Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Feb-2018

شطرنج إيراني - ناحوم بارنيع

 

يديعوت أحرونوت
 
الغد- يحتمل أن يكون تسلل الطائرة الإيرانية بدون طيار إلى الاراضي الإسرائيلية نبع من خطأ عملياتي: فالذي كان مناوبا كقائد في مطار تدمر غفا مع الاصبع على ممسكة التوجيه. معقول أكثر الافتراض انه كانت هنا نية مبيتة. فليس صدفة ان يكون الإيرانيون اخترعوا لعبة الشطرنج. فهم يديرون في الفترة الاخيرة لعبة مركبة مع إسرائيل، تنتشر على الساحة السورية واللبنانية. وحتى يوم أمس كانوا في حالة دفاع. أما أمس فقد انتقلوا إلى الهجوم، ضحوا بحجر وأخذوا لنا القلعة. خطوات اخرى على الطريق. 
إيران وإسرائيل تقاتل الواحدة الاخرى لسنين. هذه حرب وحشية: الإيرانيون لم يترددوا في أن يقتلوا في اثنائها مواطنين أبرياء، إسرائيليين ويهود. قاعدة واحدة حافظوا عليها بعناية: الامتناع عن المواجهة المكشوفة، المباشرة. إيران هاجمت من خلال المبعوثين، الأكثر فتكا بينهم هي منظمة حزب الله. أما إسرائيل ففضلت العمليات السرية، من تحت الرادار. أما أمس، ولأول مرة تحطم هذا الحاجز. تحطم في الطرفين. وهذه علامة طريق.
علامة طريق ثانية هي اسقاط آلاف 16 حين كانت تطير في سماء إسرائيل. منذ 1982 لم تسقط طائرة لسلاح الجو. في الجيش الإسرائيلي بذلوا جهدا للتهدئة: ضرب طائرة واحدة لا يبشر بفقدان التفوق الجوي الإسرائيلي. وعلى الرغم من ذلك، عندما يتبين أن مضادات الطائرات لدى الجيش السوري يمكنها أن تسقط طائرة في سماء الجليل فللإسرائيليين سبب للقلق. فضلا عن ذلك، فإن اسقاط الطائرة يطرح اسئلة عن حرية عمل سلاح الجو في ضرب اهداف في سورية وفي لبنان. منذ الحسم في الحرب الأهلية في سورية تتغير قواعد اللعب، على الارض وفي الجو. 
في بداية الشهر شاركت في سلسلة من المحادثات والجولات مع كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي، تركزت على المعركة في الشمال. والمقال الذي نشر في اعقابها عنونته "حرب الشمال الأولى". لست أنا من اخترع هذا التعبير – اخترعه قائد فرقة في المنطقة. وكان هدف المحادثات، كما كتبت، هو "اعداد اصحاب القرار في العالم والرأي العام في البلاد لإمكانية الحرب، ليست المبادر اليها بل المتدحرجة، وبشكل غير مباشر الإيضاح للإيرانيين بأن إسرائيل لا تخاف المواجهة العسكرية". 
في الجيش الإسرائيلي لا يريدون الحرب؛ وكذا القيادة السياسية أيضا. فالتحذيرات تستهدف منع الحرب وليس احداثها. والهدف الاساس لهذه التحذيرات كان بوتين. وكانت الفرضية هي أنه إذا فهم بوتين بانه قد تنشب حرب في الشمال تجعل من الصعب عليه فرض الاستقرار في سورية وتهز مكانته كمحكم أعلى بين الدول في المنطقة فإنه سيحرص على وقف الإيرانيين. هذا لم يحصل. والجهد العظيم الذي  بذله نتنياهو في أسر قلب بوتين باء بالفشل.
بوتين مثل بوتين: فهو يغدق اقوال المحبة على آذان رؤساء وزراء إسرائيل، ويدعهم يشعرون بانه معجب بهم وبدولتهم. وهم يتباهون بعلاقاتهم معه أمام جمهور ناخبيهم. اما هو فليس صديقا. في حديث مع أحد اسلاف نتنياهو قال بصراحة: أنا أعمل فقط وفقا لمصالح روسيا كما افهمها.
في هذه اللحظة مصلحة روسيا هي الحفاظ على حلفه مع إيران، وليس التورط في تدخل مباشر في الحرب. والتنسيق مع إسرائيل يستهدف خدمة هذين الهدفين. التنسيق مع إسرائيل هو تكتيك؛ الحلف مع إيران هو استراتيجية. إسرائيل لا يمكنها أن تعول على نوايا بوتين الطيبة. وهي ملزمة بان تجد سبيلا لاجباره على العمل.
لقد آمن نتنياهو أن بوسعه أن يجند الإدارة الأميركية من أجل منع تثبيت وجود إيران. وكما هو معروف فإن ترامب أكثر ودا لإسرائيل من بوتين. لعله هو الذي سيجلب الخلاص. لشدة الاسف، هذه الخطوة فشلت هي الاخرى: ادارة ترامب تخلت عن تدخل حقيقي في تقرير مصير سورية. وهي تحشد جهودها في الشرق، على الحدود مع العراق. أما في جبهتنا فليس لنا من نعتمد عليه غير أنفسنا.
السؤال الكبير هو من سيقوم بالخطوة التالية في لعبة الشطرنج هذه، متى وكيف. السيناريو اللازم هو تنظيم قافلة اخرى لحزب الله تنقل الصواريخ الدقيقة أو عناصر لمثل هذه الصواريخ، من سورية إلى لبنان، وسيتعين على إسرائيل أن تقرر هل تغض النظر وتخاطر بفقدان الردع، أم تهاجم وتخاطر بالتدحرج نحو الحرب. الجيش الإسرائيلي اتخذ جانب الحذر حتى اليوم من وضع خطوط حمراء: من رسم خطا أحمر يصبح أسيره، رهينته. اما وزراء حكومة إسرائيل فأقل حذرا. شيء واحد هو أن يقول المرء إن إسرائيل ستعمل ضد تثبيت وجود إيراني في سورية وفي لبنان، وشيء آخر هو القول إن إسرائيل لن تسمح بذلك. 
لقد ولدت معظم الحروب في الشرق الأوسط من تدحرجات غير مقصودة، من لعبة خطوة تشوشت، من عملية إرهابية نجحت أكثر مما ينبغي من ضغط على الرأي العام على القيادة السياسية. ليس معني أي لاعب في هذه اللحظة بالحرب – لا في إسرائيل، لا في لبنان، لا في سورية وحسب التقدير في إسرائيل ولا في إيران أيضا. فالحرب تبدو زائدة جدا، هاذية جدا، في نظر الإسرائيليين الذين تنزه منهم أمس، في يوم دراماتيكي في الشمال مائة ألف شخص في المحميات الطبيعية و 25 ألفا في جبل الشيخ. في الجيش الإسرائيلي فرحوا – فقد رأوا في ذلك دليل ثقة من الإسرائيليين لجهازهم الأمني. ولعل السبب هو عدم الثقة: الإسرائيليون لا يصدقون الخطاب الحرب لزعمائهم. وهم يرفضون الفزع مما لا يمكنهم لا يغيروه. 
وعليه، فخير يكون إذا ما واصلت الدولة العمل كالمعتاد: في هيئة الاركان يتابعون نشاط الإيرانيين وفي الشرطة يعملون على تحقيقات الفساد. والجيش الإسرائيلي يرفع توصياته والشرطة ترفع توصياتها. رجاء لا تخلطوا الأمور.