Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    07-Jan-2018

التأثير على العقول والنفوس ودور الإعلام - د. مأمون نورالدين

 الراي - قال القائد العسكري الفرنسي القديم نابليون بونابرت «أربع صحف معادية تخيف أكثر من ألف حربة»، وقال أيضاً «هناك قوّتان فقط في العالم، السيف والروح؛ على المدى الطويل سوف تغلب الروح دوماً السيف».

إغتيال الشخصيات وزعزة الصورة، التحشيد، الترهيب ونشر الخوف والذعر، ما هي إلّا إستراتيجيات حرب وتأثير رخيصة جداً وقد تكون فعالة جدّاً إذا لم يتم الإعداد المضاد لها. وإذا ما أردنا أمثلة من التاريخ الحديث لا القديم، فإن مهمة «الصدمة والرعب» الممنهجة تمكنت من شلّ حياة عامة كاملة خلال حرب الخليج الثانية.
 
بينما في مثال آخر كسر ظهور مفاجئ للرئيس التركي إردوغان عبر إحدى وسائط التواصل الإجتماعي محاولة إنقالاب فاشلة، فبظهوره المفاجئ هذا بعد سيطرة الإنقلابيين على أبرز وسائل الإعلام أحبط موجات الزعزعة والرعب التي خلقها الإنقلابيون وبغضون ساعات نفذ وعده بهمة مناصريه الذين إستجابوا لدعوته للخروج للشارع وعادت الموازين إلى ما كانت عليه قبل المحاولة.
 
لا يدرك البعض أن الحرب النفسية هي من أكثر أدوات الحرب فعالية وأقلها كلفة. فهي لا تحتاج لنقل قوّات ولا عدّة أو عتاد، إنما بعضاً الثقة. حتّى أنّ هذه الأساليب ما لكلفتها إلّا أن تنخفض مع التطوّر التكنولوجي المستمر.
 
لقد غيّرت التكنولوجيا شكل الجواسيس من الكلام المدروس الذي يخاطب العقل مخادعاً إيّاه تارّةً، والقلب محركاً مشاعره، مغالطاً إياها تارّةً أخرى بهدف ضرب المعنوية وزعزعة والمندسين فما عاد عملهم بذات الصعوبة، ومحاولات نشر الذعر والأكاذيب أصبحت «كبسة زر» تنشر المعلومة لآلاف ومنهم لآلاف أخرى حتى تكبر الموجة وتمتد إذا لم تجد حاجزا كاسرا يدمرها ويخفي أثرها. إعلام الدولة القوّي مرساة لثباتها، وفي الوقت ذاته فإن وهن الإعلام الرسمي خطر على قوّة الدولة وثباتها وخصوصاً اليوم في ظل وجود فضاء يصعب السيطرة عليه وعلى محتواه المرئي والمكتوب والمسموع، والذي أصبح يحمل مفتاح الدخول إلى أي بيت ومخاطبة أي إنسان مهما كانت ثقافته وخلفيته، ومهما كان عمره.
 
دولة مثل دولتنا ذات مواقف غير محابية كانت على مدى الزمن ولا زالت واليوم بالذات هدف لمثل هذه الحملات المغرضة الرخيصة، وقد شهدنا جميعاً أحدى الهجمات في الأسابيع الماضية والتي إستهدفت إغتيال شخصيات وأدوارا عشائرية في هذا الوطن. بالطبع لم تتمكن هذه الكذبات من الولوج وتحقيق أهدافها، فنحن من لدينا من المناعة الرسمية والشعبية ما لدينا لدرء هكذا فتن، ولكن علينا ألّا ننكر أنّه من الواجب الملح اليوم وقبل الغد تحصين وتطوير الإعلام الرسمي وتحضيره بشكل أقوى للرد السريع القوي والمؤثر دون ترك أي فراغ للنشر والتأويل من قبل ضعاف النفوس وعديمي الوطنية. المصلحة الوطنية تتطلب إعلامارسميا قويايملك قوة الرد السريع لكسر أي موجة تأتي من مصدر خبيث. الإعلام الرسمي بأشكاله -إذاعة، تلفاز، وسائل تواصل إجتماعي، وصحف الكترونية ومطبوعة- من أهم الأدوات الأمنية والمناعية للوطن، ولذا علينا أن نوليها الإهتمام ونعيد ترميم ثقة المواطن بها، لتصبح مصدر الخبر الصحيح الأول والأسرع له بدلاً من البحث عن بدائل قد تكون مغلوطة على محطات فضائية أجنبية أو مواقع وحسابات على مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة.