Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Jul-2017

‘‘عمان الأوبرالي‘‘.. مدرجات تمتلئ بجمهور يعشق الموسيقى الكلاسيكية

 السوبرانو زينة برهوم تغني رائعة فيروز "زهرة المدائن" تضامنا مع "الأقصى"

 
إسراء الردايدة
عمان-الغد-  بالرغم من كونه المهرجان الأول من نوعه في المملكة؛ إلا أن “عمان الأوبرالي” الذي اطلقته السوبرانو زينة برهوم في عرضين عن اوبرا “جوزيبي فيردي” “لا ترافياتا”، لاقى صدى ونجاحا تحقق من خلال مدرجات امتلأت بجمهور أحب اكتشاف هذا النوع من الموسيقى الكلاسيكية العريقة. 
القصة التي تدور عن الحب والتضحية التي قدمتها بطلة قصة فيردي فيوليتا فاليري، لعبت دورها السوبرانو برهوم، مقدمة اداء ساحرا بصوتها الرنان، تركت اثرها في الجمهور الذي حضر كلا العرضين في 19 و22 في المدرج الروماني.
وفي الوقت الذي كان فيه الحضور في العرض الأول جيدا، شهد العرض الثاني حضورا كبيرا وامتلأ المدرج من مختلف الفئات العمرية التي اشترت التذاكر وابدت اهتماما في اكتشاف هذا النوع من الموسيقى الكلاسيكية.
واختتم المهرجان أول من أمس بلفتة جميلة مع السوبرانو برهوم؛ بوقفة تضامينة مع أحداث الأقصى، حيث غنت في نهاية الحفل رائعة فيروز “زهرة المدائن”، بإحساس عميق وصوت جميل، بعد اداء متمكن لاوبرا فيردي.
ويستحق المهرجان الثناء والتقدير لكل من قام عليه، بتقديم فعالية شديدة التنظيم بمستوى احترافي اسهم فيها تنوع الرعاة بدءا من أمانة عمّان الكبرى، مع شراكة استراتيجية مع وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة الأردنية، سفارة جمهورية الصين الشعبية، سفارة إيطاليا وسفارة جورجيا، والخطوط الملكية الأردنية الحامل الرسمي للمهرجان، وتتضمن الفنادق الراعية الرسمية كلا من ماريوت، روتانا تاورز، أرجان روتانا، شيراتون وكراون بلازا.
هذا الاهتمام الرسمي من قبل جهات مختلفة بتشجيع من برهوم بغية مأسسة ثقافة الاوبرا والسعي لبناء دار للاوبرا على غرار تلك التي في مصر والإمارات العربية المتحدة وقطر وسلطنة عمان.
ويعد هذا العرض متنوع الثقافات، إذ شارك بها نحو 150 فردا من مختلف انحاء العالم فضلا عن فرق موسيقى محترفة عالميا، بمصاحبة أوركسترا سيشوان الفيلهارمونية التي تضم موسيقيين من دار أوبرا لاسكالا ومواهب وموسيقيين محليين، وكورال أوبرا باتومي بقيادة لورينزو تازييري.
وشارك في العرض اسماء عالمية منهم؛ أندريس فيراميندي في دور ألفريدو، سيمون سفيتوك في دور جيرمون، وعدي نابر في دور جاستون، والعرض من إخراج لويجي أورفيو.
ويتميز مؤلف اوبرا لا ترافياتا التي تقع في ثلاثة فصول، فيردي بعمق موسيقاه، التي تعبر عن مواضيع تاريخية وسياسية، ودراما اجتماعية، ويميل لخلق معان فنية في شخصيات الاوبرا، حيث تأثر كثيرا بدراما شكسبير في أعماله.
وعلى الرعم من كون “لا ترافياتا” من الاعمال الأوبرالية المعقدة، لكن نضج فيردي، بلغ ذروته في تأليفه لأوبرا “ريجوليتو في العام 1851، المقتبسة من رواية (الملك يلهو) لفيكتور هيجو، وفي قصة الكسندر دوما المشهورة (غادة الكاميليا) فقد نقل فيها صورة المجتمع من خلال التلحين الجيد الذي يجعل المتفرج بطل هذه القصة، إذ ينفعل لانفعالاته ويتعاطف مع أحاسيسه. 
الأوبرا عبر التاريخ 
لأن الأوبرا في الأصل فن يركز على الشعر واعادة القوة له، نشأت وتطورت في أحضان الطبقة الأرستقراطية، وقدمت عروضها الأولى على المسارح الملحقة بالقصور فتميزت بالفخامة والبذخ، لكن “أول مسرح عام للأوبرا أنشئ في مدينة البندقية العام 1637، وقبيل انقضاء القرن السابع عشر انتشرت مسارح الأوبرا  في كل المدن الإيطالية، فيما توسع هذا الفن  في بلاد أوروبا وتطور كثيرا حتى يومنا هذا.
وتطورت الاوبرا بسبب غناء المادريجال الذي كان سائدا في القرن السادس عشر وله الحان متشابكة ضيعت الفاظ الغناء بسبب ضخامة الموسيقى فيه، واسلوبه البوليفي، وتغير من التركيز على الغناء بمصاحبة الموسيقى للتأليف.
 وحينها قرر العديد من المهتمين بالفنون من شعراء وموسيقيين ومفكرين وعلماء متخصصين في المجال ان يضعوا حدا، معيدين المجد للشعر والموسيقى في القرن السابع عشر، حينها ولد ما يسمى بالكاميراتا، وهي مبادئ التأليف الموسيقية للدراما الاغريقية.
وتتميز تلك بلحن بسيط ونص شعري وموسيقى تخدم الجهتين ، بحيث لا يطغى احدهما على الاخر، وهذا في الأصل وجد في المسرح اليوناني القديم، حيث كان الغناء يؤدى بوضوح مع موسيقى بسيطة،  تغيرت مع الوقت لكتابات درامية تعتمد على القاء منغم، والتي تمخض عنها فن يمزج بين الدراما والموسيقى.
وكانت أولى المحاولات الاوبرالية الكاملة هي اوبرا “اورفيو”، التي الفها الايطالي كلاوديو مونتيفيردي “أورفيو Orfeo “ وعرضت أول مرة في شباط (فبراير) العام 1607، وقام بتأليف موسيقاها مونتفردي وضمت أنواعا مختلفة من فنون الغناء والموسيقى مثل المادريجال، الأوركسترا السيمفوني، الألحان المونودية التي طغت فيها الكلمات على الألحان بشكل واضح. 
وتطورت بعدها الاوبرا بطريقة الالقاء المنظم، وادخل عليها الاغاني ومن ثم جمع الاثنين معا، وظهر مؤلفون كبار مثل الايطالي اليسندرو سكارلاتي والالماني كريستوف فيليبالد جلوك، والمؤلف النمساوي الشهير فولفجانج أماديوس موتسارت وآخرون.
ويرتبط النص بشكل كبير في التلحين الاوبرالي، حيث يتيح للممثل أو من يقوم بتقديم العرض التعبير عن مشاعره كما الحال في المسرح الدرامي، ويتطلب من المؤلف ايجاد توازن كبير بين قيمة الكلمة واللحن، وتكمن قدرة النص الجيد بتوفر لحن جيد، ويفشل حين لا يرتبط  التلحين في التعبير عنه.
 وهو ما دفع الكثيرين للتصرف بالأعمال التاريخية مثل ماكبث حين حولت لاوبرا، بغية خلق قوة توازن بين المحتوى واللحن كما فعل فيردي في نصوص شكسبير واوريجو وبويتو في “هاملت “.
أما موزارت كان له اسلوب مختلف، إذ كان يكتب بحسب افكاره، وسيطر عليها، كما في اوبرا بوفو، وايضا لودفيد فان بيتهوفن، وغيرهم جميعا، الذين قدموا اسلوبا يقارب الواقع في نصوص اوبرالية ذات قوة درامية مليئة بالحركة المسرحية والصراع الدرامي من خلال الموسيقى، التي عبرت عن مفاهيم وانفعالات بشرية في شخصيات ومواقف مختلفة شكلها الجو العام للعمل الاوبرالي نفسه.
israa.alhamad@alghad.jo