Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    04-Jul-2018

عبداالله الثاني وتطوير القيم الإنسانية - د فايز بصبوص الدوايمة

الراي -  عندما توجه جلالة الملك الى واشنطن كما اسلفنا في المقالة السابقة كانت تتمحور جهوده حول إيضاح يستتر وراءه تحذير واضح المعالم من خلال انعكاسات زيارة كوشنير الى المنطقة ، هذه الزيارة التي جاءت شبه خفيه وكانت انعكاساتها الإعلامية ونتائجها وحوارها مع كل قادة المنطقة دون ضجيج اعلامي ولو بحدوده الدنيا باستثناء المملكة الأردنية الهاشمية وقبلها زيارة نتنياهو دون تحفظ.

السياسة الأردنية موقفها واضح تماما من كل ما يطرح على الساحة وخاصة كما اوردناه في مقالنا السابق في صحيفة الراي بتمرير صفقة القرن ، هذا كله قد جعل جلالة الملك يتوجه مباشرة الى واشنطن ليقوم بشرح واضح وصريح حول مخاطر ما يطرح من قبل كوشنير ومن وراءه عرابي صفقة القرن على المنطقة وعلى مستقبل الاستقرار الاجتماعي والسياسي في المنطقة لذلك ركز جلالته في لقاءاته مع مراكز القوى وصناع القرار السياسيين والتشريعيين ، والأهم من كل ذلك قيادات مؤسسات المجتمع المدني ولوبيات
الضغط الاجتماعي والأهلي والمدني في الولايات المتحدة الاميركية ، وذلك انطلاقا من الاحترام المطلق على
كل الأصعدة وخاصة فيما يتعلق في الواقع الإنساني ودور الأردن في اعتبار الانسان هو المحور الأصيل للوجود
بكليته وهذا بالضبط ما قارنه النظام السياسي الأردني وعلى راسه الملك المفدى في آلية التعامل مع
شعبه ومع الفسيفساء الاثنية والطائفية والدينية في المجتمع الأردني ، عندما اطلق مبادراته المتراكمة من
رسالة عمان مرورا في مبادرته كلمة سواء وصولا الى أسبوع الوئام الدولي بين الأديان والذي ترجم كأحد
مرتكزات الوئام الديني والمجتمعي وحتى القبلي في هيئة الأمم المتحدة ، واقر كأسبوع عالمي ترتب عليه
جائزة الوئام بين الأديان تحت مسمى جائزة الملك عبداالله الثاني للوئام بين الأديان والذي تبنته الأوقاف
الأردنية.
ان هذه المسيرة التي عمل خلالها جلالة الملك على ترسيخ مفهوم الوحدة الداخلية بين كل المكونات والتي
جعلت مفهوم الوئام المجتمعي والديني جزأ من الثقافة والوعي الحاضرة دائما في مفردات وتطبيقات
وممارسات الشعب الأردني ، وهذا الدور العظيم لجلالته هو الذي أدى الى حصول جلالته على جائزة مؤسسة
جون تمبلتون للعام 2018 للوئام بين الأديان والتي تمنح بحسب القائمين عليها تقديرا للأشخاص الذين
يقدمون اسهامات مبدعة وجديدة بشكل بناء في الحوارات المتعلقة بالعلاقة بين الأديان وتعميق ثوابت
القيم الإنسانية عامة ، معلنة هذه المؤسسة انها ستنظم فعاليات لتسليم هذه الجائزة لجلالته للاحتفال
بجهود وانجازات جلالته في الثالث عشر من تشرين الثاني لهذا العام في العاصمة الاميركية واشنطن.
ان هذه الجائزة تقدم فقط لكل من اسهم بشكل مباشر في بناء وتطوير القيم الإنسانية الشاملة.
لماذا تم الربط ما بين هذه الجائزة ذات الطابع الإنساني والزيارة السياسية التي قام بها جلالة الملك الى
واشنطن ، السبب يكمن في التالي ان توسع دائرة الشعوبية والانغلاق الاممي وتطور وعي التطرف والانعدام
الذاتي التي ترسخت بعد نجاح الإدارة الاميركية الجديدة والتي انعكست مباشرة على الاتحاد الأوروبي وخلفت
بروزا غير مسبوق لليمين المتطرف كل ذلك يتناقض مع القيم الحقيقية التي يتمتع بها جلالة الملك والتي
هي نقيضة تماما للشعوبية والانعزال ، فالوئام الديني هو النقيض الحقيقي للشعوبية والشوفينية والعرقية والانغلاق.
من هنا نقول ان دلالات هذه الجائزة تعني ان هناك مؤسسات وصناع قرار لا يقبلون التوجه الشعوبي والذي يلقى انعكاساته على السياسة الخارجية للدول فعندما يستبعد البعد الإنساني في العلاقات الدولية يكون هناك ظلم واستبداد غير مسبوق للقوي على الضعيف ، وهذا التوجه الإنساني لجلالة الملك انعكس في لقاءاته مع القيادة الاميركية واسهم في تثبيت مرتكزات السياسة الأردنية الخارجية والخاصة بالقضية الفلسطينية وقضية القدس وقضية الوئام الإنساني ، وان التعامل مع القضية الفلسطينية خارج البعد الإنساني يطرح تساؤلا ضخما حول مطالبات الخارجية الاميركية من الأردن ، بأن تحتوي اللجوء السوري وغيره من خلال البعد الإنساني لذلك فان المدافعين عن الحقوق الإنسانية في العالم دائما سيكونون خلف جلالته من اجل الإبقاء على العالم ضمن ثوابت الثقافة الإنسانية الشاملة ، من هنا أيضا ومن هذه الزاوية كانت زيارة ميركل في نفس الفترة لأن المستشارة الألمانية تخوض صراعا ضخما في كواليس الاتحاد الأوروبي للتعامل مع قضية اللجوء في بعدها الإنساني ولهذا ترى في جلالة الملك حليفا في بعديه السياسي والإنساني هذا هو قائد مسيرتنا المفدى عندما يحط بثقله العالمي في أي محفل تنتصب كل القيادات الدولية امامه احتراما وتقديرا لحسه الإنساني العالمي الفذ ، اننا فخورون بأننا جزأ لا يتجزأ من مسيرتك الحاضنة للانسانية العالمية
بكل ما للكلمة من معنى.