنت مستمعا جيدا طوال وقت الزيارة. أبو سعد شخصية مميزة عصامي، محبوب، ومقدر جدا من اهالي منطقة الجوف.

 

هو من مواليد الجوف عام 1930، والشقيق الوحيد لأربع شقيقات (كان الطفل المدلل). كان ذهابه الى عمان بسبب صعوبة الحياة في الجوف وذهاب عدد من ابناء المنطقة (احدهم كان خاله) الى عمان للعمل في الجيش العربي. كان عمره 15 عاما عندما غادر الجوف الى عمان العرب. وفي عمان اضطر الى لقاء كلوب باشا عدة مرات، كان اخرها في بيته، ليوافق له بالنهاية بالانضمام الى الجيش العربي. وفي أحد لقاءاته مع كلوب باشا قال له «انت صغير على العسكرية اذهب الى امك وكل تمر واشرب لبن وعد بعد ثلاث سنوات». ويقول بأن طالبي التجنيد في الجيش العربي كانوا من اهل نجد وبادية العراق وسوريا.

 

تزوج أبو سعد في العام 1950 وسكن في كل من الزرقاء واربد وعشق المدينتين وله عشر بنات وثمانية اولاد. تعلم القراءة والكتابة بالجيش العربي وابتعث لدراسة اللغة في المملكة المتحدة. شارك في حرب فلسطين عام 1948. وكان اخر منصب له في الجيش العربي قائد كتيبة شرحبيل بن حسنه وكان برتبة مقدم.

 

الف عدة كتب كان من بينها كتاب «شاهد عيان على ذلك الزمان 1946-1948» ونشر في عام 2010. التحق بالحرس الوطني السعودي عام 1969 وتقاعد عام 1981 برتبة لواء ركن.

 

جلست معه اكثر من لقاء وفي كل لقاء كنت اكتشف بعدا اخر لهذه الشخصية. رسم صور معبرة ومختلفه عما كان عليه الحال في الأردن في الخمسينات والستينات. منح وسام الاستقلال من جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه. ومنح وسام الأرض من دولة فلسطين لمشاركته في حرب فلسطين 1948.

 

يعشق تراب الجوف ويدعو دائما الى التفاني بالعمل ويقول بأن الانجاز لا يتأتى الى من خلال التخطيط والعمل الشاق. شعاره دائما «لاحياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة».

 

ويقول بأن أفضل استثمار هو في التعليم. وما زال ابو سعد يتواصل مع زملائه في الجيش العربي. وفي عام 2008 ارسل قائد كتيبة شرحبيل بن حسنه دعوة للباشا أبو سعد بمناسبة احتفال الكتيبه بيوبيلها الذهبي. وحضر الى عمان برفقة أحد أبنائه وتم تكريمه من قبل قائد الكتيبة. وعندما تحدث عن الجيش العربي ومهنية هذا الجيش وانضباطه ومكانته بين الجيوش في المنطقة تذكرت والدي رحمه الله الذي خدم وكيلا في الخدمات الطبية. وكلمة على المستوى الشخصي للجيش العربي- المدرسة « تعيش وتحيا عربي».

 

لا أدري اذا كان الاعلام الأردني قد غطى مسيرة هذه الشخصية المميزه والاستثنائية. واذا كان الجواب بالنفي فأتمنى ان يتم ذلك قريبا.

 

هكذا كان وما زال حال مدن المملكتين الشقيقتين حواضن لشعبي البلدين. وفي ظل قيام كل من الأردن بتنفيذ خططه وبرامجه الطموحه لتحقيق رؤية 2025 تقوم السعودية على تنفيذ برامج رؤية 2030 المختلفة. وفي ظل الوضع السياسي والامني القائم والمستقبلي في المنطقه اعتقد بأن هناك فرصا كبيرة جدا للتعاون بين المملكتين في مجالات مختلفه اذكر منها على سبيل المثال الاستثمار في الطاقة المتجددة والكهرباء وقطاع الصحة والتعليم العالي. وبامكان كل من الأردن والسعودية أن تكونا مصدرتين للكهرباء لباقي دول المنطقة ضمن استراتيجية وخطة عمل مشتركة.