Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Dec-2019

اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. أين يقع الأردن؟
 
 الاردن 24 - تامر خورما_ في ثلاثة سجون أردنيّة، يواصل أبو سويلم المشاقبة، وعبدالرحمن شديفات، وهشام السراحين، وعبدالله الخلايلة، ونعيم أبو ردينة، إضرابهم عن الطعام للمطالبة بالإفراج عن كافّة معتقلي الرأي، والسجناء السياسيين، وذلك في ظلّ اليوم العالمي لحقوق الإنسان.
 
المادّة الأولى في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي تمّت صياغته في مثل هذا اليوم، تنصّ على التالي: "يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء"، فيما تنصّ المادّة الثالثة على أنّه "لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه". وما يهمّنا بشكل خاص هنا هو نصّ المادّة 19، والتي يرد فيها أن "لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير".
 
وزارة العدل نقلت عبر موقعها الرسمي ذات يوم نبأ يفيد بأن "الأردن حاز على اعتراف دولي بأنه الأول عربيا في حقوق الإنسان، وحصل على تصنيف متقدم عالميا باحتلاله المرتبة 78 على مستوى العالم".. كلام جميل، ولكن كيف يمكن تفسير استمرار الإعتقال السياسي واحتجاز حريّة مواطنين فقط لأنّهم مارسوا حقّهم في حريّة الرأي والتعبير؟!
 
بصراحة، الإنتقائيّة في اختيار التقارير الدوليّة حول واقع حقوق الإنسان في الأردن يعرّي الواقع المعاش دوافعها ومنطلقاتها، ويصدمها بحقائق من الصعب تغطيتها بغربال المفردات الإنشائيّة، أو صالونات النخب المترفة، التي تعقد للحديث عن الحريّات، وهنالك من لايزال في السجن بسبب رأي أو تعبير، وفي بعض الحالات مشاركة بريئة على شبكات التواصل الإجتماعي.
 
مؤسّسة دوتشيه فيله الإعلاميّة الألمانيّة نشرت تقريرا في شهر تشرين الثاني الماضي حول وجود 160 ناشطا في السجون الأردنيّة، تمّ اعتقالهم لكلمة. رائد الرواشدة، مدير وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونيّة، يبرّر في ذلك التقرير الأمر بقوله إن "السقف عال، يقوم بعض الأشخاص بتجاوز الخطوط الحمراء".
 
"خطوط حمراء" لا يزال الأردن الرسمي يرفض الإقتراب منها ولو بكلمة، سواء خلال نشاط احتجاجي سلمي، أو عبر "الفيسبوك" أو "التويتر".. ولانزال نتذكّر قضيّة النشطاء: صهيب نصر الله، ومالك الجيزاوي، ومحمد عجاج، الذين تمّ اعتقالهم دون محاكمة، قبل إخلاء سبيلهم، بسبب احتجاج لفظي سلمي خلال تظاهرة رافضة لمؤتمر المنامة، ومخرجاته البالغة الخطورة على القضيّة الفلسطينيّة، والأمن الإستراتيجي الأردني ومستقبل عمّان على حدّ سواء.. ترى من صبغ تلك "الخطوط" بحمرتها حتّى بات التغريد خارج سربها جريمة يعاقب عليها القانون؟!
 
في الأمس القريب.. نقلت شبكة الـ "سي ان ان" نبأ اكتشاف ثقب أسود يبلغ حجمه قدر الشمس بـ 40 مليار مرّة. هذا الثقب القياسي يوجد في مجرّة مركزيّة داخل مجموعة تحتوي على أكثر من 500 مجرّة! وعلى هامش الكون.. توجد مجرّة، آيلة للابتلاع من المجرّات المجاورة، تدعى بدرب التبّانة.. في هذه المجرّة الضئيلة كوكب سمّي بالأرض، وفيه سبع قارّات، يقع الأردن على جزء بسيط للغاية في إحداها.. وفي هذا الأردن هناك ملاحقات واعتقالات تجري فقط لأن فردا أو مجموعة -من بين ما يزيد على سبعة مليارات من سكّان هذا الكوكب- أزعجتهم كلمة أو تعبير!
 
التقدّم العلمي بلغ درجة باتت فيها مناقشة العوالم الموازية ونظريّة الأوتار حديثا عاديّا للغاية يدور بين طلبة المدارس في بعض الدول.. ولايزال هناك في هذا العالم من يعتقل أو يحتجز حريّة الآخرين فقط بسبب ممارسة حقّ حريّة الرأي والتعبير، الذي أقرّه العالم بأجمعه، بما فيه أعتى الدكتاتوريّات البيروقراطيّة، قبل نحو ثلاثة أرباع القرن!
 
الكارثة أن التجاوزات على حقوق الإنسان في الأردن مستمرّة ونحن نغلق أبواب العقد الثاني من الألفيّة الثالثة. ولا تقف هذه التجاوزات عند حدود مصادرة حقّ الرأي والتعبير، بل تتجاوزها إلى التوقيف الإداري دون أيّ حكم يصدر عن السلطة القضائيّة، بل والتعذيب، وكذلك عدم ضمان شروط المحاكمة العادلة!
 
الأرقام التي وردت في تقرير المركز الوطني لحقوق الإنسان، للعام 2018، تكشف ارتفاع عدد القضايا المسجّلة بحقّ عاملين في مديريّة الأمن العام، إلى 332 قضيّة، تمّت الإدانة في 51 منها، مقارنة بـ 45 قضيّة تمّ تسجيلها في العام 2017.
 
وقد بلغ عدد الشكاوى التي تلقّاها المركز خلال العام الماضي، فيما يتعلّق بالتعرّض للتعذيب، (68) شكوى، فيما بلغ عدد القضايا المتّصلة بسوء المعاملة في مراكز الإصلاح والتأهيل (29) قضيّة.
 
ورغم هذا ماتزال هنالك مطالب حقوقيّة أسيرة الإهمال الرسمي الأردني. مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان لا يزال إلى اليوم، يطالب بانضمام الأردن للبروتوكول الإختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب الدوليّة، وبإنشاء صندوق وطني خاص لتعويض ضحايا التعذيب، وسوء المعاملة، لتعويضهم ماليّا وإعادة تأهيلهم.. ولكن دون جدوى!
 
توقيف إداري.. تعذيب.. ومصادرة حق الرأي والتعبير خلال الإحتجاجات السلميّة.. وغير ذلك من ممارسات لا مكان لإحصائها هنا تستمرّ بتقويض حقوق الإنسان في الأردن.. حتّى الصحافة، التي يفترض أنّها سلطة رابعة، لم تسلم من هذا التقويض الممنهج.. ولكن النكتة أن التصريحات الحكوميّة تصرّ على تصوير الواقع الأردني وكأنّه جنّة أسطوريّة تقع خارج حدود المجرّة.
 
في الربيع الماضي، قالت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام السابقة، جمانة غنيمات، إنه "لا توجد عقبات أمام حريّة التعبير في الأردن". وأضافت، خلال احتفال اليونسكو باليوم العالمي لحرية الصحافة، إن "التشريعات الإعلامية الأردنيّة تواكب المعايير الدوليّة لحرية الإعلام".
 
إذا كان الأمر كذلك، فما هو تفسير وجود قانون الجرائم الإلكترونيّة، الذي لا يقتصر تهديده على حريّة الصحافة فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى خنق حق حريّة الرأي والتعبير في مختلف الميادين.. أم هل فعلا يعيش الرسميّون في عالم آخر موازي، يعتقدون أنّه هو ذاته الأردن الذي تعيش فيه عامّة الناس؟!