Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    21-Nov-2020

مدرسة للهدم

 الغد-هآرتس

 
بقلم: جدعون ليفي واليكس ليبك
 
20/11/2020
 
الساعة كانت الثانية عشرة ظهرا بالضبط، من داخل غرفة المعلمات اندفع طالب صغير ليرن جرسا ثقيلا من الحديد كان يحمله. صوت الجرس المنقذ؟ ليس مؤكدا. فورا بعد ذلك، تم فتح ابواب الصفوف الخمسة، وعشرات الاولاد انطلقوا منها نحو الخارج. هم ينزلون بالدور الى منحدر الغور الاخضر الى بيوتهم – خيامهم، يحملون الحقائب على ظهورهم ومعظمهم يضعون الكمامات. أحد الاولاد من ذوي الامتيازات كانت تنتظره توصيلة، حمار مربوط يقف جانبا. هذا الولد يعيش في أحد تجمعات الرعاة المجاورة.
منذ بداية السنة الدراسية الحالية تغيرت حياة هؤلاء الأولاد بدرجة كبيرة. حتى الآن اضطروا الى السير في كل صباح مسافة 7 كم نحو المدرسة التي تقع في القرية الاقرب، المغير. في الظهيرة كانوا يعودون في نفس الطريق الطويلة: نحو 15 كم ذهابا وايابا في ايام الصيف والشتاء، تحت الامطار والرياح، واحيانا ايضا امام هجمات المستوطنين الذين يكونون في طريقهم. في نهاية الامر قرر تجمع الرعاة فعل شيء: بناء مدرسة صغيرة لأنفسهم.
بمساعدة وزارة التعليم الفلسطينية ومنظمة مساعدة اوروبية مستقلة باسم “غروبو دي آي” تحققت المعجزة. فقد قاموا ببناء مبنى بسيط للأولاد مكون من ست غرف – المدرسة الاساسية المختلطة لقرية رأس التين. المبنى البسيط يشمل خمس غرف وغرفة للمعلمات وهو مغطى بسقف من الصفيح ويقع فوق تلة. المشهد رائع: المبنى الابيض البسيط، الصفوف الصغيرة والقليلة التي لا يوجد فيها أي شيء عدا الطاولات والكراسي ولوح من الخشب، الحماس في عيون الطلاب، المديرة التي جاءت الى هنا بعد أن كانت تدير مدرسة مشابهة في تجمع آخر للرعاة، ونسبة الحضور المرتفعة للأولاد الذين في معظمهم غابوا عن المدرسة السابقة وحتى أنهم تسربوا منها بسبب العقبات في الطريق.
الاسبوع الماضي تعلم الأولاد في هذه المدرسة الجديدة، هذه معادلة فيها مجهول واحد. ولكن المجهول الحقيقي هو هل ومتى سينتهي هذا الحلم وتهدم هذه المدرسة. الخوف هو من أن هذا الحلم السعيد والمؤثر لن يطول مدة طويلة. سلطات الاحتلال لن تسمح بأن يحدث هذا. الادارة المدنية اصدرت في السابق جميع أوامر الهدم والجرافات في الطريق. أولا، هم حاولوا منع البناء، وبعد ذلك قاموا بمصادرة المعدات والاثاث. والآن هم ايضا يمنعون ربط المراحيض بالأنبوب، في البلدة غير المربوطة بشبكة المياه وشبكة الكهرباء. كل بضعة ايام يأتي المراقبون لفحص اذا كان أحد ما قد قام بربط الأنبوب في مراحيض المعلمات. الى هذه الدرجة وصل الحقد.
وحسب رأي تخطيطي مهني قدمته للمحكمة اللوائية في القدس جمعية “بمكوم”، التي يتم تشغيلها من قبل مهندسين معماريين ومخططين يحاربون من اجل حقوق التخطيط، كتب في الشهر الماضي المهندس المعماري الون كوهين بأن هذه المدرسة لها اهمية كبيرة بالنسبة لطلابها. “بالنسبة لعدد منهم هي الإمكانية الوحيدة لأخذ دور في نظام التعليم، حيث إنها توجد قرب مكان سكنهم”، كتب كوهين. مؤخرا قدم كوهين رأيه للمحكمة العليا حيث جرى هناك نقاش في استئناف القرية على قرار المحكمة اللوائية للسماح بهدم المدرسة.
في السابق، قال المهندس، أثبتت السلطات بضع مرات أن هناك طرقا لعدم هدم المدرسة التي بنيت بدون ترخيص، وحتى أنه تم من اجل ذلك اصدار أمر خاص: “تعليمات المصادقة على انشاء والاعفاء من الرخصة لمبنى تعليمي”. ولكن هذه استهدفت بالطبع فقط المستوطنات التي تقع في المنطقة، ولم تستهدف سكان المنطقة الآخرين. كوهين ايضا ركز على حقيقة أن الارض التي اقيمت عليها المدرسة هي ارض خاصة سمح اصحابها بإقامة المدرسة. وأنه ايضا في الارض الزراعية مسموح بناء مدرسة حسب المخططات الانتدابية التي تسري على هذه المنطقة. الى جانب ذلك، احتمالية الحصول على رخصة بناء من اسرائيل في منطقة ج هي احتمالية ضعيفة جدا.
“من الجدير في هذه النقطة محاولة وصف الاولاد والبنات الصغار في الصف الاول، الذين يخرجون من بيوتهم في الساعة السادسة صباحا للوصول الى المدرسة عند بداية الساعة الاولى”، يصف كوهين في رأيه الذي قدمه ويقول “هؤلاء الأولاد ينهون التعليم في الساعة الواحدة ظهرا، وفعليا يصلون الى البيوت في الساعة الرابعة بعد الظهر. هكذا يكون يومهم الدراسي مدته عشر ساعات، نصفها فقط مخصص للدراسة. في زمن كورونا يوجد لهذا اهمية زائدة حيث لا يوجد للأولاد امكانية للتعلم عن بعد لأنه لا يوجد في القرية حاسوب أو انترنت أو كهرباء”.
في 20 ايلول (سبتمبر) الماضي جاء الى هنا موظفو الادارة المدنية، فقط في هذه المرة من اجل التصوير. ايضا في الاسبوع الماضي جاؤوا من اجل التصوير وفحص المراحيض خوفا من ربطها بالمياه. كل زيارة كهذه تثير بالطبع المزيد من الخوف والرعب في اوساط الطلاب والمعلمات. المتحدثة بلسان مكتب منسق اعمال الحكومة في المناطق ابلغت الصحيفة أن “الالتماس بشأن الادعاءات تم تلقيه من قبلنا، والرد على الالتماس سيقدم كما هو معروف للمحكمة. ونحن نؤكد على أن وحدة الاشراف في الادارة المدنية تقوم بنشاطات انفاذ للقانون ضد مخالفات في مجال التخطيط والبناء. هذا جزء من واجبها من اجل الحفاظ على النظام العام وعلى سلطة القانون. نشاطات انفاذ القانون، وكذلك ايضا مصادرة المعدات التي جرت في ذلك المكان، تنفذ طبقا للصلاحيات والاجراءات، وكذلك طبقا لسلم الاولويات والاعتبارات العملياتية”.
في فترة كورونا يدرسون هنا فقط اربع ساعات في اليوم. الصفوف مختلطة: البنات والبنين معا. الصفوف أ وب وج في غرفة واحدة. وهكذا ايضا في المراحل الدراسية الاخرى. بالإجمال يتعلم في المدرسة خمسين طالبا، 30 فتاة و20 ولد، الى جانب 6 معلمات وسكرتيرة ومديرة. بالتحديد البنات اللواتي في السابق لم يذهبن الى المدرسة بسبب المسافة والاخطار، يشكلن الآن الأغلبية. المديرة تقول إنه مع كل المخاوف من الهدم إلا أن شيئا لا يقارن بما كان قبل افتتاح المدرسة. أولياء الامور يقولون لها بتفاخر بأن اولادهم اصبحوا يعرفون قليلا اللغة الانجليزية، وكذلك الحساب والأدب. وفجأة هم يريدون التعلم. والمعلمات، كما تقول المديرة، ينتظرن شروق الشمس من اجل القدوم الى المدرسة.