Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Apr-2019

الجزائر تُظهر أن قوى الربيع العربي ما تزال حية

 الغد-هيئة التحرير – (الواشنطن بوست) 3/4/2019

 
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
يجب على أولئك الذين لهم مصالح في الشرق الأوسط أن يتعملوا بعض الدروس -بدءاً من إدارة الرئيس دونالد ترامب. وقد راهن السيد ترامب على آخر جيل من الدكتاتوريين في المنطقة، حتى بينما يستخدمون أكثر أنواع القمع وحشية في تواريخ دولهم الحديثة. ومع ذلك لا تبدو حتى بلدان هؤلاء المستبدين مستقرة: فقد أخفقت الأنظمة هناك في تقديم حلول اقتصادية ناجعة، خاصة لقطاع الشباب المتضخم من سكانها
 
* *
بدا الربيع العربي وكأنه ذوى وتلاشى منذ سنوات، وسط الانقلابات، والحروب الأهلية وعودة أنظمة الاستبدادية. لكن التيارات القوية التي خلقته -تعاظم السخط الشعبي مع الركود الاقتصادي والفساد، وتطلع الجماهير إلى مجتمعات أكثر انفتاحاً- لم تذهب مطلقاً. وكان هذا واضحاً من الاضطرابات الجديدة التي شهدتها الجزائر، حيث تمكنت أسابيع من التظاهرات الشعبية الحاشدة من انتزاع تنازلات من النخبة الحاكمة -بما فيها استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يوم الثلاثاء في الأسبوع الماضي.
ظلت الجزائر إلى حد كبير سليمة لم تمسها الانتفاضات التي أفضت في العام 2011 إلى سقوط الدكتاتوريين في تونس وليبيا المجاورتين، بالإضافة إلى مصر. ولكن، عندما قام الرئيس بوتفليقة، الذي احتل سدة السلطة منذ العام 1999، بترشيح نفسه لولاية رئاسية خامسة، خرج عشرات الآلاف من الناس إلى الشوارع في شباط (فبراير)، جاعلين الجزائر تبدو كبيرة الشبه بالقاهرة قبل ثماني سنوات من الآن. وكان الشباب هم الذي يهيمنون إلى حد كبير على ستة أسابيع لاحقة من التظاهرات التي بلا قيادة، والذين لم يستطيعوا تحمل المزيد من الحكم الذي يقوده -اسمياً على الأقل- رجل عجوز بعمر 82 عاماً والذي لم يتحدث في العلن منذ عانى من جلطة دماغية قبل ست سنوات.
حتى كتابة هذه السطور، لم توضح الزمرة الحاكمة الغامضة إلى حد كبير في الجزائر، والتي يسيطر عليها الجيش، لمطالب المحتجين بوضع نهاية للنظام السياسي الحالي وبدء عملية انتقالية نحو ديمقراطية حقيقية. وما تزال تحاول، بقيادة رئيس هيئة أركان الجيش، أحمد قايد صلاح، المحافظة على نفسها عن طريق التخلص من عناصرها المكروهين أكثر من غيرهم. وبالإضافة إلى تقاعد الرئيس بوتفليقة، قام النظام باعتقال واحد من أغنى رجالات البلد، وصادر جوازات سفر دزينة أخرى من أقطاب الأعمال الذين استفادوا من صلاتهم بما يسميه الجزائريون “لو بوفوار” أو “السلطة”.
ما يزال من المبكر كثيراً معرفة المدى الذي يمكن أن يذهب إليه التغيير في الجزائر. ويدعو الدستور هناك إلى عقد انتخابات جديدة في غضون 90 يوماً، ولكن إذا لم يتم إصلاح النظام السياسي، فإن الاحتجاجات الشعبية مرشحة للاستمرار. وفي الوقت الحالي، يجب على أولئك الذين لهم مصالح في الشرق الأوسط أن يتعملوا بعض الدروس -بدءاً من إدارة الرئيس دونالد ترامب. وقد راهن السيد ترامب على آخر جيل من الدكتاتوريين في المنطقة، حتى بينما يستخدمون أكثر أنواع القمع وحشية في تواريخ دولهم الحديثة. ومع ذلك لا تبدو حتى بلدان هؤلاء المستبدين مستقرة: فقد أخفقت الأنظمة هناك في تقديم حلول اقتصادية ناجعة، خاصة لقطاع الشباب المتضخم من سكانها.
ثمة حاجة ماسة إلى إجراء تعديل على السياسات الأميركية. ويجب على الرئيس ترامب، الذي دعا الرئيس السيسي إلى زيارة البيت الأبيض في هذه الأيام، أن يضغط من أجل التوقف عن قمع المجتمع المدني وسجن المعارضين السلميين، خاصة الليبراليين العلمانيين الذين يدعون إلى إجراء إصلاحات سلمية. وفوق كل شيء، يجب الضغط من أجل وقف محاولات الرئيس المصري تغيير الدستور كي يتمكن من البقاء في الحكم حتى العام 2034 -أي مدى الحياة فعلياً. وتعرض الجزائر مثالاً حياً آخر لما يمكن أن يحدث عندما يعمل الحكام غير المسؤولين على ترسيخ بقائهم في السلطة، بينما يتجاهلون حاجة مجتمعاتهم الملحة إلى التغيير.
*نشرت هذه الافتتاحية تحت عنوان: Algeria shows the forces of the Arab Spring are still alive