Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Dec-2017

الدكتور الجراح وأعداء النجاح - د. محمود عبابنة

 الراي - موضوع إعفاء رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا، وما أعقبه من ردة فعل داخل أوساط الجامعة، موضوع يقتضي التوقف عنده والتعامل معه ليس كحادث معزول، بل يتوجب التحقيق فيه ودراسته وتحليله على ضوء ظواهر ومقولات بدأت تتردد داخل المجتمع الأردني، من طراز.. «محاربة الإبداع»... «لا يريدون شخصاً ناجحاً»، «إعمل على Profile Low حتى تبقى»، «لا تجابه ولا تجدد».. «اربط الحمار وين ما بقولك صاحبه».

هذه المقولات لم تظهر في أدبيات الوظيفة العامة عبثاً، فتحقيق النجاح المربوط بالنتائج يقتضي
العمل الجاد، وهذا بدوره يدخل المسؤول في مواجهات ضارية مع مشيدي العراقيل وزارعي الأسافين وقوى الشد العكسي في المؤسسة، وهؤلاء «أعداء النجاح» وهم متواجدون وجاهزون للتشويش على كل ومضة إبداع وإنجاز والإنقلاب عليه لإقتناص المنصب، وقد انسحب ذلك من وظائف القطاع العام إلى الجامعات.. وبدت مقولة وقصة «حوكمة الجامعات «على رأس أجندة الطرائف الأردنية. رغم كل مؤتمرات أصحاب النية الحسنة، فالمستهدف هو صاحب الأبحاث والتأليف ومسجل براءات الإختراع... والنهوض بالمؤسسة، والبقاء للعاجز ومقبل يدي وأعضاء مجلس الأمناء، أو مالكي الجامعات.
 
نكتب عن ذلك ونحن لا نعرف شخص رئيس جامعة التكنولوجيا الأردنية «الدكتور عمر الجراح» ولكننا نسمع ونقرأ ما تؤكده مؤشرات المؤسسات الدولية المعنية بتصنيف الجامعات، وتقارير الرقابة المالية، بالإضافة إلى ما يتحدث به العاملون في الجامعة عن شواهد مادية ملموسة، وهذه المؤشرات هي الباروميتر الحقيقي لتأكيد نجاح الرجل في إدارة الجامعة، لسنا بوارد تعداد وإيراد إنجازات الدكتور «الجراح» والتي كتب عنها بنفسه، لكننا نستطيع أن نتوثق منها بناءً على التقارير والتصنيفات التي أشرنا إليها، فحسب الميزانيات التي راجعتها الدوائر الرقابية، يمكن التوثق من ضبط النفقات والتوفير على الجامعة ملايين من الدنانير. إن وضع خطة إستراتيجية جديدة لحوكمة الجامعة، بالإضافة إلى مراجعة كافة التعليمات التي تعتمدها الجامعة وبمشاركة عمداء الكليات ودوائرها وأقسامها هي صحيحة، والتشبيك وبناء العلاقات مع عدد من المؤسسات والجامعات الأجنبية، هي عناوين للإبداع والنجاح والتميز، فقد شهد على ذلك العمداء إلى حد تقديم استقالاتهم والتنازل عن مناصب حساسة كهذه، وهي المناصب التي ينتحر البعض للتمسك بها حتى لو رهنوا ضميرهم للشيطان.
 
خلال فترة عمل الدكتور «الجراح» القصيرة نسبياً استطاع بإدارته ومن معه بإدخال الجامعة إلى قائمة الخمسمئة جامعة الأولى بعد أن تقدمت 200 درجة، واحتلت المرتبة الثالثة بين الجامعات العربية قاطبة، وارتفع تقييم الجامعة من ثلاث نجوم إلى خمس نجوم في قياس QS ،وانضمت إلى 62 جامعة التي تحمل تقييم 5 نجوم، وأجزم أن الرئيس المعفى لا يمكن أن يغامر بإيراد معلومات رقمية غير صحيحة، ويمكن لجهات التقييم التوثق منها بكبسة زر.
 
النجاح قيمة اجتماعية قد تكون نعمة أو نقمة، كما هي باقي القيم في المجتمع، على ضوء تفشي فيروس الحسد والكراهية وتدبير المكائد في مجتمع مضطرب، وقد استشرف المرحوم «سعد جمعة» في كتابه هذا المرض «مجتمع الكراهية» وهو خير ما يصور ما يحصل في قطاعات كبيرة وظيفية في مجتمعنا، وتعكس تردي حالة المجتمع العربي. إن أعداء النجاح خلايا نائمة في الدوائر والمؤسسات تنقل وتوصل إلى المسؤولين تقارير وإشاعات غير صحيحة، قد تؤثر في نفوس أصحاب القرار الذين قد يقعون في خطأ التقييم وإتخاذ القرار. وختاماً قيل: النجاح خطيئة يرتكبها المرء بحسن نية ومع ذلك لا يغفرها له الآخرون.