Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Jun-2019

لمَ يحرقون الشهادات؟*د. عربي حجازي

 الراي-إنّ طاقة الشباب وحماسهم يدفعان بهم دائماً إلى التميّز والإبداع والعزيمة على التحصيل؛ رغبةً أو أملاً منهم بالمشاركة والمساهمة الفاعلة في مسيرة الحياة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتقنية، ويسعَون حثيثاً إلى المناطق الأقلّ تنافساً، وأكثر فرصاً للمشاركة؛ فيحصلون على الشهادات العليا؛ ظنّاً منهم أنّ الفرصة في المنافسة ضمن هذه الدائرة أقلّ والأبواب مشرعة والفرص متاحة!

 
وعلى كلّ الأحوال، فغالبا ما يُفاجؤون بشحّ الفرص، أو شروط التعجيز مثل اجتياز امتحان (التوفل) من المتخصّص باللُّغة العربيّة ونحوه، أو التمييز بين الجامعات: حكومية وخاصّة وأجنبيّة في حساب نقاط المنافسة على الوظيفة، فإذا كانت الجامعات الداخلية كلّها تخضع لمراقبة لجان التعليم العالي فعلى أيّ أساس يتمّ المفاضلة بينها وتصنيفها؟!
 
أو تداول الشواغر بين طبقة دون أخرى تحول دون المشاركة والمنافسة حسب الكفاءة وحسب الحاجة والإنتاج.
 
وسأعرض مثلاً عايشتُه من قرب، فبعض الجامعات إذا بلغ المدرّسون فيها سنّ التقاعد (سبعين سنة) مدّدوا لهم مدّة العقد خمس سنوات أخرى، ليصلوا إلى الخامسة والسبعين! أو تعاقدوا معهم على نظام الدوام الجزئي (البارت تايم) وبعض الذين لا يحصلون على هذه الفرص يتوجّهون إلى الجامعات الخاصّة، فيشغلون الشواغر، ولا يفتحون مجالا للدّماء الجديدة بالانخراط في المجال العملي للتخصّص، والعجيب أنّهم يشترطون على المتقدّم للعمل عند التعيين عدداً من سنوات الخبرة! فمن أين سيأتي بها إن لم تعطوها له؟!
 
ويحتجّون بهذه الخبرة للذين تجاوزوا السبعين بأنّهم قد تعاقدوا معهم لخبرتهم الكبيرة، ومع الاحترام الكبير لخبرات الأساتذة الكبار، إلّا أنّ تلك الحجّة لا تبرّرُ بقاء الشباب دون المساهمة بطاقاتهم وثقافتهم المعاصرة والأقرب إلى التقدّم المعرفي والعلمي من الأساتذة الخبراء في أكثر الأحيان، إضافة إلى أنّ هؤلاء الشباب لديهم مسؤوليات اقتصاديّة واجتماعيّة أمام عائلاتهم ومجتمعهم لن يستطيعوا أن يوفوا بها دون تلك المشاركة، فالمسألة ذات بعدين: بعد معرفي وآخر اقتصادي اجتماعي.
 
أضف إلى ذلك أنّ الأساتذة المتقاعدين والمتعاقدين بالعقد الإضافي يأخذون راتب التقاعد ويضيفون إليه راتب العمل الإضافي، ومجموع ما يأخذونه من المكافآت ممكن أن يغطّي راتب ثلاثة أو أربعة من الأساتذة الجدد، ولا جدال في أنّ ذلك العمر في أكثر الظنّ أقلّ عطاء من عطاء الشباب ذوي الطاقات المتحمّسة للمشاركة وإثبات الذات، ولو افترضنا أنّ عند بعض الأساتذة الكبار المتقاعدين خبرات نادرة وعميقة -وليس ذلك مطّرداً في جميعهم، بل هناك بعض الأساتذة المتقاعدين الذين ليس لديهم ما يضيفونه إلى الطلبة،- فلا بأس بأن يأخذ الأساتذة العلماء والخبراء عدداً قليلاً من الساعات لتدريس طلبة الدراسات العليا، أو الإشراف على بعض الرسائل التي لا يتوافر لها أستاذ متخصّص من غير المتقاعدين. كلّ ذلك ونسأل: لمَ تُحرق الشهادات؟!