Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Oct-2017

الأزمة الليبية: عُقدَة.. «المادة الثامنة»!! - محمد خروب
 
الراي - انتهت حوارات تونس بما وصفه احد المتحاورين بانه «توافق» لا «اتفاق», ما يعني ان كل ما تم «التفاهم» حوله قابل للتراجع عنه والتنكّر له، وبخاصة ان طرفي الحوار وهما المجلس الرئاسي الذي يرأسه فايز السرّاج الذي يرافق اسمه عادة بانه يحظى بـ»الشرعية الدولية»، والطرف الثاني هو مجلس نواب طبرق الذي يرأسه عقيلة صالح الداعِم لقائد الجيش «الوطني» خليفة حفتر، ما يلفت – ضمن امور اخرى- الى ان حكومة «فجر ليبيا» التي تسيطر عسكرياً على غالبية احياء العاصمة طرابلس, قد استُبعِدت تماما من مشهد «المصالحة» عضوية «خريطة الطريق» التي كان اعلنها المبعوث الدولي غسان سلامة, والتي يبدو انها حازت على موافقة «اطراف» الازمة الليبية أو همّ «أُجبِروا» على التعاطي معها، بعد ان تمّ استنزاف جميع الاطراف ووصول الاوضاع في الجماهيرية السابقة الى مرحلة «اللاعودة» او قبل ذهاب البلاد الى الفوضى الشاملة, وعلى نحو لا يمكن لِأحد السيطرة عليها، ما «قد» يستدعي تدخلاً عسكرياً تُشارك فيه دول افريقية وعربية, بدعم وغطاء سياسي وعسكري أوروبي وربما...أميركي.
 
محاولات التمترس خلف المصطلحات والالفاظ التي لجأ إليها طرفا الازمة بعد انتهاء حواراتهم التي اشاعت اجواء من التفاؤل (غير المُبرّر حتى الان) لا تعكس بالضرورة احتمالات حدوث اختراق جاد وحقيقي في الموضوعات والخلافات الرئيسية, التي يصعب بالتالي إخفاء حقيقة انها تدور حول «المادة الثامنة» من اتفاق الصخيرات المُوقّع قبل عامين (17/12/2015).. تعديلاً أو إلغاءً كون المسألة في جوهرها, تدور حول هذه المادة التي (تمنح رئيس «الحكومة» صلاحيات تعيين شاغلي المناصب العسكرية والامنية, بمن فيهم القائد العام للجيش الوطني الليبي)، وكما هو معروف فان الذي يشغل هذا المنصب حالياً هو... الجنرال خليفة حفتر.
 
واذا ما اخذنا في الاعتبار ان الجنرال حفتر ومنذ اطلق عملية «الكرامة»، كان يَشْخَص بعينيه (وقلبه) نحو رئاسة أو قيادة ليبيا الجديدة، ما يعني ايضا ودائما انه وهو المنافس (الوحيد ربما) على المنصب «الاول» في الدولة العتيدة, لن يقبل ان يكون موقِعَه تحت رقابة او مزاج او رغبة شخصية اخرى, حتى لو كانت تتمتع بالاعتراف والدعم الدوليين, كما هي حال فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي.
 
هذا لا يُقلِّل بالطبع من شأن ما تم «التوافق» عليه, وهو ليس كل جدول الاعمال الذي طُرِح على طاولة حوارات تونس, التي لم تُستكمل بعد (وربما لن تُستكمَل بدليل ان مغادرة لجان الحوار وشخصياته كانت مفاجِئة) تقف على رأسها عقدة المادة الثامنة من اتفاق الصخيرات, الذي يبدو وانه سيكون «القاعدة الوحيدة» التي تَنْظُم اي توافق او اتفاق ليبي, بأغلبية «الحكومات» والتشكيلات السياسية والعسكرية والاهلية المحترِبة على الساحات الليبية المفتوحة على اتساعها, للتدخلات الاجنبية غير البريئة من الاطماع السياسية والعسكرية و»البترولية», كذلك في الهيمنة على القرار الليبي والتحكم بمسارات ازمته وتالياً بموقعه الجيوسياسي الاستراتيجي اوروبياً وخصوصاً افريقياً, حيث موجات الهجرة التي لا تتوقف والمُحمّلة بأخطار تسلل الجماعات الارهابية الى القارة العجوز.
 
ما توصل اليه متحاورو تونس مُهِم وان ليس كافياً, سواء في ما خص إعادة تشكيل السلطة التنفيذية ومجلس رئاسي (مُقلّص) مكون من رئيس ونائبين, والأهمّ رئاسة حكومة منفصِلة ومستقِلة عن المجلس الرئاسي (على عكس ما هو قائم حاليا او ما حدّده اتفاق الصخيرات)، إلاّ أن المسافة ما تزال طويلة, بين ما تم التوافق عليه وما نصت عليه خريطة الطريق التي اعلنها المبعوث الدولي وهي من ثلاث مراحل, لم يبدأ المتحاورون في مناقشة سوى البند الاول وهو: (مناقشة لم تكتمِل بالمناسبة) الذي ينص على تعديل الاتفاق السياسي (الصخيرات) ثم عقد مؤتمر وطني تُمثّل فيه كافة الاطراف السياسية ومنها التي استُبعِدت او همشّت نفسها طوعا واخيرا انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال عام. ما يعني ان مدة الحوارات مرشّحة لان تطول، اذا لم يُقاطِعها المتحاورون او احدهم, وتقف الامور عند استعصاء حل عقدة المادة الثامنة, فضلا عن قانون الانتخاب (الحالي) الذي يمنَع من الترشح حاملي «الجنسية المزدوجة» الاّ بعد تنازل المرشَح عن جنسيته الاجنبية قبل سنتين من تاريخ الانتخابات المزمَعة, و»التصويب» هنا مُوجّه نحو الجنرال حفتر, لانه يحمل الجنسية الاميركية (حتى الان) ولا يُعرَف ان كان سيتنازل عنها او هو تنازَل عنها ومتى؟ وبالتأكيد ليس قبل سنتين, ما سيحول دون تحقيق طموحه «الرئاسي»، وهذا ما لن يقبل به انصاره كما هو... بالتأكيد.
 
ناهيك عمّا رشح من اعتراض وفد المجلس الرئاسي على الصلاحيات «الواسعة»التي يُطالِب بها – ويتمتع بها حاليا – الجنرال حفتر قائد الجيش. لا يَملك المبعوث الدولي «الخامس» غسان سلامة سوى التفاؤل, الذي عبّر عنه بعد الانفضاض المفاجئ لحوارات تونس بالقول: أنا سعيد اليوم...لانه بعد اسبوع من العمل المشترَك في اطار الاتفاق السياسي، توصلّنا الى عدد من «التفاهمات» حول عدد من النقاط المهمة.. آمل أن تكون الأخيرة حول النقاط الباقية».. تصريح مُلتبس وغامض يُخفي إخفاقاً نِسبِياً (حتى لا نقول فشلاً), إلاّ أن الرجل الذي دعا علناً إلى مُشارَكة سيف الإسلام القذافي وأنصار النظام السابق «الذين استقبلهم في مكتبي علناً»كما قال، لا يملك ترف الغضب او نزق تحميل المسؤولية لطرف دون آخر, ما يفرِض عليه إبداء الصبر والكياسة, والتعاطي مع تعقيدات المشهد الليبي وبؤسه بمزيد من الحِكمة... والدبلوماسية.
 
kharroub@jpf.com.jo