Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Apr-2019

كبارنا*إسماعيل الشريف

 الدستور-(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ  إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)– 36 الاسراء

هكذا نشأنا وتربينا، أن نأخذ الحكمة من كبار السن، فالحكمة مرتبطة بالعمر بسبب التجارب والخبرات المتراكمة، لذلك فهم الأقدر على الحكم في أكثر القضايا الشائكة ويستطيعون التمييز بين المقبول وغير المقبول وبين المعقول واللامعقول.
أو هكذا نعتقد!
في الفترة الأخيرة بدأت أشك في هذه البديهية، فوالد صديقي الذي غدا صديقي أيضا، لا ينفك يرسل جميع الإشاعات والأخبار الكاذبة إلي، ولو دخلت صفحته على فيسبوك ستغرق في بحر من الإشاعات والقصص الملفقة، وفي جميع جلساتنا يتحدث فقط عن الإشاعات ويحاول البرهنة على صدقها مما يسبب إحراجا لأبنائه.
تصرفات والدنا هذا تتفق مع دراسة قام بها باحثون من جامعتي نيويورك وبرنستون عن علاقة العمر بالمشاركة والترويج للأخبار الكاذبة، وصلت الدراسة إلى نتيجة مهمة أن كبار السن الذين تجاوزت أعمارهم الخامسة والستين يروجون الإشاعات بمشاركتها أكثر بثلاثة أضعاف من الذين يبلغون من العمر الخامسة والأربعين، أما صغار السن فهم في العادة لا ينشرون الإشاعات.
 
فشلت الدراسة في ربط الميل لمشاركة الشائعات بعوامل أخرى مثل الخلفيات السياسية والأيدلوجية والانتماءات الحزبية ومستوى التعليم والثقافة ومستوى الدخل، وتؤكد الدراسة على أن الفئات المتقدمة في العمر كانت المسؤولة عن إيصال ترامب إلى الحكم وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ولم تستطع الدراسة تحديد أسباب مشاركة وترويج كبار السن للأخبار الكاذبة واقتناعهم بها، فقد يكون السبب هو ضحالة المعرفة الرقمية أو عدم القدرة على التمييز بين ما هو كذب وما هو صحيح، أو أنهم ينتمون لجيل تربى على الصدق ويثق بالإعلام الرسمي ثقة عمياء، فهو غير معتاد على هذا الحجم من التدليس، أو غير مستعد لأن يشكك في إعلام الجماهير الذي شكّل انتماءاته وقناعاته. ولعل الإنسان عندما يبلغ خريف عمره وهو محبط من واقع الحال، يبحث عن التغيير ويتمسك بأية قشة قد تحدث التغيير المرجو، وربما تتشكل لدى كبار السن قناعة بأن حياتهم قد ذهبت سدى وأن كل ما آمنوا به وطمحوا إليه لم يتحقق، بل إن كثيرا من المثاليات التي تربوا عليها كانت مجرد نفاق، فإقبالهم على هذه الأكاذيب يتفق مع هذا كله.
حقيقة ليس لدي جواب!
ولكن الذي أعرفه أن الفئات العمرية الكبيرة تشكل ثاني أكبر مجموعة من مستخدمي فيسبوك وأنها في ازدياد، وأننا نجلهم ونحترمهم، ولهم تأثيرهم في المجتمع، ومع تطور تقنيات الكذب والتدليس ستزداد صعوبة التمييز بين الحقيقة والكذب.
والذي أعرفه أيضا أن الحملات المشبوهة التي تستهدف النيل من الوطن ومؤسساته ورجالاته قد تستهدفهم لأنهم الحلقة الأضعف، وقد يفسر ذلك الكثير مما يجري في المشهد المحلي! قد يكون علينا واجب من أن نتحدث معهم وأن نناقشهم مستحضرين الآية الكريمة ولا تقل لهما أف ولا تنهرهمها وقل لهما قولا كريما.