Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Dec-2017

رسائل عاجلة... إلى إدارة السّير - د. لانا مامكغ

 الراي - نفترض أنَّ الإنسانَ السّوي المتّزن نفسيّاً يخرجُ من بيته في الصّباحات وقد قرّرَ طرحَ مشكلاته الخاصّة جانباً، لأنَّ العالمَ خارج بيته ليس مسؤولاً عن همومه، وكلٌّ منّا يتفاءلُ عادةً بمطلعِ كلِّ يومٍ جديد... لكن ما يصادفنا على الطّرقات يدفعنا إلى حالةٍ من الغليان الصّامت، والاحتقان لاحقاً، ليتحوّلَ الواحدُ منّا إلى طاقةٍ سلبيّة متحرّكة، وقنبلةٍ مؤقّتة جاهزةٍ للانفجار لأتفه الأسباب، وللتّوضيح، فأزمات المرور ليست السّبب، وإنّما ما يحدثُ خلالها، وفيما يلي بعضُ الأمثلة أضعُها بين يديّ المسؤولين الكرام في إدارة السّير:

*** استخدام الهاتف النّقال أثناء القيادة ظاهرةٌ زادت عن حدّها، ويكادُ بعضُ السّائقين والسّائقات التّسببَ لأنفسهم ولغيرهم من عباد االله بحوادثَ مربكة، وأحياناً قاتلة... مشاةٌ يكادون يدهسون، حالات صدمٍ مؤسفة تحدث يوميّاً لأنَّ ثمّة رسائلُ تُكتب، ومواقع تُتصفّح، ومكالماتٌ مطوّلة تُجرى خلال قيادة بعضهم لسيّارته، هذه العبقريات التي يستعرضونها في التّركيز المزعوم على أمريْن في وقتٍ واحد، مكانها ليس الشّارعُ قطعاً، بناءً عليه، ألتمسُ من الإخوة رقباء السّير إعادةَ تفعيلِ المخالفات دون تردّد.
*** جلوس الأطفال في المقاعد الأمامية وصمةٌ في جبين إنسانيتنا... أقولها بأسى لأنَّه شروعٌ سافر في قتل الصّغار... إذ لا تجري الأمور هكذا في الدّول التي تحترم الحياة !
هذا وتكتملُ المأساة حين ترى الصّغار يُخرجون أيديهم أحياناً من النّوافذ، كما كان يحدثُ في المساءات الصّيفيّة أن نرى الأهلَ يسمحون لأبنائهم الوقوفَ داخل المركبات عبرَ فتحات السّقف... بااللهِ كيف يتعاملُ بعضُ الأهالي مع نعمة الأبوّة أو الأمومة بهذه العبثية ؟ ظاهرةٌ تجعلك تضرب كفاً بأخرى، ثم لتمضي وأنت تخدّرُ نفسَك بمقولة إنّك لن تُصلحَ الكون... لكن خيالي اللعين لا ينفكُّ يسرحُ في تبعات أيِّ وقوفٍ مفاجىء للمركبة... حمى االله أطفالنا جميعهم. لكن لابدَّ من حملةٍ حازمة في هذا الشّأن، ليس لحماية الصّغار فقط، بل لتذكيربعضِهم بأدنى مسؤولياته تجاه أعزّ ما يملكُ زعماً !
إلى إذاعاتنا المحلّيّة :
بعضُ مذيعاتها سببٌ في النّكد الصّباحي كذلك،مع وافرالاعتزازبالزّميلات والزّملاء من المهنيين المحترفين الذين نقدُّر جهودهم: لكن قادني حظّي العاثر ذات صباح لأستمع لإحداهن فأسألُ بفضول عن نوع الاختبارات التي عُرضت لها قبل تكليفها بذلك البرنامج؛ فالصّوت مثلاً؛ أداتُها الرّئيسة في مهنتها، صوتٌ بلا شخصيّة وبلا حضور، قلتُ: فليكن، لعلّها ما زالت في مرحلة التّدريب... أمّا عن خفّة الدّم والظُرف وسرعة البديهة، فلقد ظهروا جليّاً حين تحدثّت عن عشبة «البابونج» لتردفَ فتتساءل عن هذا الاسم العجيب الذي تجده قريباً من « البابوج « !
ثمَّ بلّغتنا نحن المستمعين الصّابرين أنّها قضت الليل تعتني بطفلها في غياب الزّوج المسافرالذي حسدته لأنه نائمٌ في مكانٍ ما، لم أعرف أين... وأستحي من ذكر السّياق الذي قالت فيه ما قالت !
ثمَّة تلقائيّة ذكيّةٌ منضبطة، ولعلّها الجزءُ الأصعب في الإعلام المسموع أو المرئي، كما أنَّ العفوية ليست فلَتاناً... إذ بعد أن عرفنا ما لايهمّنا عن حياتها الخاصّة، انتقلت بنا إلى فاصلٍ إعلاني يسألُ فيه أحدهم آخر: « ما هو البرنش ؟ « فأجابه بصفاقة مفاجِئة: « خلص يالّلا اطلع برّا ! « يعني باقةٌ صباحيّة من الذّوق واللياقة والّلباقة ترتقي بمزاجِ المستمع إلى حيثُ الّلارجعة !
 
أهو الإعلامُ الجديد؟ أم الأداءُ الحديث ؟ لا أعلم بالضّبط ، كلُّ ما أعرفه أنَّ للميكروفون حُرمةً من نوعٍ ما، ولثواني الهواء الإذاعي ثمناً، ولأعصابنا قدرةً محدودةً على تحمّل ذلك النّوع من الهُراء الصّباحي !