Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Apr-2019

آخر جنون صفقة القرن* د. محمد حسين المومني

 الغد-يصلح تعامل الإدارة الأميركية مع مبادرتها المنتظرة أو ما يعرف بـ”صفقة القرن” أن يدرس تحت عنوان “ما لا يجب أن تفعله” عند التعامل مع المبادرات والتسويات. تخبط وتضارب وتكتم خلق أجواء سلبية ورافضة، وأجهز على المبادرة حتى قبل أن يتم الإعلان عنها. غرينبلانت يطلب التريث وعدم الحديث عن بنود المبادرة “السرية” غير المعلنة تاركا الفضاء ليمتلئ بالتكهنات! كوشنر يصفها بـ”المقترح” الذي قد يقبله أو يرفضه أصحاب العلاقة المباشرة؛ الفلسطينيون والإسرائيليون. كل هذا يدلل على فقدان أصحاب المبادرة ذاتهم الثقة بها أو إمكانية الدفاع عنها، ويدلل أيضا على فشل التعامل مع آلية طرح المبادرة وعدم التشاور أو الاستماع للحلفاء الناصحين بشأنها.

تراجع ثقة أصحاب المبادرة بها، والتخبط بشأنها، يأتي بعد تخبط وانحياز آخر حيث تطبيق الجزء الأكبر من الذي تريده إسرائيل، من نقل للسفارة، وإيقاف التمويل الأميركي للأونروا، والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، ودعم الوعد بضم المستوطنات. هذا أسوأ ما يمكن أن تقوم به أي دبلوماسية عند طرح المبادرات، أي أن تستبق وتعطي طرفا على حساب آخر دون أي توازن أو هدف سياسي محدد وبلا مقابل، ما يقزم المبادرة المزعومة ويختزلها بمجموعة قرارات أحادية منحازة.
إسرائيل التي قبضت الثمن ستماطل وتعطل، تارة بحجج تشكيل الحكومة وأخرى بحجج الائتلاف المشكل وهشاشته السياسية، وهي على الأرجح ستنتظر رفض الفلسطينيين والعرب المتوقع وتلوذ خلف ذلك لتظهر مرة أخرى أنها الراغبة بالسلام ونحن الرافضون له. لذلك فمن الأهمية بمكان الحذر والدقة في التعامل الرسمي العربي مع المبادرة، والرد عليها بحكمة وذكاء عندما يتم الإعلان عنها. يجب ألا يصب الرد في صالح نتنياهو سياسيا ليزيد من فعالية حاجز الصد السياسي للضغوط عليه الذي يتمثل بأكذوبة أن شركاءه العرب والفلسطينيين لا يريدون ولا يرغبون وغير جاهزين للسلام. الرد يجب أن يكون بلغة يفهمها العالم لا الرأي العام العربي فقط، وبأسلوب يفند بنود صفقة القرن ويظهر عيوبها وعدم عمليتها أو جدواها في التطبيق. وسيكون مفيدا جدا استحضار مبادرة السلام العربية كدليل على سعي العرب للسلام تماشيا مع قواعد الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام. الرد يجب أن يكون منسقا وموحدا عربيا، ويستميل العالم سياسيا، ويعزل إسرئيل ويكشف نواياها ومنهج عملها التسويفي غير الآبه بالسلام والتسوية.
الموقف الأردني الرسمي حكيم ومتوازن؛ لم يتم الاطلاع على المبادرة وبالتالي لا يمكن رسميا التعليق عليها، وبالتزامن هناك جهد سياسي للتأكيد على الثوابت التي بدونها لن يكتب النجاح لأي مبادرة. الأردن يمتلك قوة الحق والمنطق، ورصيدا قويا من المصداقية الدولية، وهو الداعي دوما لضرورة تقييم الأفكار على أساس إمكانية التطبيق وليس مجرد أفكار نظرية ستضاف لعشرات الأفكار والمبادرات السابقة. حضور الأردن، وإدراكه لثقله السياسي والأمني وتوظيف ذلك بحكمة، وطرحه السياسي المنطقي المقنع، جعل منه قوة ضاغطة مهمة أربكت القائمين على المبادرة ودفعتهم إلى مراجعة حساباتهم.