Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Dec-2019

التغطية الصحية الشاملة.. هل حان الوقت؟*د.عاصم منصور

 الغد

كثر النقاش مؤخراً حول موضوع التغطية الصحية الشاملة من خلال تصريحات وتسريبات قد تكون مقصودة بهدف جس نبض الشارع والناس بين متشكك وغير مُصدق، وذلك من كثرة ما أُثير هذا الموضوع سابقاً من دون أن يكون هنالك تطبيق على الأرض، فأصبحت تصدق فيه قصة الراعي والذئب.
أعتقد أن الحكومة جادة هذه المرة في تحقيق اختراق في هذا الجدار الصلب رغم قناعة الجميع أن طريقها لتحقيق ذلك لن تكون سهلة، فهذه المشاريع عادة ما تواجه مقاومة من بعض المستفيدين من الفوضى الحاصلة في القطاع الصحي، فضلاً على أن تحقيق التغطية الصحية الشاملة عملية معقدة ومكلفة وتثير حساسيات سياسية واجتماعية.
يرى الخبراء في هذا المجال أن أنجح الوسائل لتحقيق الرعاية الصحية الشاملة أن تقوم الحكومات بوضع خطة استراتيجية تبدأ بالإجابة عن أسئلة محورية ثلاثة، تحدد من خلال الإجابة عنها من هم السكان المشمولون بالتغطية وماهية الخدمات المقدمة لهم ومدى جودتها ومستوى الحماية المالية التي ستوفرها الدولة للمواطنين أثناء حصولهم على هذه الرعاية؛ حيث يعتمد نجاح أي برنامج رعاية على مدى قدرة الحكومات على إيجاد توازن بين هذه المحاور الثلاثة؛ حيث إن التقدم في أحدها على حساب الأخرى قد يعرض التجربة بمجملها للفشل.
فلم يتمكن أي من البلدان من تحقيق مستوى مثالي من الرعاية الصحية يحصل فيه كل مواطن على حاجته من الخدمات الصحية من دون أن يكون مُعرضاً للعسر المالي أو الإفلاس، لذلك على الدول أن تكون أكثر واقعية في وضع الأهداف الصحية وأن تندرج في تحقيق الإصلاحات الصحية ضمن خطة زمنية تتضمن أهدافا واضحة وقابلة للتحقيق.
كما يتعين على صانع القرار، عند الإعداد لأي خطة لتحقيق الرعاية الصحية الشاملة، استحضار الركائز الأساسية التي تقوم عليها هذه الرعاية وهي؛ العدل والإنصاف والمرونة والاستدامة، فأي نظام للرعاية الشاملة يجب أن يحقق العدالة بين المواطنين في جودة وشمولية الخدمات المقدمة وأن تصل هذه الخدمات الى مواقع سكناهم، خاصة في بلد كالأردن يعاني من سوء تنظيم قطاع النقل، وأن تتحلى برامج الرعاية بالمرونة الكافية التي تجعلها قادرة على الصمود في مواجهة الطوارئ والأزمات في منطقة تعج بها، كما يجب التأكد من استدامة الموارد المالية على المدى البعيد من خلال رؤية استشرافية للمستقبل وإدارة للتكاليف في ظل تراجع معدلات النمو الاقتصادي الذي نشهده. كما يجب أن يرافق ذلك إصلاحات واسعة في القطاع الصحي العام لرفع سويته والاستثمار في الرعاية الصحية الأولية التي تعد حجر الأساس الذي يرتكز عليه أي نظام صحي، والعمل على استحداث نظام حوافز للأفراد والمؤسسات تحددها مخرجات الرعاية الصحية بعيدا عن الممارسات التقليدية في الدفع مقابل الخدمة بغض النظر عن كنهها والتي تساوي بين الصالح والطالح وأوصلتنا الى حالة الاسترخاء التي نشهدها.
بقي أن أذكر هُنا أن تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال تعلمنا أنه لا يمكن تحقيق الرعاية الصحية الشاملة المنشودة من دون آليات تمويل إلزامية، بحيث يوجه الدعم الى الفئات الأكثر فقراً، ويتحمل فيه الغني العبء عن الفقير، ومن دون تبنّ صلب من لدن رأس الدولة.