Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Nov-2018

الناصر: جريان ومْضي وجنوني بقوة 1500 م3 بالثانية وراء "فاجعة البحر الميت"

 دراسة سابقة لوزير المياه الأسبق تفسر كارثة الرحلة المدرسية بزيادة التباين بأنماط الهطل المطري

 
إيمان الفارس
عمان –الغد-  فيما فسّر وزير المياه والري الأسبق د. حازم الناصر أسباب الكارثة الطبيعية التي أدت لفاجعة البحر الميت الأسبوع الماضي، لمؤشرات ارتبطت بدراسات علمية رصدت تأثيرات التغيرات المناخية على الهطل المطري منذ العام 2016، أكد مصدر رسمي في وزارة المياه والري، أن الوزارة ماضية بتنفيذ خطة "عمل" استراتيجية لتعزيز سياسة بناء المنعة التي تعتمدها رسميا لمواجهة تأثيرات التغير المناخي على المياه.
وقال المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، في تصريح لـ "الغد"، إن وزارة المياه والري تلتزم، ومنذ إقرار سياسة بناء المنعة لمواجهة التغير المناخي على قطاع المياه، "بالسير بإجراءات مبرمجة ضمن خطة عمل تتواءم والسياسة الاستراتيجية، خاصة فيما يتعلق برصد زيادة التباين والتذبذب في أنماط الهطل المطري الزماني والمكاني والذي أدى لتغيرات تتمثل بشدة الجفاف وشدة الفيضانات".
ويتسق ذلك مع ما كشفه الخبير الدولي في قطاع المياه الوزير السابق الناصر، في مقالة نشرها بعنوان "الفيضان الومضي لوادي زرقاء - ماعين والتغير المناخي وضرورة تبني وبناء سياسات المنعة لمواجهة أثر التغير المناخي على القطاعات المختلفة" عبر صفحته على "فيسبوك".
وركز الناصر في تفسير حادثة البحر الميت على "توافق مسبباتها مع تنبؤات الدراسة العلمية التي كان أجراها على مدار الأعوام 2014- 2016 وفريق من وزارة المياه والري بالتعاون مع جامعة ستانفورد الأميركية وتم تمويلها بالكامل بمنحة من الجامعة نفسها".
وكانت تلك الدراسة تستهدف، بحسب الناصر، "استشراف المستقبل من خلال نماذج رياضية تحاكي المستقبل ويتم معايرتها عبر ربطها بنماذج التنبؤ الجوي العالمية والتي خلصت وبعد أن تم نشرها بدوريات عالمية محكمة، إلى زيادة التباين والتذبذب في أنماط الهطل المطري الزماني والمكاني، والمؤدي لمزيد من التغيرات المتمثلة في شدة الجفاف وشدة الفيضانات".
وأوضح أنه بناء على ذلك، بدأ العمل على مواجهة ثلاثة محاور رئيسية للدراسة، من خلال خطة طويلة الأمد لبناء المزيد من السدود وزيادة موارد المياه وإعادة الاستعمال وغيرها، عبر حزمة كبيرة من المشاريع التي بدئ العمل بها خلال الأعوام الماضية.
ولفت الناصر الى أنه بناء على تلك الدراسة، "تم إصدار سياسة بناء المنعة لمواجهة أثر التغير المناخي على قطاع المياه في العام 2016، لمواجهة تلك المحاور، من أبرزها قضية زيادة التباين والتذبذب في أنماط الهطل المطري الزماني والمكاني والذي أدى لمزيد من التغيرات المتمثلة في شدة الجفاف وشدة الفيضانات، وهو ما حصل وقت حلول الكارثة".
وردا على سؤال لـ "الغد" حول أسباب إعلان هذا التفسير في هذا الوقت تحديدا، قال الناصر، "ان هذا التفسير جاء بعد إجراء الحسابات الدقيقة واكتمال الصورة"، عازيا في تفسيره 
 ما حصل في "فاجعة البحر الميت"، إلى "شدة الهطل المطري والتي بلغت في منطقة ماعين 50 ملم في فترة زمنية لم تتجاوز 20 دقيقة على جزء من مساحة الحوض المغذي لوادي زرقاء - ماعين والتي تتراوح مساحتها بين 60- 70 كيلومترا مربعا، ما أدى لجريان ومضي بسرعة عالية جدا وصلت إلى حوالي 1000- 1500 متر مكعب بالثانية، ونتج عنه سرعة مياه بحدود 10 م3/ الثانية وهي "سرعة جنونية قادرة على تدمير كل ما هو بطريقها".
وأضاف، عند الأخذ بالاعتبار فرق الارتفاع بين مصب وادي زرقاء - ماعين بمستوى البحر الميت مقارنة بالمرتفعات العالية التي سقطت عليها الأمطار الغزيرة وهو 1000- 1200 متر، بالإضافة لشدة الهطل المطري، وسرعة تدفق المياه بقوة عالية باتجاه البحر الميت، يمكن فهم ما حصل في ذلك اليوم. 
واستهجن الناصر "ما قيل عن فتح بوابات سد زرقاء – ماعين لأن ذلك غير ممكن من الناحية الفنية كونه لا يوجد للسد بوابات"، مشيرا إلى أن هذا هو "الحال الفني لتصاميم السدود الصغيرة باستثناء المفيض (وهو مخرج لمياه الفيضانات)، والذي لا يعمل إلا إذا امتلأ السد بالكامل، وهو ما لم يحصل وذلك استنتاجا من المشاهدات والأرقام الفنية التي أعلنتها الوزارة".
وأوصى الناصر، عبر مقالته المنشورة بهذا الخصوص، بضرورة "تبني سياسات وأدوات جديدة لمواجهة أثر التغير المناخي، وتبني بعض الوزارات والمؤسسات المعنية سياسات واضحة (أسوة بوزارة المياه والري)، للتعامل مع أثر التغير المناخي خلال السنوات المقبلة.
ودعا إلى أن تشمل هذه السياسات تدريبا للكوادر على هذه الأنماط من الكوارث، وانشاء شبكة للإنذار المبكر، والتعاون الإقليمي في مجال الأرصاد الجوية، وتوعية المواطنين بخطورة هذه الكوارث، وإدماجها في المناهج المدرسية، بالإضافة لإنشاء المركز الوطني لإدارة الأزمات الذي بدأ العمل به قبل سنوات وبدأ يتطور تدريجيا عبر التنسيق بين الوزارات والمؤسسات المختلفة.
وأشار الناصر إلى أن مؤسسات التمويل العالمية تمول عبر منح، برامج زيادة المنعة لمواجهة أثر التغير المناخي وخاصة بعد توقيع اتفاقية التغير المناخي في فرنسا العام 2015، لافتا إلى أن الدراسات بينت أن معدلات الهطل المطري في المناطق الوسطى والجنوبية من المملكة ستتناقص بمعدل2/1  ملم في العام وبالتالي انخفاض معدلات الهطل المطري في تلك المناطق، موضحا ان هذا التغير سيؤدي لمزيد من موجات الحر خلال الصيف وزيادة تكرار وشدة الفيضانات بسبب الهطل الشديد للأمطار في مناطق محددة وبفترة زمنية قصيرة وهو مؤشر عالمي رئيسي على التغير المناخي، وداهم الدول النامية بشكل عام دون ان تكون قد استعدت أو تنبهت لتبعات التغير المناخي.
وبين أن ذلك ما شهدناه بالفعل العام الحالي وبالتحديد في نيسان (إبريل) الماضي، حيث أدت الفيضانات الكبيرة التي ضربت جنوب المملكة الى امتلاء وفيضان سدي الموجب والوالة، وفيضان كمية كبيرة من المياه باتجاه البحر الميت وكذلك تخزين كمية مياه كبيرة في سد التنور لم نعتد عليها سابقا، وكذلك كارثة وادي زرقاء – ماعين ذاتها.
وأشار بهذا الخصوص الى الدراسة السابقة وغيرها مثل (Rahman et al. (2015): Declining Rainfall and Regional Variability Changes in Jordan, Water Res. 51(5)) و (Abdulla (2015): 21st Century Projections for Precipitation and Temperature Change in Jordan, Report to MWI, Jordan).
ويتمثل المحوران اللذان يتم العمل على مواجهتهما، في ارتفاع معدلات درجات الحرارة التي تؤدي الى زيادة التبخر، لا سيما وان متوسط درجة الحرارة في الأردن يرتفع بحوالي 10/2  درجة مئوية كل 10 سنوات ما أدى مثلا، الى رفع متوسط درجة الحرارة في عمان بأكثر من 1.5 درجة مئوية وانخفاض الهطل المطري لآخر 70 عاما بما لا يقل عن 50 ملم سنوياً، إلى جانب نقصان الهطل المطري، ما يؤدي لنقصان تغذية الموارد المائية السطحية والجوفية، وزيادة التباين والتذبذب في أنماط الهطل المطري الزماني والمكاني والذي أدى الى المزيد من التغيرات المتمثلة في شدة الجفاف وشدة الفيضانات.