Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Oct-2018

عندما يغضب/ يرضى جدّنا البحر الأبيض العجوز...يتفتّح النوّار - م. باهر يعيش

الراي - ذهبت هناك، شمالاً. انتظرته طويًلا على شاطئ القارّة العجوز(أوروبا)،على مرمى حصوة من حيفا و(فشقة)من طنجة. من عندنا هنا لا نستطيع رؤيته، موانع كثيرة:

عواصف جبال شاهقات سّدود حاجزات ودواهي مانعات.
و...أتى!. قال البحر: «عَرَفْتُكَ مُذ رأيتكَ، فيك سيماء آبائك وأجدادك. كانوا يمخرون من بحر يافا حتى شواطئ الأندلس، تذكرها!!
حملت سفينهم على ظهري.عرفت منهم عيسى العوّام، إبن بلدك(عكّا)وقد عَامَ على جناح موجي قريبًا من القلب وسط أساطيل غزو الغربان الأغراب، ينقل أخبارهم إلى المقاتلين من ربعكم هناك. قضى شهيدا، يوم (كان)من ربعكم... شهداء. إحتضنته أمطرته غسلته طهّرته بدموع السّحاب منّي حتّى فضت، أودعته ثرى مائي».
دفع البحرالأبيض المتوسّط بإصبعيه(السّبابة والوسطى)نحوي وقد ضمّها كما العرب في حالة الغضب وأخذ يهزّها في وجهي:»وِانتْ...إنتْ:عَلامَك،ويش جابك!؟ مهاجر على مركب الموت؟! كم غرق من ربعك وبات في قعري؟! لماذا أتيت وكيف؟: سباحة أم عوما، شتّان ما بين عوم العوّام وعومك! أم داخل صندوقٍ برميلٍ جِوَالٍ من خيش أم في كفن؟! تملؤون المدن برؤوس منحنية وقد ناطحت رؤوس أجدادكم السّحاب!. طفشتم من أنفسكم من أخيكم وابن عمّكم هروبا من غريب تمسكّن، إستعمل القريب لدحر القريب فتمكّن. وماذا عن الوطن؟ أصبح في خبر كان!؟ ما أرذلها(كان)جلّابة المصائب حجّة المفلّس!. أجدادك كانوا السّادة هنا وأنتم...خازوق كبير و...سيقلع. كنّا نحن البحور والمحيطات نهابهم نحسب حسابهم. ربابنة ملكوا الشواطئ، ملؤا الكون عزّة نّفس رّجولة فروسيّة كرما نخوة، وأدبا وعلما وفنّا وأخلاقا».
زفر السّيّد العجوز فارتجّت الجبال. قال بحسرة «كنت أطرب لصوت مجاذيفهم، أعشق دبيب الريح يدفع أشرعتهم من نبت أراضيهم. خشب سفينهم من أشجار سنديان وسرو يافا وعجلون والإسكندرية ونجد والقيروان وغرناطة، من أرز لبنان،بمجاديف، أذرع بشر قدّت من عزم من حديد. مشاعلهم أنارت الكون يوم كان الظّلام والجهل والبدع والخرافات تعمّ الدّنى. صمت سيّدنا البحر، سكت طير النّورس(صديقي)هيبة وخشية،هو يعرف أنّ البحر عندما يصمت...هناك جلل كبير.
صفنت فيه: عجوز أبيض الشّعر والإسم مغضّن الوجنات جليل قويّ مهيب، بعبائة زّرقاء بلون السماء، إربدّ وجهه ثارت أمواجه. يزجرني يصرخ ما بين اللّحم والعظم منّي. إلتجَمْتُ، طأطأت رأسي بكيت شهقت حتى ابتلّت أمواهه بدمعي.
«يا جدّنا الكبير!!: أتيت من بلاد ما بين النّهرين من الشام والنيل والمغرب وغرناطة و...ربوع فلسطين، أستنجد بك، أحجّ إليك أتوضّأ بمائك أدعك وجهي برمال شواطئ أضعناها هنا وهناك. أكفّر عن ذنوب ارتكبناها نحن العصاة، نطلب عفوك وصفحك لتعود إلينا، تعيدنا إليك. أتينا زحفا نحرا في هذا الأوان يا سيّدي...أشباه موتى. إغفر لنا ترفّق بِنَا كن حنونا على من سكن القعر منك منّا وأنت...الكبير».»يا أبيض الإسم والقلب والوجه!!: تعال إلى الكرمل والأندلس والإسكندرون وغيرها حيث كانوا وكنّا، قصّرنا ففقدنا. تغسل ذنوبنا تطهّر ضمائرنا تبثّ في أذرعتنا القوّة من جديد مجاديف سفين من خشب شجر زيتون جبل الزّيتون هناك في بيت المقدس...قد كانت جوهرة التاج على رأسك وقد ظلمها التاريخ والجغرافيا ونحن...نسيناها يا سيّدي. تعال لعلّ شمسك تشرق من جديد بالذّهب على وقع ربابة وناي وقصيد يعزف لحن الأمجاد.
أدار سيدنا البحر وجهه يخفي دمعة حرّى بطعم ملوحة ماءه و...مضى. طأطأت نفسي, لممت ما تبعثر مني وانسحبت حزينا. لم أكد أسير خطوات حتّى ظهر الحوت الكبير- حوت أجدادنا- يناديني: قال إنّني أشبههم, طمأنني خيرًا بصوته(موا) عالية رجّت الأجواء. قال»جدّنا البحر قلبه كبير، لكنّه حزين...حزين وسيصفو». «إذهب أيها الحفيد, عد إلى أرضنا، كيفما يمّمت وجهك...هي أرضنا، أشدد عضدك بأخيك، طهّرها من كلّ دنس وعودا على متن سفين من حُرّ شجركم, بأشرعة من نسج زنود أمّهاتكم، في موقع السّادة لا العبيد. كونوا ربابنتها. قد يتفتّح النّوّار فيرضى البحر، عندها يغفر البحر ويعود، وتعود الأرض.عندها فقط...ستعود!
mbyaish@gmail.com