Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Oct-2017

دفاعاً عن خزينة الدولة.. على الأقل! - د. زيد حمزة
 
الراي - يذكر الكثيرون ان الجهود الحثيثة التي بدأت في المجلس الوطني الاستشاري عام 1976 لتعديل القانون المنظم للعلاقة بين المالكين والمستأجرين في انحياز واضح لصالح الفئة الاقوى كما يقضي اقتصاد السوق لم تتكلل بالنجاح (!) إلا في مجلس الأمة عام 2000 حين تم نسف مادته الخامسة التي كانت منذ انشاء الدولة الاردنية توفر للمستأجر طمأنينة الاستمرار في اشغال المأجور حسب شروط العقد المبرم مع المالك وأُعيدت صياغتها لتنص على انهاء جميع عقود الايجار القائمة بحلول عام 2010 أي أنها لبست مؤقتاً مسوح الرحمة بالمستأجر فأمهلته بضع سنوات قبل أن يتمكن المالك منه ويقيّده بعقد جديد للمدة التي يشاءُها وبالاجرة التي يفرضها وليس أمامه سوى الاذعان وإلا فالاخلاء هو الحل !
 
يعرف كثير من القراء انني ومنذ البداية المبكرة تصديت للدفاع عن حق المستأجرين في استمرار إشغال المأجور وعدم المس بالمادة الخامسة المذكورة انطلاقاً من ايماني بانها تحقق بعض العدالة الاجتماعية فضلا عن قناعتي بان (تأجير) العقار في الاصل ليس مهنة أو عملاً ! لذلك فقد اصابني القنوط عندما وافق البرلمان عام 2000 على اجراء التعديل المذكور، لكن الأمل عاودني بعد ثلاث سنوات حين نشرتْ جريدة (الرأي) في 3 /8 /2003 (ان لجنة للمتضررين من قانون المالكين والمستأجرين الجديد تنوي جمع مليون توقيع للمطالبة بالغائه لانه يمس كل مواطن في قوته وعيشه ورزقه ومسكنه وله انعكاسات سلبية تطاول عشرات الآلاف من العائلات) فكتبتُ معلنا انني اضع نفسي في خدمة هذه اللجنة، ثم لم أتردد بعد ذلك بقبول الدعوة التي وجهها النائب مروان سلطان رئيس لجنة الحريات في مجلس النواب آنذاك لاجتماع يناقش إعادة النظر في هذا القانون (بعد ان تسلم طلباً موقعاً من مليون مواطن يحذرون من تطبيقه ويتوقعون ان تدب الفوضى وتعم الخلافات بين الناس وتمتلئ بهم مخافر الشرطة والمحاكم )، وقد رأى النائب سلطان ان يستطلع آراء مختلف الجهات ذات العلاقة بهذا القانون من مستفيدين أو متضررين وكان بين هؤلاء عدد من تجار وسط البلد، وقد توافق معظم الحضور على المفاهيم التالية: إن مقولة (العقد شريعة المتعاقدين) باطلة لأنها ليست نصاً في اي دستور ولا علاقة لها بالشريعة الاسلامية كما يوحي ظاهرها، وإن أي عقد لا بد أن يخضع لقانون يحدد شروطه العامة فلا يتركها للاطراف المتعاقدة وإلا ابتز القويُّ الضعيف ولكَان المرابي شايلوك على حق! وإن المسكن كلمة جاءت من السكينة والطمأنينة واي محاولة للعبث بمقصدها قد تخلخل الوشائج الاجتماعية والانسانية التي تربط القاطنين بالحي والجوار وقد تؤدي الى ظهور مشكلة المشردين في الشوارع ال Homeless التي تعاني منها مدن تطبق مثل هذا القانون، وإن رفعاً مزاجياً لاجرة مكان العمل التجاري او الحرفي، يمكن ان يضطر صاحبه للرحيل الى مكان آخر فتضيع سدى السمعة التي بناها على مر السنين وهي جزء مهم من راسماله، كما ان التراث العمراني الذي تفخر به مدن العالم حين تحافظ على ابنيتها القديمة يمكن ان يُمحى بمثل هذا القانون الذي يتيح هدم اي عقار قديم لبناء آخر جديد كلما عنَّ للمالك تحقيق مزيد من الربح! ومن ناحيتي استغربت في الاجتماع كيف ان الحكومة نفسها قبلت بهذا التعديل ولم تدافع عن حقوق الخزينة عندما تضطر بموجبه، كمستأجرة لآلاف العقارات لدوائر الدولة ومرافقها ومدارسها، ان تُخليها او تدفع المبالغ الطائلة للمالكين لاعادة التعاقد معهم! وفي نفس السياق لكن بعد اربعة عشر عاماً جاء قبل ايام في جريدة ((الرأي)) 2/10/2017 تحت عنوان (العدالة الغائبه في قانون المالكين) للكاتب الاقتصادي الاستاذ عصام قضماني وهو الذي لا يمكن اتهامه بانه ضد نظام السوق: (هب ان مالك البناية التي تستأجرها الحكومة وتشغلها وزارة الزراعة قرر فجأة طلب زيادة او قرر طلب إخلاء المبنى، ماذا ستفعل الحكومة؟ القانون بنسخته الحالية يمنح المالك هذا الحق ولا يضع ضوابط ولا اجراءات لتنظيم العلاقة فقد فوّض المالك كليا بخطوات يراها مناسبة حتى لو كانت محكومة بالمزاجية، ويحدث هذا صباح كل يوم وجولة على المحلات التجارية في وسط البلد وفي كل مكان كافية لاكتشاف الخلل وقد خلق صراعاً محتدما واروقة المحاكم تشهد بذلك ).
 
وبعد.. لست متفائلا بتحرك ايجابي تقوم به الحكومة بهدف اصلاح الخلل لوقف هذا الصراع المحتدم في المحاكم ولا حتى لانقاذ الخزينة من خسائر كبيرة يمكن ان تتكبدها، فالبنك الدولي – كما تعلمون – بالمرصاد !