Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Jun-2018

حتى لا يعود الأردنيون إلى الميادين والساحات «2 «مجتمع غير ممسوك - بلال حسن التل

الراي -  توقفنا في المقال السابق ونحن نستعرض أسباب غضب الأردنيين, وتعبيرهم عن هذا الغضب, بالنزول إلى الساحات و الميادين, وهو النزول الذي بلغ ذروته في ليالي رمضان الماضي, توقفنا عند تدني مستوى الخدمات المقدمة للأردنيين قياساً بارتفاع الضرائب, المفروضة عليهم, والتي جاء مشروع قانون ضريبة الدخل كالقشة التي قصمت ظهر البعير, وكمن يصب الزيت على النار, الذي زاد اشتعالها في صدور الأردنيين قرار رفع أسعار المشتقات البترولية في ذروة غضبهم من مشروع قانون ضريبة الدخل, وكأن الحكومة تدخل معهم في تحدٍ ومكاسرة, كان لا بد من أن يفوز بها الشعب الأردني عندما انفجر غضبه النبيل.

إن مما زاد من الآثار السلبية لسوء الخدمة المقدمة للمواطن، الذي تحدثنا عنه في المقال السابق كسبب من
أسباب غضب الأردنيين وإحساسهم بعدم الرضا, هو غياب التنسيق بين أجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة، وهو الغياب الذي صار سبباً من أسباب تذمر المواطن شجعه على التطاول على المؤسسات وهيبتها، ولعل هذا ما يفسر لنا كثرة الاعتداءات على موظفي الدولة، خاصة العاملين في مؤسسات تقديم الخدمة كالمستشفيات والمراكز الصحية وغيرها.
لم يتوقف الكثير من المسؤولين, عند انتشار ظاهرة الاعتداء على المؤسسات العامة والعاملين فيها, باعتبارها رسائل تحمل احتجاجاً وعدم رضا عن مستوى الخدمات من جهة, وتبرماً من السياسات العامة من جهة أخرى, وهو التبرم الذي غذاه إحساس المواطن بامتداد غياب التنسيق بين مؤسسات الدولة إلى إحساسه بغياب التنسيق بين السلطات الدستورية، خاصة التنفيذية والتشريعية، وسيطرة المناكفة والابتزاز على العلاقة بينهما في كثير من الأحيان لقد أدى الإحساس بغياب التنسيق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية إلى الإحساس بعدم وجود مرجعيات واضحة وموثوقة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وهو إحساس عمقته قناعة الأردنيين بضعف
الكثيرين من الذين يشغلون مواقع قيادية في مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى أن الكثير منهم يتعاملون مع مواقعهم على قاعدة التشريف لا التكليف، وقد صار من المألوف أن تستمع في مجالس الأردنيين إلى حديث
فيه الكثير من الحسرة عن غياب القيادات المقنعة والقادرة على المصارحة والمكاشفة، التي يجب أن يقوم
بها رجال الدولة وخاصة في مجال تهيئة الرأي العام للقرارات الصعبة قبل اتخاذها، وهذه أحد أسباب مظاهر
ضعف الانتماء والولاء للدولة الأردنية.
لعل مما عزز سلوك التعامل مع المنصب العام على قاعدة التشريف لا التكليف يتمثل في آلية إخراج الكثير
من شاغلي المواقع القيادية في أجهزة الدولة بطريقة غير لائقة، وغير كريمة، لغياب نظام محدد لإنهاء
الخدمة العامة للموظف، ولعل الطريقة التي يتم بها إنهاء خدمات شاغلي المواقع القيادية، سبب من أسباب
تحول الكثيرين منهم إلى صفوف المعارضين للدولة، المهاجمين للسياسات العامة، ومن بين هؤلاء وزراء
وأعيان وضباط كبار وأمناء عامين مما عمق لدى شرائح واسعة من المواطنين الإحساس بعدم الرضا وبالقلق
لأنهم يعيشون في مجتمع غيرممسوك وهو إحساس زاد من ظاهرة التطاول على هيبة الدولة وضعف
الانتماء لها.
لقد عمق الإحساس لدى الأردنيين بأنهم يعيشون في مجتمع غير ممسوك، ضعيف الانتماء والولاء والتماسك
الوطني، بخاصة على الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية، تأثير موجات اللجوء المتلاحقة، التي تعرض
لها بلدنا في العقود الأخيرة وهي الموجات التي زادت من حدة تذمر الأردنيين وشكواهم وغضبهم, ومما يؤسف له أنه لم تجر دراسة علمية حقيقية لمعرفة حجم تأثير هذه الهجرات على الاتجاهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للأردنيين، ومن ثم علاقتهم بدولتهم ومؤسساتها,التي صار بعضها يحابي اللاجئين وأوضاعهم, خاصة في الاتفاقيات مع المؤسسات الدولية على حساب الأردنيين, مما أضاف سبباً آخر من أسباب عدم رضا الأردنيين بل وغضبهم، بخاصة وأن موجات اللجوء زادت من تفاقم الأوضاع الاقتصادية للأردنيين من حيث نسبة البطالة والفقر، وضعف الخدمات المقدمة لهم خاصة في التعليم والصحة وأجور السكن وصولاً إلى أزمة الغلاء وارتفاع الأسعار، التي تبقي المواطن في حالة عوز مستمر.
لقد تجمعت كل هذه الأسباب لتزيد من حالة عدم رضا الأردنيين حتى وصل إلى مرحلة الإنفجار, الذي شهدناه في رمضان الماضي, فهل هي كل هذه الأسباب؟ سؤال سنجيب عليه في مقال لاحق
Bilal.tall@yahoo.com