Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Jan-2018

لا مكان لفلسطين في استراتيجية الأمن القومي الأميركي - د. اسعد عبد الرحمن

 الراي - يخيل لمن يقرأ «استراتيجية الأمن القومي الأميركي» للعام 2018 أنه أمام دولة شارفت على الإنهيار وعليها اتخاذ إجراءات مصيرية لإنقاذ نفسها!!! فالاستراتيجية، على نحو مبالغ، تحذر من «تآكل الصناعة الأميركية خلال العقدين الماضيين، وتشير صراحة إلى الاعتقاد بأن «التفوق العسكري الهائل مطلوب لمنع نجاح العدو وضمان أن أبناء وبنات أميركا لن يكونوا في معركة غير عادلة».

 
وإن كانت الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ عهد إدارة الرئيس (رونالد ريغان) دأبت على إصدار «الاستراتيجية» – التي هي في الأصل غير ملزمة للكونجرس–بهدف ضمان التفوق الأميركي في كافة الميادين العسكرية والاقتصادية والتقنية والمدنية وغيرها، وإضعاف قدرة الخصوم المحتملين على المنافسة والتهديد، فإنها اليوم تعبر بصورة أوضح عن نهج الرئيس (دونالد ترمب) الذي يثير، للعالم أجمع، منذ وصوله إلى البيت الأبيض عديد التساؤلات غير المعهودة في السياسة الأميركية، من نوع تركيزها، مثلا، على ترسيخ عولمة أميركية أحادية القطب، وبحسب صحيفة «الجارديان» البريطانية، فإن «الاستراتيجية»: «محاولة لتجميع آراء وتصريحات الرئيس ترمب عن الأحداث الجارية في العالم، بالإضافة إلى حكم من يجاورونه في السُلطة، فظهر لنا ورقة عبارة عن مظهر من مظاهر الخداع لهذه الإدارة الخطرة وغير المنتظمة، التي تحاول بناء إطار لاتخاذ القرارات الخطيرة».
 
إن من «أهم» ما قدمه الرئيس (ترمب) في «استراتيجيته» إعلانه عن الأولويات الأميركية الحقيقية، وبالتالي، في الشق الخاص بالشرق الأوسط تحديدا، جاءت قضية الصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي في ذيل هذه الأولويات. ورغم أن «الاستراتيجية» تقوم على أربعة محاور رئيسية تستند إلى: حماية الوطن، وتعزيز الرخاء الأميركي، والحفاظ على السلام العالمي، وتعزيز الدور الأميركي على الساحة الدولية، إلا أن الحديث عن «الاستراتيجية» تصدر الإعلام في إسرائيل بسبب جملة واحدة في «الاستراتيجية» التي تضم 68 صفحة: «على مدار عقود كان الحديث عن أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو المحور الأساسي الذي منع تحقيق السلام في المنطقة، إلا أن اليوم يتضح أن التطرف الإرهابي الإسلامي الآتي من إيران قادنا لندرك أن إسرائيل ليست مصدرا للصراع في الشرق الأوسط، وأن دولا أظهرت إمكانيات التعاون المشترك مع إسرائيل لمواجهة التهديدات الإيرانية». وفي ذلك، يقول (افرايم غانور) الكاتب الإسرائيلي في صحيفة «معاريف»: «إن أهمية الاستراتيجية التي عرضها الرئيس ترمب تحت عنوان «إسرائيل ليست مسؤولة عن عدم الاستقرار في الشرق الأوسط»، أكبر من تصريح الرئيس بالاعتراف بالقدس كعاصمة إسرائيل».
 
صحيح أن دبلوماسيين وخبراء أميركيين في شؤون المنطقة توقعوا أن لا يكون لاستراتيجية (ترمب) تأثير كبير من الناحية العملية، فهي «لا تمت للواقع بصلة عادة، وغير مصممة للتعامل مع الجزيئيات» كما يرى المفاوض السابق للسلام في الشرق الأوسط في عدد من الإدارات الأميركية (آرون ديفيد ميلر). غير أن الكاتب الإسرائيلي في صحيفة «الانديبندنت» البريطانية (زيف شافتس) كتب يقول: «بالإضافة إلى إعلانه أن القدس عاصمة لإسرائيل، فإن ترمب قد صفع الواقعية الموجودة في عالم السياسة الخارجية الأميركية، فهو يدرك أنه لا يوجد عالم عربي يعمل من أجل العدالة، بل هي منطقة من دول ذات سيادة تسعى إلى تحقيق ما تعتبره مصلحتها الذاتية، وكما تقول الاستراتيجية الجديدة، فإن الدول العربية تجد مصالح مشتركة مع إسرائيل، على نحو متزايد، فى مواجهة التهديدات المشتركة»!
 
وعن ذلك عبر مقال مشترك كتبه (عاموس يادلين) مدير معهد دراسات الأمن القومي مع (أفنر غولوب) الزميل الباحث في المعهد حيث يستخلصان: «مع هكذا وثيقة ثمة حاجة إلى اجراء حوار وثيق ودائم بين إسرائيل والولايات المتحدة، هدفه بلورة استراتيجية أميركية – إسرائيلية منسقة ضد إيران، تضمن تحقيق المبادىء التي تضمنتها الوثيقة الأميركية، مع المحافظة على المصالح الإسرائيلية. وعليه، من المتوقع أن يجري حوار مشترك فيما يتعلق بالسياسة التي يجب انتهاجها في ضوء مبادىء الوثيقة، وخصوصاً على المستوى الاستراتيجي العسكري. معنى هذا أنه سيكون لإسرائيل في الفترة المقبلة تأثير في بلورة السياسة الأميركية عملياً».
 
إن الخطير في «استراتيجية الأمن القومي الأميركي» الراهنة هو تفكيك ما يشار إليه منذ العام 1967 بـ»نظرية الربط» بين الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وعليه نسأل: هل حقا لدى الرئيس (ترمب) الرغبة في طرح ما يسميه «صفقة» القرن؟ وهل حقاً هناك «صفقة» من أساسه تتعلق بحل القضية الفلسطينية، القضية الأهم شرقاأوسطيا، والتي غيبها (ترمب) من «استراتيجية الأمن القومي الأميركي»؟!
 
إن هذه «الاستراتيجية» هي في حقيقتها محاولة ترويج لعدم أهمية القضية الفلسطينية وأن على الفلسطينيين الاستسلام للأمر الواقع، فيما إسرائيل دولة طبيعية يجب دمجها بالمنطقة للمساعدة في حل المشاكل الأمنية، مع تجاهل ما تقوم به في توسيع رقعة الاستعمار/ «الاستيطان» على امتداد الوطن التاريخي الفلسطيني.