Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Dec-2017

رأي مسيحي عن القدس - القس سمير اسعيد

 الراي - نحتفل في هذه الأيام بعيد الميلاد المجيد وأنظارنا تتوجّه إلى القدس كما تتوجّه الى بيت لحم بسبب الأوضاع في الفترة الأخيرة نتيجة الإعلان الغاشم من قبل الرئاسة الأميركية بأن القدس عاصمة إسرائيل، ولما وقف العالم وقفة تبصّر أعلن كلمة الحق من خلال التصويت بمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة فأكدوا أن هذا القرار لا قيمة له ووقفوا أمام قرار الإدارة الأميركية الذي يميل إلى الباطل، و أن القدس وكما يعلمنا التاريخ لا يمكن أن تكون ملكاً لشعب أو لدين واحد فقط بل يجب أن تكون القدس مفتوحة للجميع وأن يشارك فيها الجميع ، فهذه السيطرة الصهيونية لا علاقة لها بالتاريخ الديني العقائدي المذكور بصفحات الكتاب المقدس في العهد القديم لأننا وكما نؤمن أن جميع النبوات تحققت تماماً في مجيء السيد المسيح.

 
وعلى جبل الزيتون يخبرنا الإنجيل المقدس أن السيد المسيح تنبأ عن خراب القدس الشامل وقال (أنه لا يترك فيها حجر على حجر لا ينقض) انجيل متى 24 :2 وقد تمت هذه النبوة حرفياً بواسطة القائد الروماني تيطس سنة 70م ومره أخرى بواسطة أدريان سنة 135م وقد دمر الهيكل المزعوم و لم يعد له وجود أو أثر في القدس.
 
وعند دراسة وعود العهد القديم نكتشف الوعد الإلهي لأبينا إبراهيم لم يكن لشعب بل لجميع الشعوب، فنقرأ في سفر التكوين 12:1– 3) ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض من أجل أنك سمعت لقولي) / (ولنسلك أعطي هذه الأرض) تكوين 12 :7 / ويقول له الرب (أما أنا فهو ذا عهدي معك وتكون أباً لجمهور من الأمم) وعند البحث المستفيض في معاني هذه الكلمات نكتشف أن مواعيد االله لأبي الأنبياء إبراهيم أن الوعد الالهي بالأرض يشمل جميع الشعوب وليس فقط الشعب اليهودي ففي أكثر من موضع يظهر شمول الوعد (وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض وتكون أباً لجمهور من الأمم) ، ويعتقد كثير من المفسرين لمعاني الأسماء بأن اسم ابراهيم يترجم عادة (أبو الجماهير).
 
كما أننا نعلم جميعاً أن نسل إبراهيم ليس إسحق فقط وإنما أيضاً اسماعيل الذي وعد به إبراهيم وقال كما جاء في سفر التكوين (13: 20 و 21 :13) (ها أنا أباركه وأجعله أمة كبيرة لأنه أيضاً نسلك).
وجدير بالذكر أن كثيراً من اليهود في أيامنا هذه لا ينحدرون من أصل يهودي بل هم من سلالات تهودت من أجناس غير سامية ولم تطأ أقدامهم قط أرض فلسطين.
 
وبعد هذا الوعد بأكثر من ثلاثة آلاف سنة جاء القديس بولس في هذه الحقيقة إذ كتب في رسالته الى أهل غلاطية (وأما المواعيد فقيلت وفي نسله) على اعتبار ابراهيم لجميع المؤمنين من كافة الأديان.
 
وفي زمن النبي موسى فإن الوعد بامتلاك الأرض مشروط ومؤقت وأنه لم يضمن لبني إسرائيل الامتلاك المستديم للأرض بحسب الوعد في سفر التثنية (30 :15 – 18) (لا تطل الايام على الأرض التي أنت عابر الأردن لكي تدخلها وتمتلكها).
 
وفعلاً لم تطل أيامهم في الأرض لأنهم خانوا العهد ولم يتمموا وصايا الرب ولم يحفظوا شريعته وقد نقض بنو إسرائيل العهد وساروا وراء آلهة أخرى من أجل ذلك حلت البلوى عليهم ونقرأ عن ذلك في سفر أخبار الأيام الثاني اصحاح (36 :15 – 17 ) (فأرسل الرب إله أبائهم اليهم على يد رسله وأنبيائه مبكراً ومرسلاً لأنه شفق على شعبه وعلى مسكنه فكانوا يهزأون برسل االله ورذلوا كلامه وتهاونوا بأنبيائه حتى ثار غضب الرب على شعبه حتى لم يكن شفاء فأصعد عليهم ملك الكلدانيين).
فواضح أن الوعد بالأرض كان مشروطاً بالطاعة والوفاء بالعهد ولكن الشعب نقض العهد الخاص بالأرض ولم يعد وعد الأرض ساري المفعول لأن فلسطين لم تكن موعودة لإسرائيل بصفة مستديمة.
 
ولقد أكد السيد المسيح هذه الحقيقية في الإنجيل المقدس بحسب القديس متى21 :33 – 43) اِسْمَعُوا مَثَلاً آخَرَ: كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ لِيَأْخُذَ أَثْمَارَهُ فَأَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ وَجَلَدُوا بَعْضًا وَقَتَلُوا بَعْضًا وَرَجَمُوا بَعْضًا. ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضًا عَبِيدًا آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِينَ، فَفَعَلُوا بِهِمْ غَرَسَ كَرْمًا، وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ، وَحَفَرَ فِيهِ مَعْصَرَةً، وَبَنَى بُرْجًا، وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ، وَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الأَثْمَارِ أَرْسَلَ عَبِيدَهُ إِلَى الْكَرَّامِينَ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ؟ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا! ذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ االلهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ هَلاَكًا رَدِيًّا، وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا». قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ مِيرَاثَهُ! فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ، مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟» قَالُوا لَهُ: «أُولئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ كَذلِكَ. أَخِيرًا أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ قَائِلاً: يَهَابُونَ ابْنِي! وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الابْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هذَا هُوَ الْوَارِثُ! هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ) وهذا يؤكد من كلام الكتاب المقدس بعهديه إن احتلال الصهاينة لفلسطين في القرن العشرين لم يعد قائماً وقد انتزع منهم بدليل قوله (ويسلم الكرم الى كرامين اخرين يعطونه الأثمار في أوقاتها) فلم يعد الكرم لهؤلاء الكرامين.
 
ولا يوجد وجه حق بالادعاء الديني التاريخي أن القدس مدينة لدولة إسرائيل، فأحداث التاريخ لها ارتباط ليس بشعب واحد بل لكل الشعوب الذين سكنوا الأرض.
 
وبالنسبة للديانة المسيحية مدينة القدس مكان الجذور الحية فيها ولدت المسيحية وكل مسيحي يشعر أن القدس هي مدينته وبيته منذ ما يقرب من 2000 عام كما هي مدينةٌ وبيتٌ لكل مسلمٍ أيضاً ، فالكنيسة مع مؤمنيها حاضرة في القدس ودون انقطاع حضوراً فعالاً رغم تعاقب سيادات ورئاسات وحكومات كثيرة حتى وإن وصل العدد إلى أدنى مستوياته بوجود الاحتلال الصهيوني الذي صادر البيوت والأراضي والكنائس إلا أن المسيحي لم يتخلَ يوماً عن مدينة القيامة مدينة الإيمان والصلاة والسلام.