Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Jun-2018

قبل طلب تجنيد الحريديم.. يجب تسديد الالتزامات تجاههم - أنشل بابر

 

هآرتس
 
الغد- سؤال واحد لم يسأل في كل النقاش حول قانون التجنيد، الذي يثور لدينا مرة كل بضعة أشهر. عفوا، لكن بأي حق نحن نطالب بتجنيد الشباب (المتدينين المتزمتين) الحريديم للجيش؟
 
دولة اسرائيل ملزمة بأن توفر لكل طفل ولد وتربى فيها تعليما اساسيا واعدادا للحياة. خلال سبعين سنة الدولة تهمل تماما ابناء الحريديم. قبل أن نطلب منهم التجنيد، ربما نسأل ماذا فعلنا من اجلهم؟ فماذا لو أن مؤسسة الحريديم تضارب بأولادها مقابل المخصصات ومن اجل الحفاظ على قوتها السياسية. كل الحكومات تعاونت مع السياسة التي تحول الشباب الحريديم إلى ادوات، وعقدت اتفاقات من فوق رؤوسهم. ولكن في اللحظة التي نتطرق فيها اليهم كجنود في طور الامكان فإننا يجب أن نتطرق اليهم بصورة منفصلة عن زعمائهم المتهكمين والعدوانيين وأن نسأل ماذا فعلنا حقا من اجلهم.
 
بعد أن فرض حاخاماتهم على الشاب من الحريديم أن يعيش وهو منفصل عن كل علاقة بالعالم الخارجي، وفي سنوات دراسته في جهاز التعليم سحبوا من الشاب كل امكانية لتعلم مهن ضرورية من اجل نجاحه في المستقبل، فإننا أيضا نفرض عليه أن يتجند لثلاث سنوات من الخدمة العسكرية متطلبة وخطيرة؟.
 
آباء كثيرون من الحريديم اهتموا بأن يتعلم اولادهم مهنا اساسية ويحصلون على اعداد أفضل لحياة بلوغهم. شباب حريديم كثيرون معنيون بهذا هم أيضا، لكنهم يعيشون في مجتمع فيه يملي الحاخامات القواعد، وطبقا لها التعلم في "مدرسة دينية صغيرة"، التي فيها كل دقيقة تكرس للتوراة والتلمود من جيل 13 سنة، وهذه تشكل شرطا ضروريا لبقائهم في طائفة الحريديم. حقيقة أنه بسبب اتفاقات ائتلافية تسمح دولة إسرائيل بوجود مؤسسات كهذه وحتى أنها تمولها، لا تحول دعم المدارس الدينية لـ "احسان" لهؤلاء الشباب الحريديم. هذه المصلحة هي للمؤسسة الحاخامية – السياسية. بالنسبة للشباب انفسهم يدور الحديث عن عقاب فظيع، يحكم عليهم بحياة الجهل والفقر وعدم التناسب. ونحن نطالبهم بالمساواة في العبء؟
 
المساواة في العبء هي بالطبع شعار فارغ. جندي مقاتل يجتاز خدمة جسدية ذات متطلبات كثيرة ويعرض حياته للخطر. وبشكل عام لا يتم إطلاق سراحه بمؤهلات تساعده في الحياة المدنية، ربما باستثناء عدة سنوات عمل كرجل حماية اثناء الدراسة في الجامعة. في المقابل، جندي في وحدة في الجبهة الداخلية يضحي اقل، وفي حالات كثيرة يخرج إلى الحياة المدنية مع تجربة وقدرة تساعده على أن يتم قبوله في عمل فاخر. لا يوجد ولن تكون هناك امكانية للمساواة في العبء في الخدمة، التي تقتضي فقط من جزء من الذين يخدمون أن يقدموا انفسهم في وقت الحاجة. تجنيد الشباب الذي سمحت الدولة بسلب حقه ليس مساواة بل عقاب مزدوج.
 
يتطرق الجيش بالضبط إلى التعليم العام كمعطى مهم في عملية التجنيد. في عملية استيعاب المجندين هو يصنف من سيتم تجنيدهم، وضمن أمور اخرى حسب مستوى تعليمهم. العلامات في المهن مطلوبة، وحقيقة أن المتجند سيتم فحصه فيها في المستويات العليا التي تتكون من خمس وحدات، تشكل معيار قبول لوحدات معينة. في اطار وظيفته الاجتماعية وكذلك من اجل تحسين مستوى جنوده فإن الجيش الإسرائيلي يجري على حساب فترة الخدمة دورات لامتحانات الدراسة الثانوية لجنوده (التي تعادل التوجيهي).
 
الشاب من الحريديم هو ضحية سبعين سنة من الاعيب القوة السياسية. هو يستحق الاعفاء من الخدمة العسكرية ليس بفضل اتفاق "توراته – مهنته"، بل بسبب الاهمال المستمر لدولة اسرائيل. الاعفاء من الخدمة العسكرية ليس نوع من "التسهيل" الذي يحصلون عليه، بل اعتراف بأن الجهاز تنازل عنهم. ومثلما أن الجيش لا يفرض على من يعانون من مشكلات جسدية معينة التجند، هكذا من المحظور أن يتم تجنيد من لم يحظ بالتعليم الاساسي الذي يستحقه كل شاب في اسرائيل لأي سبب كان للجيش الاسرائيلي.
 
المطالبة الشعبوية لسياسيين مثل افيغدور ليبرمان ويائير لبيد واتباعهم في الاعلام "المساواة في العبء" تتجاهل تماما الاضطهاد المتواصل للشباب الحريديم. يجب إصلاح هذا الظلم التاريخي الذي تم التسبب به لهم، وأن يسحب التمويل الحكومي من كل مؤسسة تعليم لا تدرس المهن الاساسية بالمستوى المطلوب، وعلى الاقل أطر لاستكمال التعليم للمتسربين من جهاز تعليم الحريديم، قبل البدء بالحديث عن تجنيدهم للجيش.
 
خلافا لمقولة جون كنيدي المشهورة "احيانا يجب أن نسأل ما الذي قدمته الدولة لمواطنيها وليس فقط ما الذي استطاعوا تقديمه من اجلها"، فإن دولة اسرائيل تخطئ بحق مواطنيها الحريديم الشباب بأن تفرض عليهم التحول إلى ضحايا للاتفاقات السياسية مع زعماء طائفة الحريديم، الذين يتركونهم في جيل 18 دون مؤهلات اساسية لمواجهة العالم الحديث وسوق العمل. التزامنا كمجتمع ليس تجاه الحاخامات الذين يريدون السيطرة على طائفتهم بواسطة الجهل المفروض الذي يشكل شرطا للحصول على تسهيلات أو مصالح اقتصادية، بل تجاه المواطنين الشباب المسجونين داخل نظام لا يمكنهم من الحصول على تعليم مناسب في سنوات تعليمهم. هذا التزام يجب الوفاء به قبل أن نطلب منهم الخدمة في الجيش.