Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Apr-2018

من بغداد الى دمشق ... عندما تغيّر العالم !! - محمد كعوش

 الراي - عندما وصل العالم الى حافة الحرب النووية بسبب ازمة الصواريخ السوفياتية في كوبا عام 1962 لوح الرئيس جون كينيدي باستخدام القوة ، ولكنه في اللحظة الأخيرة جنح الى الحل السياسي عبر القنوات الدبلوماسية ، وانتهت الأزمة بسلام ، وبعدها قال عبارة مهمة :» ان لم نستطع انهاء خلافاتنا الآن ، يمكننا على الأقل ، المساعدة على أن يكون العالم مكانا آمنا

للأختلاف «. هذه المواقف تبين الفرق بين رئيس يتميز بالعقلانية والحكمة وبين رئيس أحمق يدير
بلاده من وسط مصانع الأسلحة وشركات النفط ، يشغله الكسب والربح وتجارة الأسلحة ، حتى لو كان على حساب السلم الدولي وأمن الشعوب. نسوق هذه المقارنة بمناسبة التهديدات التي اطلقها الرئيس ترمب باتجاه سوريا ، والتي اصّر فيها على توجيه ضربة عسكرية الى اهداف سورية في اية لحظة.
تريد واشنطن جر المنطقة الى حرب شاملة مفتوحة قد تخرج عن السيطرة ، لا نعرف كيف تبدأ ولا نعرف كيف وأين ومتى تنتهي ، لأن ما يدور في سوريا تجاوز حالة الصراع الداخلي ، أوالحرب بين الجيش وبين المنظمات المسلحة المتطرفة ، الى ما يشبه الحرب الدولية لكثرة الأطراف المتورطة.
واللافت أن هذا التصعيد بدأ بالتزامن مع ذكرى مرور 15 عاما على احتلال بغداد. ربما هذه المناسبة انعشت ذاكرة الرئيس ترمب وجنرالاته وقادة اليمين الأميركي وكبار مفكري المحافظين الجدد ، وفتحت شهيتهم لشن حرب مماثلة على سوريا ، كانت مقررة مسبقا. ولكن هناك حقائق ربما تكون غائبة ، أو انهم يتجاهلونها ، وهي أن غزو العراق ، من سوء حظ النظام السابق ، حدث عندما كان العالم بقطب واحد تقوده الولايات المتحدة منفردة ، وكانت قادرة على تشكيل تحالف دولي شاركا غزو العراق واحتلاله.
اليوم نعيش في عالم متعدد الأقطاب ، لأن العالم قد تغيّر ، ومن الصعب جدا أن يعيد التاريخ نفسه ، كذلك هناك حقيقة ثانية وهي أن النظام العراقي السابق وافق على تدمير كل اسلحته الأستراتيجية والثقيلة ، وخضع العراق للتفتيش الشامل بعد حصار طويل ، على أمل أن قبوله بهذه الشروط سيخرجه من الأزمة ويعيد بناء نفسه ، ولكنه وقع في الخديعة وتعرض للغزو في حين لم يكن الجيش العراقي مهيء لصد ومواجهة غزو بهذا الحجم والقوة ، خصوصا في غياب حلفاء اقليميين ودوليين.
اليوم تعيدنا واشنطن الى اجواء مرحلة غزو العراق ، حيث تقود الولايات المتحدة اوركسترا عسكرية واعلامية غربية تعزف سمفونية الحرب ، تحت ذات المزاعم والأتهامات ، على امل تطبيق سيناريو غزو العراق في سوريا بمشاركة بريطانية – فرنسية ، أو ربما ألأكتفاء بتوجيه ضربة صاروخية محدودة هدفها تغيير قواعد اللعبة واعادة خلط الأوراق في صراع المصالح الأميركية–الروسية قي المنطقة.
لا أحد يعرف حسابات الأدارة الأميركية الجامحة المندفعة باتجاه الحرب بقوة ، وما نخشاه هو أن تقوم واشنطن بخوض حروب اسرائيل في المنطقة ، بحيث تشعل حربا اقليمية واسعة لفرض واقع جديد وتحالفات جديدة معلنة تصب في المصلحة الأسرائيلية فحسب.
ولكن ، كما ذكرنا ، العالم قد تغير ، وعلى كل الأطراف المندفعة باتجاه الحرب أن تعيد حساباتها بوجود توازن الرعب ، ولأن الحرب ستكون مكلفة لكل الأطراف ، وقد تتحول الى حرب مدمرة ، تذكرني بما كتبه الأديب جيروم سالينجر ألأميركي الجنسية اليهودي الديانة.
هذا الكاتب الذي اتهم بالشيوعية لتمرده ، تطوع للقتال في الجبهة الأوروبية ، وعندما عاد الى نيويورك ادخل الى المستشفى للعلاج من صدمة نفسية وانهيار عصبي لهول ما شاهد في معركة برلين ، عاش بعدها في عزلة ، قال: « من يشارك في الحرب لمدة 200 يوم يصاب بالجنون.. المرء لا يستطيع أن يخرج رائحة اللحم المحترق من انفه مهما عاش « ، هذه هي الحرب التي يقرعون طبولها !!