Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Dec-2018

لماذا «اقترَحَ» أردوغان «قِمّة جديدة»حول..إدلِبْ؟ - محمد خروب

 

الراي - لم يُسفِر لقاء الرئيسين بوتين وأردوغان على هامش مشاركتِهم في قمة العشرين التي انتهت للتو في العاصمة الارجنتينية بيونس ايرس،عن نتائج تُذكَر باستثناء العبارات العمومية التي وردت في بيانات صحفية صدرت عن الجانبين،كان اللافِت فيها الاقتراح المُفاجِئ الذي تقدّم به الرئيس التركي لنظيره الروسي،والداعي الى عقد قمة جديدة بينهما.قال في تبريره للإقتراح «المُجدي» في نظرِه:أن هناك العديد من الخطوات التي يجب ان نتّخِذها،مُستطرِداً (اردوغان):وفي هذا الإطار أجِد انه من المناسب جدا إجراء مُحادَثة حتى وإن (كانت قصيرة) حول..إدلب».
تصريح يَستبِطن ويعكِس في الوقت ذاته،ارتباكا تُركيا إزاء التلكؤ المقصود ولعبة شراء الوقت،التي تُمارِسها عن قصد واستذكاء انقرة،منذ ان وقّع بوتين واردوغان اتفاق سوتشي الخاص بادلب في السابع عشر من ايلول الماضي،والقاضي بإنشاء منطقة منزوعة السلاح بعمق يتراوح بين 15-20 كيلومتراً،وخصوصا فصل التشكيلات المُسلحة الموصوفة»مُعتدِلة»عن تلك الإرهابية،والتي لم تلتزِم انقرة تنفيذها حتى الان.
رغم مرور اكثر من شهرين ونصف على اتفاق سوتشي،ورغم»الصبر»الذي أبدَته موسكو بل وما سوّغته لها من اسباب،وصل حدود»المديح»بأن الجانب التركي يبذُل جهودا في هذا الإتجاه،وان الأمور مُعقّدة على نحو تستدعي المزيد من الوقت،وغيرها من التبريرات الروسية التي تقصد ضمن امور اخرى،عدم منح المزيد من الذرائع لأنقرة للتهرّب من مسؤولياتها والتزاماتها،وبخاصة ان عيون تركيا شاخِصة نحو واشنطن بعد صفقة اطلاق القس الاميركي برانسون،والغزَل الذي باشرَته انقرة تجاهها.من أجل «فكّ» الأخيرة ارتباطها بكرد سوريا(قوات سوريا الديمقراطية)،التي ترى فيها تشكيلا ارهابيا ومثابة ذراع عسكري لحزب العمال الكردستاني التركي.PKK الامر الذي تقف إزاءه إدارة ترمب موقفا مزدوجا،فهي في هذه المرحلة وبعد ان حسمَت أنقرة أمرَها بالمضي قدما في صفقة الصواريخ 400-S،لا تُريد «الطلاق»مع حليفتها الأطلسية،وفي الوقت نفسه ما تزال تراهن على تحالُفها (..) مع قوات قسد وترى فيها حصان طراودة خاصتها،الذي من خلالِه وعبرَه تواصِل العمل على مشروعها العدواني،الرامي الى عرقلة حل الازمة السورية سياسيا (هنا يجدر العودة الى اللغة والمصطلحات التي عبّر فيه مسؤولون أميركيون عن موقفهم ازاء النسخة (11 (من لقاء استانا،وكيف وَصَفوه بالفاشل وطريقه مسدودة وفي»مأزَق»,مُحمّلين المسؤولية لموسكو وطهران ودمشق)،والعمل ايضا على»إحياء»نشاط داعش على جانبي الحدود العراقية السورية,بما يسمح لها لاحقا بالعودة الى مشروعها»الأصلي»الرامي الى تقسيم المنطقة ورسم خرائط جديدة،لها تنهض»هويّات»دولِها المطلوبة أميركياً،على أُسس طائِفية ومذهبِية وعِرقِية تُنهي أو تطمس الهوِيّة العربيّة للمنطقة.
قد لا تنجح واشنطن في إقناع انقرة ان إقامتها لنِقاط مراقَبة عسكرية على الحدود السورية التركية،انما يصُبّ في مصلحة الاخيرة،ولا يستهدف استعداءَها كما ادّعَت،لكن حكومة اردوغان تنظُر بعين الشك للخطوة الأميركية،وما يزال اردوغان يأمل في»استمالَة»نظيره الاميركي،الذي يبدو انه قد خضَع «نهائيا» لآراء ومواقف مستشاريه الصقوريين،وعلى رأسهم بولتون وبومبيو،بعدم مغادرة القوات الاميركية المُحتلّة...سوريا،بل وفي زيادة عديدها وتسليحها كما رشح مؤخرا.ما يضع الرئيس التركي امام ساعة الحقيقة وضرورة الاختيار،بين مواصَلة نهج المراوَغة وشراء الوقت الذي سيصل الى نهايته حتماً,او تنفيذ الإلتزامات والتعهّدات التي اخذها على عاتقه في قمة سوتشي,والتي نحسب ان قمة اخرى (كما اقترح اردوغان) لن تكون قريبة حول ادلب,لان لا شيء جديدا سيُطرَح على جدول اعمالها,سوى تنفيذ بند فصل المُنظمات (المعتدِلة) التي يحتضنها اردوغان,عن تلك الارهابية مثل النصرة /هيئة تحرير الشام وحرّاس الدين وغيرهما من الفصائل الارهابية,التي لم تتورّع – وهي تستشعِر قوة واطمئناناً بان الجانب التركي لن يَخذِلها –عن تسليم هيئة تحرير الشام «شروطِها»لأنقرة,بهدف الخروج بـ»صفقة» في إدلب تحفظ مصالحها الاساسية.حيث جاءت على النحو التالي:كَفّ انقرة ضغوطها على التنظيم لحلِ نفسه,ووقف تحريضها المنظمات الموالية لها ضد التنظيم في مناطق سيطرتِه بادلب,اضافة الى تسليم الاتراك الإبقاء على «حكومة الانقاذ» التابعة للتنظيم (أو) إعطائه حصة وازِنة,في حال تشكيل حكومة مُشترَكة مع «الحكومة المؤقتة»,التي يُديرها الائتلاف السوري المُعارِض.ناهيك عن «الشرط»الاكثر خطورة,الذي تقول فيه النصرة:ان على تركيا «وحدَها» إدارة الطريقين الدولِيّين السَريعَين»إم4 «و»إم5,«الرابِطَين بين حلب وحماة واللاذقية دون تدخّل روسِي,وانسحاب عناصر التنظيم سبعة كيلومترات عنهما وليس عشرة,كما هو وارِد في اتفاق سوتشي.
هنا تتجلّى المراوغة التركية وانعدام حماستها لاتّخاذ أي «إجراء» وخصوصا عسكري ضد إرهابيي النصرة,الامر الذي لفت اليه الرئيس الروسي في اجتماعه باردوغان في الارجنتين,عندما دعاه لاتّخاذ إجراءات «أشَد» لتطبيق اتفاق ادلب/سوتشي,لافتا ان ذلك»ضروري لمنع تكرار حوادث مثل قصف حلب مؤخراً,لا سيما باستخدام ذخائر تحتوي على غازات سامّة».
واذ أبدى بوتين «تفاؤله» بجهود موسكو وانقرة للمُضي قُدما في انشاء المنطقة منزوعة السلاح بادلب،الا انه قال بوضوح:»...نرى ان جهود شركائنا الاتراك هناك،لا تزال تتعثّر بعض الشيء»،مضيفا ربما للمجاملة «لكنهم يعملون بالفعل».ما لبِث ان أشار الى مسألة تشكيل اللجنة الدستورية السورية,واصفا إياها بانها «مُهِمَة شديدة الدِقة والحساسية» وتتطلب صبرا كبيرا،مؤكدا مرة اخرى:ان موسكو وانقرة تتقدمان في هذا المسار،»لكن»علينا ان نأخذ موقف شركائنا الإيرانيين ايضا وبالطبع–قال بوتين ــ لا نستطيع المُضي قُدما,مُتجاهِلين موقِف...دمشق».
اعاد بوتين الأمور الى نصابها بلغة دبلوماسية حمّالة أوجه,تتساوى فيها قوة «الكوابِح»,مع ذلك الاحتمال الذي لم تتخَلّ عنه موسكو يوماً،وهو استعدادها – ودمشق – لعمل عسكري،اذا ما تواصلت حال الجمود التركية الراهنة في تنفيذ اتفاق سوتشي/ادلب,والذي تجلّى في بعض صوَره في القصف الجوي العنيف الذي قامت به القوات الجوفضائية الروسية،ضد المجموعات التي قصفَت حلب بغاز الكلور.وهو أحد الاسباب –ربما – التي دفعت اردوغان،لاقتراح عقد قمة جديدة حول إدلب، نحسَب انها لن تُعقَد.
kharroub@jpf.com.jo