Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Dec-2018

الجزائر والمغرب والدعوة الصادقة - صالح القلاب

الراي - لم يبق من مناضلي الرعيل الأول، حسب ما أعرف، في المغرب والجزائر إلاّ الرئيس عبدالعزيز بوتفليقه ورئيس الوزراء المغربي السابق عبدالرحمن اليوسفي أطال االله عمريهما، ولعل ما لا يعرفه البعض أن حركة التحرّر في هذين البلدين العظيمين فعلاً كانت حركة واحدة، إنْ تداخلاً نضالياًّ وإن توجهاً وجدانياً وإن موقفاً سياسياً، وكنت قد تعرفت على الحركة الوطنية المغربية في سبعينات القرن الماضي من خلال الإتحاد الوطني لطلبة المغرب، ممثلاً بالزميلين العزيزين محمد أخصاصي ومالك جداوي، ويومها كنت رئيساً للإتحاد العام لطلبة الأردن باختيار المؤتمر الثالث الإستثنائي الذي انعقد في مخيم عين الحلوة الفلسطيني في صيدا.

وبقيت أتابع متغيرات الحركة الوطنية المغربية من خلال عدد من رموزها الذين كان بعضهم يقيم في الجزائر، وكان عبدالرحمن اليوسفي إسماً لامعاً بالنسبة للمملكة المغربية وعلى صعيد المغرب العربي كله، وبالطبع على صعيد الحركة الوطنية العربية كلها، وهكذا إلى أن إلتقيته كرئيس للوزراء في المملكة المغربية على رأس وفد وزاري كبير وكنت يومها وزيراً للإعلام ووزيراً للثقافة في حكومة الدكتور عبدالرؤوف الروابدة.
ويقيناً أن عبدالرحمن اليوسفي الذي كان تزعم المعارضة المغربية بعد استشهاد المناضل المغربي الكبير المهدي بن بركة إغتيالاً في باريس، وحيث سمعت لاحقاً أن الملك الحسن الثاني رحمه االله قد قال وكرر القول مراراً بأن الذي حاول قتله هو الذي قتل بن بركة، وكان يقصد الجنرال محمد أوفقير الذي كان قام بمحاولة إنقلابية فاشلة في أغسطس عام 1972 ضد العاهل المغربي وتم إعدامه ومعه بعض «ضباطه».. المتورطين في تلك المؤامرة التي اعتبرت مفصلية في تاريخ هذه الدولة العربية.
والمهم فإن عبدالرحمن اليوسفي، هذه القامة الوطنية القومية الشامخة، الذي دعا الجزائر والمغرب إلى مصالحة تاريخية، وأنه حان الوقت لطيِّ صفحة الخلافات بين هاتين الدولتين الشقيقتين، فإنه بالتأكيد صادق ومخلص في دعوته هذه، فهاتين الدولتين تشكلان معاً بالإضافة إلى البعد العربي ركيزة أساسية في أفريقيا كلها، والتي يُشكل العرب فيها الثقل الرئيسي للأمة العربية من حيث عدد السكان والمساحة الجغرافية والتأثير الدولي وبخاصة في القارة الأوروبية.
ولعل ما يعزز أهمية هذه الدعوة وصدقها أن هذا الرجل العظيم عبدالرحمن اليوسفي قد أطلقها من مدينة «وجدة» التي تعتبر قلعة النضال الوطني المشترك لحركات التحرير في المغرب والجزائر وأيضاً في أفريقيا كلها، وهنا فإن ما تجب الإشارة إليه أن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، الذي هو أحد رموز الثورة الجزائرية العظيمة، من مواليد هذه المدينة التاريخية وهذا هو ما جعل المجاهد الكبير اليوسفي يقول:
نلتقي مجدداً في وجدة على درب النضال الوطني والمغاربي في التكامل والتعاون والأمن المشترك.
إنها دعوة صادقة بالفعل والمؤكد أن العرب كلهم، وفي مقدمتهم الجزائريون والمغاربة، ينتظرون الإستجابة لها إن من قبل الجزائر وإن من قبل المغرب، فالعالم بات يتجه إلى التكتلات الإقليمية، ويقيناً أنَّ هاتين الدولتين بالإمكان أن تشكلا معاً قوة وإقتصادية هائلة إن في أفريقيا وإن في البعد العربي وأيضاً إن في القارة الأوروبية.