Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Oct-2017

الأردن والوقفة المطلوبة! - صالح القلاب

 

الراي -  لأنّ هذه المنطقة باتتْ تشهدْ مع بدايات الألفية الثالثة كل هذا الإرتباك السياسي وتغيّر العديد من المواقف السابقة القائمة على تحالفات غدتْ متغيرة بين كل يوم وليلة، فإنه علينا في هذا البلد، المملكة الأردنية الهاشمية، أنْ نعيد النظر بكل ما ورثناه من تحالفات سياسية بقيت سائدة ومستمرّة، بصورة عامة، لنحو قرن بأكمله، ليس لأننا تغيّرنا بل لأن من حولنا قد تغيّر بحكم المتغيرات الدولية ولأن معادلة صراع المعسكرات للقرن العشرين قد تغيّرت وحلّت محلها معادلة جديدة قد انْعكست على الشرق الأوسط كله وبلدنا يقع في وسطه وفي بؤرته الملتهبة تماما.

وبالطبع؛ فإنه يجب الأخذ بعين الإعتبار أنَّ العلاقات بين الدول تحدّدها وتفرضها المصالح المشتركة، وهذا ينطبق حتى على الدولالشقيقة فـ»زمن أولْ قدْ حوَل» والعواطف.. مجرد العواطف غدت مجرد «مكياج» لتبادل البسمات الجميلة، لكنها لم تعد تصلح لتحديدالعلاقات بين الدول، فالمصالح المشتركة هي أساس كل شيء في هذا العالم الجديد، ولذلك فإنه علينا ألاّ ننتظر أنْ نأخذ بدون أن
نعطي وأن نعطي بدون أن نأخذ، وهذا يجب أن نفهمه جيدا وعلى الأصدقاء والأشقاء أن يفهموه أكثر وإلَا فإن كل طرف إنْ هو إعتمد حسابات عاطفية خاطئة فإن الطرفين في النهاية وبالنتيجة سيجدان نفسيهما ليس خاسرين فقط، وإنما كل واحد منهما أصبح مضطراً لإدارة ظهره للآخر!!.
 
الآن وبعدما أفنت الألفية الثالثة نحو عقدين من عمرها فإنه علينا، لا بل أنه على أصحاب القرارات «الإستراتيجية» وأيضاً «التكتيكية» عندنا، أنْ يبادروا إلى وقفة جدية وجادة وسريعة عند هذا المنعطف الخطير، وأن عليهم أن يراجعوا حسابات بلدنا المُزنّر بالنيران من كل جانب على أساس الحقائق وبدون أيّ أوهام فالمعادلات السابقة كلها قد تحطمت وأصبحت المصالح هي التي تحدد الإتجاهات والتحالفات والتقارب والتباعد، وهكذا فإن المعروف أن الحسابات المبنية على المصالح الشخصية إن هي كانت تلائم واقع القرن العشرين أو بعضه فإنها لم تعد تلائم معطيات هذا القرن الذي وصل فيه التوحُّش المادي إلى حد أن المصالح قد تجعل الأخ الشقيق لا يتردّد في أن يغرسرأس حربته في خاصرة أخيه .
 
إنَّ بلدنا، المملكة الأردنية الهاشمية، يواجه الآن تحديات قد نتجاسَرْ وتقول أنها «وجودية»، وهذا يفرض علينا، وأصحاب القرارات الحاسمة الفعلية في طليعتنا وفي مقدمتنا، أن نقف وقفة جادة مع أنفسنا أولاً ومع أشقائنا ثانيا ومع أصدقائنا ثالثا ومع أعدائنا، وهذا إذا كان لنا أعداء بالفعل، وأنْ نضع النقاط على الحروف وأن نحدد بدون عواطف ولا أوهام ما هو لنا وما هو علينا، أي ما هو في مصلحة بلدنا وما هوفي غير مصلحته وهذا ينطبق على كل شيء.
 
إنه لا يجوز وقد أصبحت أوضاع هذه المنطقة، والأردن بلدنا يقع في قلبها، أوضاعا سريعة التغير وخطيرة، أنْ نستمر في الإنسياق وراء عواطفنا المبنية على واقع قد مضى ولم يعد موجوداً، فهناك مستجدات أخطرها ما هو قادم على الطريق، وهنا فإنه يجب أن ننظر إلى الأمور على أساس الحقائق وليس على أساس الأوهام والحسابات الشخصية، والحقائق تقول أن هذا الشرق الأوسط الذي أورْثتنا إياه إتفاقيات سايكس -بيكو ذاهب إلى التشظّي والإنقسام، مما يعني أنه قد نستيقظ ذات صباح وإذْ هناك خمسين دولة عربية وليسنحو عشرين دولة فقط !!.