Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Sep-2022

لماذا أخفقت الأحزاب السياسية في الأردن؟... الديمقراطية لا تكتمل إلا بالتعددية السياسية
الراي - راشد الرواشدة -
 
الحياة السياسية القائمة على التعددية، لا تأتي إلا من خلال وجود أحزاب وتيارات وطنية فاعلة قادرة على التعبير عن هموم ومصالح وأولويات المجتمع المحلي، وضمن برامج وطنية قابلة للتطبيق وليس فقط مجرد شعارات.
 
والأحزاب السياسية بكافة تياراتها، المعارضة منها، أمر ضروري وحيوي للدولة، لكي تساهم في صناعة القرار الوطني كشريك، وهذا بالطبع يكون عبر الوسائل القانونية، ووفقاً لأحكام الدستور والتشريعات ذات العلاقة.
 
كما تتحقق التنمية السياسية، من خلال مشاركة فاعلة من قبل المواطنين في العمل الحزبي.
 
الرأي سلطت الضوء على العديد من المحاور والاستفسارات في هذا الشأن، والتي أجاب عنها سياسيون وخبراء مختصون وأكاديميون.
 
حدادين: سببان لإخفاق الأحزاب السياسية
 
قال العين د. بسام حدادين، الوزير السابق لوزارة التنمية السياسية وزير الشؤون البرلمانية: هناك سببان لاخفاق الأحزاب السياسية في الأردن، «موضوعية» تتعلق بالبيئة التي عملت فيها الاحزاب و«ذاتية» تتعلق بالأحزاب.
 
وأضاف: «في الجانب الموضوعي، لم تكن البيئة التي عملت فيها الأحزاب صديقة للعمل الحزبي، فقد حوصرت في مقراتها وتعرضت لأشكال من التضيق والتدخل في شؤونها، والمناخ العام لم يكن منفتحاً على الأحزاب، لأن الدولة لم تعترف بالأحزاب باعتبارها ركناً من أركان الديمقراطية البرلمانية، التي يقوم عليها نظامنا السياسي، فقانون الانتخاب لم يعترف بها ولم يلحظ وجودها فبقيت العملية الانتخابية تقوم على الانتخاب الفردي الذي أظهر الانتماءات الفرعية كأساس وخيار وحيد أمام الناخب مما حجم الدور المأمول للأحزاب السياسية وعملية ترخيص الأحزاب، كانت شكلية».
 
وبحسب حدادين، فإن كل هذا نتج عنه –تفريخ- للأحزاب فقد شهدت الساحة عددا كبيرا من هذه الأحزاب -الناشفة- لا دم يسري في عروقها ولا ينطبق عليها أي من معايير الأحزاب الجادة وقد شجعت الدولة بنظام -التمويل الأعمى- تكاثر هذه الأحزاب، فكانت تصرف لكل حزب ٥٠ ألف دينار وبعضها حصل على ما مجموعة ٧٥٠ ألف دينار، ولا تتعدى عضويته الحزبية بضع عشرات..!، وباختصار الدولة أرادتها –أي الأحزاب- ديكوراً ديمقراطياً تتزين فيه».
 
ومن جهة ثانية، وفي ما يخص بالعوامل الذاتية، يمكن تلخيصها، انها لم تكن بمجموعها يمينها ويسارها، تعتمد الأسلوب الحديث في بنائها الذي يقوم على وجود فكر سياسي برامجي واقعي، وعلى ديمقراطية حزبية تعترف بالتنوع داخل الأحزاب وتسمح بتشكيل منابر وحرية تعبير داخل الأطر التنظيمية وخارجها وتحرص على تجديد قياداتها دورياً بالطرق الديمقراطية، ولم يكن للشباب والمرأة أي دور يذكر، بالإضافة إلى أن هناك قيادات حزبية تتربع على قيادة الحزب من عشرات السنين، ولم يكن للغالبية العظمى من الأحزاب ملامح فكرية أو طبقية أوسياسية، برامجها مجرد كلام أما الأحزاب العقائدية، إسلامية كانت أو ماركسية أو قومية، فبقيت أسيرة الآيدلوجيا وتنضح من -خزان فكري- أكل عليه الدهر.
 
أما العامل الثالث، فهو وجود مرجعيات خارجية عند بعض الأحزاب سواء لدى فصائل فلسطينية أو حزب جبهة العمل الإسلامي الذي مرجعيته تنظيم الاخوان المسلمين، مما افقد هذه الأحزاب استقلاليتها وعززت الشكوك بمصداقيتها.
 
شنيكات: عدم طرح برامج تلامس احتياجات ومصالح الناس
 
من جهته، يرى رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية في الجامعة الأردنية، أ.د. خالد شنيكات، ان إخفاق الأحزاب يعود لأكثر من تجربة ولها أسبابها، وقال» السبب الأول، لم تطرح برامج تلامس احتياجات ومصالح الناس والحاجات الأساسية، ولم يقدموا الرؤية الكافية لبرنامج عمل سياسي يعالج القضايا (الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية)»، ثانياً، «نظام تجنيد النخبة السياسية سواء بالوزارات والأعيان والمناصب الحكومية بالمجمل لا يمر عبر الأحزاب لكنه يمر عبر النظام الإداري للدولة أو أن يكون مؤثرا عبر مؤسسات المجتمع المدني ويتم اختياره بالمناصب العليا للدولة، وهذا يعطي الانطباع أن من يريد أن يذهب للأحزاب ليس بالضرورة أن يصل لما يطمح إليه».
 
وأما الجانب الآخر، فيتعلق برؤية الناس للأحزاب، التجربة التاريخية القديمة بالنسبة للناس هي التخوف من الأحزاب، -إرث سلبي قديم-، وقال» ينظر إلى الأحزاب بـ توجس وخوف ومدى تأثيرها على مستقبله سواء المهني والوظيفي أو حتى السياسي، وهنالك أيضاً عامل آخر مرتبط بالمنظومة القانونية للأحزاب، حيث أن قوانين الأحزاب السابقة لم تكن داعمة للأحزاب بشكل كبير، والبعد الآخر البعد الشخصي في الأحزاب، فكثير منها يسيطر عليها أمين عام الحزب ويجلس لفترات طويلة وبعضه تجاوز الـ 20 عاماً والبعد الشخصي هنا هو المسيطر على مقاليد الحزب، حتى تنظيم الحزب الداخلي (نظامه الداخلي) يجعل من سلطة أمينه العام صاحب السلطة العليا في النظام، وبالتالي مسألة اتاحة الفرصة أمام الشباب للمشاركة تبدو معدومة في التأثير على نتائج الحزب».
 
ويعتقد أن (كوتا) الأحزاب في مجلس النواب بتخصيص 41 مقعداً، رقم كبير وكل حزب يسعى لأن يكون ضمن هذا الرقم، ويوجد مقاعد واضحة للأحزاب وربما ان يكون العامل الأساسي في الحراك، والوصول إلى هذه المقاعد 41، والعامل الأساسي للحراك، هو (قانون الاحزاب وقانون الانتخاب)، والامر مربوط في الانتخابات المقبلة، على حد تعبيره.
 
زيادين: أحزاب بلا خبراء
 
وأبدى النائب السابق قيس زيادين، قلقه، من تأسيس أحزاب جديدة لا تلتقط مفهوم الحزب الحقيقي، وأن الأحزاب التي تبنى حالياً لا يوجد فيها خبراء، وقال «الهيكل التنظيمي لأي حزب هو المفتاح للمستقبل، ومعظم الأحزاب حالياً تعمل على اللجنة المركزية والأمين العام، واذا ما رجعنا بالشريط إلى الوراء وخاصة، فترة الخمسينيات، نجد أن الأحزاب لم تخفق بالمفهوم الإخفاقي، بل كانت أحزابا حقيقية آيدولوجية فكرية كانت تسير وفق الآيدولوجيات العالمية آنذاك، سواء كانت قومية، بعثية، شيوعية وحتى الاخوان المسلمين، وبالتالي كان هناك أحزاب».
 
ونوه زيادين، الى أن المئوية الثانية، وبعد (رؤى التحديث) وما أقر من قوانين، ستكون مختلفة، وقال «آمل أن الناس يلتقطون مفهوم رسالة الأحزاب، وليس اللهث وراء أعداد أكثر من الاستقطاب للجماهير، والحزب ليس بالعدد، إنما بالفكر وشخوصه، وليس للوصول للمصلحة الشخصية، بل هو مصلحة عامة، وهذا لن يحدث في يوم وليلة بل يحتاج لوقت طويل، وترسيخ المفاهيم تأتي بالتزامن مع مفهوم الإصلاح السياسي، مثل المناهج وقبول الرأي الآخر، التعددية السياسية».
 
الخريشة: بطء في النمو الحزبي
 
من جانبه، قال استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاردنية د. محمد الخريشة: «مرت الأحزاب الأردنية بمرحلتين من العمل الحزبي، المرحلة الأولى الـخمسينيات والستينيات وفشلت لأسباب معروفة بسبب الآيدولوجيات القائمة آنذاك وتم تقييد العمل الحزبي وذلك لمصلحة الدولة الأردنية والتي أوقفت الهيمنة –الآيدلوجية- للأحزاب التي كان لها أطماع وأجندات خارجية، وتقييد العمل الحزبي ولذلك بقيت –بذور- العمل الحزبي في الأردن قائمة، وتدخل الدولة أدى إلى حماية الأحزاب بعضها بعضا.
 
وأضاف استمرارية الأحزاب ضرورة، وهي الوعاء الذي يشمل آراء المواطنين بإطاره الوطني والقانوني، والمرحلة الحالية، تشهد بطئا في النمو الحزبي وصعود الأحزاب للمسرح السياسي كما ترغب وهذا يعود لعدة أسباب منها، الحزب نفسه، المواطنون، وتشريعات الدولة، فالأحزاب غير قادرة على جذب المواطنين وفشل النماذج الحزبية سواء – اليسار أو اليمين- نتيجة تراكمات وسلبية عند الجمهور».