Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Dec-2017

سلام عليك يا قدس - د. مأمون نورالدين

الراي -  أحجية ضخمة مستعصية، يملك كل طرف من أطراف النزاع أجزاء منها. مرّت عقود ولم يستطع المجتمع الدولي حلّ هذه الأحجية، فكلما إقترب الحل تدّخل أحدهم، دون إذن، وبأنانية مطلقة، بعثر قطعها التي تطلّب ترتيبها سنين، وأخفى بعضاً منها بجعبته حتّى يحتفظ بدور له على الطاولة.

بتوقيع ضخم تلا خطابا صادماً، ولكن غير مفاجئ، تبعثرت قطع الأحجية مجدداً، وظهر تحيّز لطرف من أطراف القضية دونما الآخر، وبشكل جلي ومن غير خجل. أعطى ما لا يملك وتفرّد، وكأن الأمر يعنيه وشريكه وحدهم فقط. سجّل دخولاً للتاريخ ولكن من الباب الخطأ، بينما كان يحمل بيديه مفتاح الباب الصحيح. ماذا عن الفلسطينيين؟ ماذا عن أجيال وكأن من المخطط لها ألّا تنعم طالما حييت بالعدالة والسلام؟ القدس جرح الأمة الملتهب وعنوان ألمها ومفتاح سلام المنطقة، وبعد هذا القرار بالذات إتفق المجتمع الدولي على هذه الحقيقة وبعلو الصوت. اليوم تتحقق مخاوف جلالة الملك التي ذكرها في كتابه عام ٢٠١١ بعنوان ”فرصتنا الأخيرة–السعي نحو السلام في وقت الخطر“، حيث إنجرفت فرصة السلام بعد هذا التوقيع نحو ظلام أشد.
 
التاريخ يعيد نفسه وما حصل مع الحسين -رحمه االله- يحدث مع نجله ومن ورث مسؤولية الإخلاص للقضية والوصاية على المقدّسات الإسلامية والمسيحية من بعده. لقد خُذل المخلصون لقضية سلام المنطقة اليوم، وأعيد فتح جرح يخصّ ملايين وملايين من أصحاب الضمير والوجدان، عرباً وعجما، مسلمين ومسيحيين.
 
لم العبث في فرصة السلام؟ ولم إعادة شحن الصراع الأساسي في المنطقة؟ لن يكون هناك حلّ في غياب العدالة، ولن تثمر أنانية المصفقين لقرار ترمب. التذّرع بحماية أمن دولة إسرائيل لم يعد حجّة مقنعة، ولا حتّى أمام المجتمع الدولي، فلقد ملّ العالم من تناقض الأقوال والأفعال، خصوصا وأنه لا يختلف عاقلان على أن القدس المحتلة هي مفتاح الأمن والسلام، والمسّ بها يعدّ عبثاً مكلفاً أمنياً وسلمياً. والجاني وشهوده يعلمون أن من القدس فقط قد يكون لكل فعل رد فعل أكبر منه قوّة ومعاكسا له بالإتجاه. إن كانوا لا يعو، فالعالم أصبح يعي ما هي القدس وما هي رسالة جلالة الملك بخصوص القدس والقضية الفلسطينية، وخير دليل على ذلك ما صدر عن الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية في الإتحاد الأوروبي من دعوة للمجتمع الدولي بأن أصغوا بإنتباه للملك عبداالله الثاني، صوت الحكمة والإعتدال في المنطقة.
 
ونحن نقول أصغوا إليه ولا تضيّعوا الفرصة الأخيرة، أصغوا إلى من ورث هذه المسؤولية والحمل، وصاحب الغاية النبيلة المتمثلة بإيجاد مستقبل آمن مستقر لأبناء المنطقة الذين أنهكهم وأنهك آبائهم وأجدادهم هذا الصراع. سلام عليك يا قدسنا، سلام على مقدّساتكِ، سلام على أسواقك وجدرانكِ، سلام على المرابطين فيكِ، سلام من توأمك عمّان وأهلها المخلصون دوما لثراكِ.