Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Feb-2021

الإقالة والسقوط الحزبي

 الغد-اليزابيث درو

 
لقد فشل مجلس الشيوخ الأميركي في ادانة دونالد ترامب بسبب تحريضه على الشغب الذي حصل في مبنى الكونغرس الأميركي بتاريخ 6 يناير وهو التحريض الذي تسبب في قيام مجلس النواب الأميركي بإقالته ولكن هذا الفشل يثير تساؤلات حول ما إذا كان الكونغرس الأميركي لديه أي وسائل فعالة لمحاسبة الرئيس بسبب اعمال قام بها ضد الدستور. لقد سعى الآباء المؤسسون للأمة الى منع الرئيس من تعزيز سلطاته لدرجة ان يصبح فعليا بمثابة ملك وتحت ظل حكم ترامب كان هناك خنجر مصوب الى قلب النظام الدستوري فهناك رئيس كان يرفض الاعتراف بأنه خسر الانتخابات وكان مستعدا لاستخدام الغوغاء من اجل ان تهاجم فعليا سلطة من المفترض انها تتساوى مع السلطات الأخرى.
لقد جعل الآباء المؤسسون لأميركا الإدانة من قبل مجلس الشيوخ والتي تؤدي الى الاقالة من المنصب بسبب ارتكاب مخالفة تستحق الاقالة- والتي لا يجب ان تكون جريمة قانونية – صعبة جدا حيث تتطلب الإقالة ثلثي الأصوات حيث كان يعتقد الاباء المؤسسون انه لا يجب اقالة رئيس ما نتيجة تغير مزاج الامة.
لا يوجد رئيس تم عزله من منصبه من خلال إجراءات الاقالة من قبل مجلس النواب وبعد ذلك الإدانة من قبل مجلس الشيوخ. لقد استقال ريتشارد نيكسون بعد ان تم إبلاغه من قبل كبار الجمهوريين في الكونغرس انه لم يعد لديه دعم كافي في مجلس الشيوخ للبقاء في منصبه ففي الأساس فإن عملية اقالة الرئيس من منصبه هي بمثابة ابطال لتصويت الناس وبالإضافة الى ذلك فإن ذلك الشخص من المرجح ان يحتفظ بسلطته على فئة معينة من حزبه على اقل تقدير وفي واقع الأمر حتى وقت ليس ببعيد طبقا للتاريخ الأميركي، كان السياسيون يمقتون حتى طرح موضوع الإقالة.
لقد كان نيكسون على وشك ان يتعرض للإقالة من المنصب في 1973-1974 وهذا شكل نقطة تحول تاريخية فعندما بدأت أول أحاديث جدية عن اقالة نيكسون بعد إقالته لمجموعة من المدعين العامين من اجل التخلص من المحقق الخاص ارشيبولد كوكس، كان هناك اعتقاد عام بإن مثل هذا الطرح هو طرح مخيف ولقد كانت هذه أول مرة يتم فيها طرح هذا الموضوع بشكل جدي منذ الإقالة الوشيكة للرئيس اندرو جونسون سنة 1868 ومنذ فترة نيكسون فإن فكرة تطبيق مثل هذا الحل قد أصبحت تطرح في كثير من الأحيان.
ان المشكلة الأساسية في عملية الإقالة كأسلوب في محاسبة الرئيس هي ان البند ذو العلاقة في الدستور المكتوب في سنة 1787 كان مصمما لمشهد سياسي مختلف مقارنة بما شهدته الولايات المتحدة الأميركية في معظم فترات تاريخها ففي ذلك الوقت لم يكن في البلاد أحزاب سياسية فعلية فالمؤسسون كانوا يخشون من ” الفصائل” او الأحزاب والتي تطورت مع تطور الجدل حول الدور الصحيح للحكومة الفيدرالية.
لقد حذّر جورج واشنطن في خطابه الوداعي من “الآثار البغيضة لروح الحزب ” وحذّر واشنطن ان مثل تلك الروح ” لديها جذور في اقوى عواطف العقل البشري ” وبالإضافة الى ذلك فإن الورقة الفيدرالية رقم 10 والتي كتبها جيمس ماديسون كانت إشارة على انه تمت كتابة الدستور بروح معارضة الأحزاب السياسية.
ان أحد أسباب التشكك بفعالية الإقالة والادانة كأداة للتخلص من رئيس (جمهوري على اقل تقدير) هو انه منذ ان أصبح لكل ولاية عضوان في مجلس الشيوخ فإن الولايات الصغيرة والتي عادة ما يكون سكانها ريفيون ومحافظون أصبحت تتمتع بقوة مفرطة مقارنة بحجمها النسبي ولكن الاختلاف الكبير بين عمليات الإقالة المتعلقة بنيكسون والتي كان هناك اجماع بين الحزبين عليها وتلك المتعلقة بترامب مرتبط بشكل أساسي بالتغيرات العميقة في الحزب الجمهوري.
ان الجمهوريين في عهد نيكسون كانوا وسطيين بشكل أكبر بكثير وأقل انتقاما مقارنة بحزب ترامب اليوم وبينما احتفظ نيكسون بولاء أعضاء الحزب الجمهوري، لم يتم تهديد الناس بالطرد بسبب سعيهم لإقالته من منصبه. لقد كان الخوف من وجود معارضة مستقبلية هو الذي دفع بكبار أعضاء الحزب الجمهوري للذهاب الى البيت الأبيض لإخبار نيكسون انه لا يتمتع بالدعم السياسي الكافي في مجلس النواب او مجلس الشيوخ للبقاء في منصبه وذلك حتى لا يضطروا للتصويت فيما يتعلق بهذه القضية.
عندما أعلنت عضو مجلس النواب الأميركي ليز تشيني وهي محافظة حقيقية (وابنة نائب الرئيس السابق ديك تشيني) انها سوف تصوت لإقالة ترامب ذكرت” لم تكن هناك أي خيانة من قبل أي رئيس للولايات المتحدة الأميركية أكبر من هذه الخيانة لمنصب الرئيس واليمين باحترام الدستور”. لقد رفضت تشيني قيام ترامب بتأجيج اليمين الراديكالي لأسابيع عديدة من خلال ادعاءه زورا وبهتانا بإن الانتخابات قد سُرقت منه ومن ثم حث الغوغاء على الذهاب لمبنى الكونغرس على وجه التحديد اثناء فرز أصوات الهيئة الانتخابية والطلب منهم ان ” يقاتلوا بقوة وشراسة “.
وردا على ذلك تم توجيه اللوم الى تشيني من قبل الحزب الجمهوري في ولاية وايومنغ وفي المؤتمر الحزبي كان هناك تحدي لمركزها الثالث في ترتيب الجمهوريين في مجلس النواب.
لقد قام جيمي راسكن المدعي العام الرئيسي في مجلس النواب وزملائه الثمانية بعمل بارع في تقديم الدعوى ضد ترامب. ان راسكين هو أيضا أستاذ في القانون الدستوري وعليه عندما تحدث اليه في وقت متأخر من يوم السبت بعد انتهاء إجراءات مجلس الشيوخ، سألته ما إذا كان قد توقع نظرا للظروف المختلفة تماما بين وقت صياغة الدستور والزمن الحالي ونظرا للقوة الهائلة للولايات الصغيرة في مجلس الشيوخ ان يحصل على تصويت ثلثي مجلس الشيوخ على ادانة ترامب. أجاب راسكين: ” لقد كنت دائما اعتقد انه ستكون هناك فرصة أفضل ان نحصل على 100 صوت من ان نحصل على 67 صوتا واعتقدت انه عندما نقدم دعوانا فإن الدعم لترامب سوف يختفي بسرعة.”
وتابع راسكين: ” ولكن يبدو انه الانحدار الذي وصل اليه بعض زملائنا من الحزب الجمهوري قد وصل لمراتب متقدمة حيث وصلنا لنقطة في التاريخ يتصرف فيها حزب كان عظيما في السابق بما يشبه الطائفة الدينية المتعصبة. لقد خرجت الحقائق والمنطق وحكم القانون من المعادلة “. لقد عزا راسكين ذلك الى حقيقة ان ” قائدهم يمارس سيطرة نفسية ومالية وسياسية على اتباعه. لقد تمكن ترامب من جمع أموال كثيرة قادرة على بث الرعب بين الجمهوريين “.
لقد اختتم راسكين حديثه بالقول ان ” النظام السياسي الحزبي يسيطر الآن على نظام الكونغرس والآن لا يحكم الكونغرس سلطتان بل حزبان وأحد هذين الحزبين قد تخلى عن العقل والمنطق”.
وهكذا، ربما تمكن ترامب من تجنب ادانته من قبل الكونغرس على تحريضه لعصابة قاتلة على مهاجمة مبنى الكونغرس الأميركي ولكن يبدو من الواضح انه ستتم محاسبته على ذلك في التاريخ.
 
*اليزابيث درو هي صحفية تعمل في واشنطن ومؤلفة، علما ان كتابها الأخير هو “مجلة واشنطن: تغطية ووترغيت وسقوط نيكسون “.
حقوق النشر: بروجيكت سنديكت.