Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Apr-2018

...فَـ (وَلَدَ فأراً)!! - محمد خروب

 الراي - خَسِروا رهاناتهم حين ذهبوا بعيداً في توقّعاتِهم وأفرطوا في تمنيّاتِهم, وعاشوا ساعات طويلة

في أوهامهم عندما اعتقدوا أن الثلاثي الإمبريالي في البيت الابيض والإليزيه وعشرة دواننغ ستريت، سينجحوا في وَقفِ الهزيمة المتدحرِجة التي بدأت تتسارع لدحر مشروعِهم في المنطقة, والتي الحقتها القوى الرافضة للإستثنائية الاميركية والغطرسة الفرنسية والحنين البريطاني لزمن الامبراطورية التي لم تكن الشمس تغيب عنها, فإذا بها مجرَّد تابع ذليل للسيد الاميركي, ومشكوك بها من المجتمع الاوروبي, الذي نظر إليها على الدوام – طوال عضويتها في الاتحاد الاوروبي – على انها مجرد «جيب» اميركي, «وعيْن» لواشنطن على الوقائع الاوروبية وخصوصاً المحاولات الاوروبية التي لا تتوقف لإيجاد مكانة اوروبية ما, تسمح لـ»لإتّحاد» بهامش مناورة ولو ضيقاً للانعتاق من الهيمنة الاميركية, التي تريد الإبقاء عليه (الاتحاد) قزماً سياسياً وحامل «دفتر شيكات» لتمويل العسكرة الاميركية والإقامة الطويلة للقوات الاميركية على الاراضي الاوروبية. تارة لمواجهة «عدوانية» الاتحاد السوفياتي, وطوراً للوقوف في وجه «أطماع» الرئيس الروسي بوتين, الهادِفة استعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي السابق, واستعداده لاجتياح دول اوروبية.. كما فعل في جورجيا واوكرانيا (القرم), وفبركات أُخرى يبرع الاميركيون في اختراعها لإبقاء الاوروبيين في دائرة الهيمنة الاميركية, التي بلغت ذروة غطرستها في عهد ترمب, عندما طالب اوروبا بـ»دَفعِ» ثمن «حماية» الاميركيين لها, إذا ما
ارادت استمرار واشِنطن في القيام بمهمّتها, وهو ما دفع المستشارة الالمانية ميركل للقول: ان الوقت قد حان لأن تعتمد اوروبا... على نفسها.
ما علينا..
الجريمة الثلاثية الاميركية- البريطانية الفرنسية الأخيرة على سوريا، بدعم ومتابعة حثيثة من قِبل حليفي واشنطن في المنطقة اسرائيل وتركيا.. والتي اختير توقيتها بعناية ليكون فجر السبت, بما هو اليوم الذي سيبدأ فيه خبراء المنظمة الدولية لحظر الاسلحة الكيماوية تحقيقاتهم في صحة التمثيلية التي قيل انها ارتُكِبت في مدينة دوما، ستكون لها عواقبها وتداعِياتها بالتأكيد, ليس فقط عندما يكشف هؤلاء الخبراء – إن واصَلوا مهمتهم والتزموا الحياد والموضوعية في عملِهم – عن حقيقة ما جرى, وعن زيف الإدّعاءات التي بالغ الامبرياليون والصهاينة والمتصهينون , الحديث عنها وفبركة إرقام الضحايا والذهاب بعيداً في مواعظهم (غير الاخلاقية) على النحو الذي قرأناه وسمعناه في تعليق وزير الاسكان في حكومة نتنياهو الفاشية الجنرال الاحتياط يوآف غالنت الملطّخة يداه بالدماء الفلسطينية: إن «الضربة» الاميركية البريطانية الفرنسية هي رسالة مهِّمة لايران وسوريا وحزب االله, لإنّ استخدام الاسلحة الكيماوية يخترق الخطوط الحمراء, الأمر الذي لم تعد «الانسانية» قادرة على تحمّله.
تخيّلوا ان يعظ الامبرياليون والصهاينة والأتراك حول الانسانية والأخلاق والضمير الانساني وباقي المصطلحات المغسولة التي يُتقِن القتلة «التاريخِيّون» توظيفها في خطابهم العدواني, كأن تقول الخارجية التركية مثلاً بعد ترحيبها بالعملية العسكرية, التي «تَرْجَمَت مشاعر الضمير الانساني بأسره، في مواجهة الهجوم الكيماوي على دوما, واصِفة العدوان بانه «ردّ مناسِب» (كذا)».
نحن إذاً أمام عدوان سافِر وجريمة نكراء, لم «ترتَقِ» الى ما حلم به وتمنّاه اعداء سوريا وقوى المقاومة في المنطقة والعالم, ان يتِم على أيدي قوى الشر الإمبريالية الثلاث, والتي افّتقَد قادتها الثلاثة, الشجاعة الكافية لترجمة تغريداتِهم وتهديداتِهم, التي سبقَت العدوان, عندما عرّبَد فيها ترمب بالقول: انتظري يا روسيا صواريخنا الذكية والجميلة والجديدة. لكنه كان ـــ كما تريزا ماي وخصوصاً ماكرون ـــ أجبَن من المغامرة باستفزاز بوتين او المسّ بهيبة روسيا واستهداف جنودها ومنشآتها واسلحتها فوق الاراضي السورية, او الاجواء والمياه الدولية حتّى, لأنهم يعلمون ان «العقاب» وليس فقط الردّ الروسي سيكون صاعقاً ومؤلماً، ولهذا كان العدوان سريعاً وانتقائِياً ومحدوداً, ولم يكن بالاتساع والشمولية التي قيل عنهما في وسائل الإعلام الإمبيريالية ومعظم العربيّة, ولهذا سارَع رئيس الاركان الاميركي الجنرال دانفورد للقول: ان الولايات المتحدة وحلفاءها, حرِصوا على «عدم» استهداف القوات الروسية المنتشرة في سوريا, وإن كان لفَتَ الى ان الروس «لم» يتلقّوا تحذيرات اميركية. فيما أعلن ماكرون ان موسكو تلقّت تحذيرات فرنسية, في شأن الجريمة التي ارتكبتها ضد الجيش والشعب والسيادة السورية. وكم كانت باعِثة على السخرية أقوال الرئيس الأميركي التي جاءت في إطار إلإعلان عن عدوانه مُخاطِبا الرئيس بوتين: على روسيا أن تُقرّر ما إذا كانت ستستمِر في هذا المسار المُظلِم, أم ستنضمّ الى الدول «المُتحضِّرة» كقوة للإستقرار والسلام, اتمنّى ــ
أضاف ـــ في يوم من الأيام ان نتّفِق مع روسيا وربما مع إيران, ولكن ربما هذا «لن» يحدث.
تداعيات العدوان الامبريالي الثلاثي ستتواصَل, وتكون بغير عقاب سوري او من ايِّ من حلفاء دمشق
وخصوصاً موسكو, وَصَفَ سفيرها في واشنطن اناتولي انطونوف ما ارتُكِب في سوريا مثابَة إهانة للرئيس الروسي, مشدداً على عواقِبه, بعد ان «تمّ تجاهل تحذيراتِنا».
الغامِزون من قناة موسكو, كون الاخيرة لم تردّ العدوان او تُسهِم في إفشاله, يخطئون عندما يراهِنون على غبائهم, ولا يجدون الفارق الجوهري بين المغامرَة والمسؤولية الاخلاقية والسياسية. إذ كيف يتم السماح بالإنزلاق نحو حرب مدمِّرة قد تأخذ صفة «العالمِية» او حتى لو اقتصرت على حرب اقليمية ضارية, أمام عدوان «محدود» تمّ الابلاغ عنه, وخصوصاً ان لدى القيادة الروسية ثقة «ومعلومات» عن قرب, بأن لدى الجيش السوري ودفاعاته الجوية من الإمكانات ما يجعل من العدوان «أُضحوكة ويفرِغه من محتواه الدعائي, وبخاصة أن الاميركيين كما الفرنسيين والبريطانيين سيدفعون «عاجِلاً» ثمن حماقتهم هذه, بل اسرع مما يتصوّره هؤلاء واتباعِهم في المنطقة
kharroub@jpf.com.jo