Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Jun-2019

الانتخابات القادمة ستدفن «صفقة القرن» و قد تشكل لبداية نهاية عصر نتنياهو*علي ابو حبلة

 الدستور-حل الكنيست الـ 21، وتحديد موعد الانتخابات المبكرة في الـ 17 من أيلول/ سبتمبر المقبل، وفق التعقيدات للخريطة الحزبية الاسرائيلية بحسب النظام الانتخابي بحيث يمكن للاقلية التحكم بالاكثرية من الأحزاب الفائزة بنتيجتها فشل نتنياهو في تشكيل حكومته ، عدة مستويات من الفشل الذي واجهه رئيس حزب «الليكود»، بنيامين نتنياهو. وهو فشلٌ يضع مصيره على المحكّ، ما لم ينقذه تلاعب بالمواعيد القضائية التي تنتظره.

فبعد الفوز المفترض الذي حققه معسكر اليمين في الانتخابات السابقة، لم ينجح نتنياهو في تأليف حكومة تستند إلى الانتصار الذي بالغ في الاحتفاء به. لم تفلح كل محاولات نتنياهو لجذب عضو كنيست واحد من أيٍّ من الكتل الأخرى، وهو ما كان كفيلاً بتغيير المسار الحكومي والانتخابي في إسرائيل، بعدما أخفق نتنياهو أيضاً في تطويع أفيغدور ليبرمان عبر التلويح بالانتخابات المبكرة.
في أعقاب فشل المباحثات العلنية والسرية، بهدف تأليف حكومة يمينية برئاسته، وجد نتنياهو نفسه في نهاية المطاف أمام خيارين: إما نقل مسؤولية تأليف الحكومة المقبلة إلى شخصية أخرى، وفق ما تنصّ عليه القوانين التي تنظم تداول السلطة، وهو ما رأى فيه نهاية لحياته السياسية وتهديداً لمصيره الشخصي، كونه قد يؤدي به إلى السجن، أو الذهاب إلى جرّ الدولة بأكملها إلى انتخابات بعد أقلّ من شهرين على الانتخابات السابقة. وهكذا، يبدو واضحاً أن حلّ الكنيست في هذه المرحلة بالذات لم يكن إلا بفعل تعقيدات وصراعات وعوامل داخلية، ساهمت في سلوك هذا المسار غير المسبوق في تاريخ إسرائيل . صحيح أنها ليست المرة الأولى التي تجرى فيها انتخابات مبكرة؛ إذ إن أغلب الانتخابات الإسرائيلية هي انتخابات مبكرة. وصحيح أيضاً أنها ليست المرة الأولى التي يفشل فيها رئيس مكلّف بتأليف الحكومة. لكنها المرة الأولى التي تجرى فيها انتخابات مبكرة قبل تأليف الحكومة التي كان يفترض أن تنبثق من الانتخابات السابقة.
انطوى قرار حلّ الكنيست على مجموعة أبعاد يتشكل منها هذا الحدث السياسي بذاته وتعارضه ومفاعيله، منها ما يتصل بعلاقة الدين بالدولة، وتحديداً موقف «الحريديم» من التجنّد في الجيش، والموقف من موقعهم ودورهم في المنظومة السياسية، وأخرى ترتبط بألاعيب نتنياهو التي تهدف إلى محاولة تحصين نفسه قانونياً أمام القضاء لمنع محاكمته، وثالثة تتعلق بطموحات رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان، والصراع الذي تداخلت فيه العوامل الشخصية بالقضايا السجالية. لكن هذا الحدث الناتج من ديناميات داخلية، يأتي أيضاً في سياقات إقليمية مفصلية على مستوى المنطقة، وتحديداً ما يتصل بـ«صفقة القرن»، وفي وقت يشتدّ فيه الصراع الأميركي ــــ الإيراني ويبلغ مرحلة حساسة ستكون لها مفاعيلها الإستراتيجية على الأمن القومي الإسرائيلي وعلى المعادلات الإقليمية. فقد نشرت مجلّة «فورين بوليسي» الأميركية مقالاً تطرّقت فيه إلى السعي الإسرائيلي لإجراء انتخابات برلمانية جديدة، بسبب فشل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة بشكل مفاجئ، وتحدّثت عن تأثير هذا الإجراء على صفقة القرن، معتبرةً أنّه سيجمّدها.
ورأى محللون أنّ الإنتخابات القادمة ستدفن «صفقة القرن» التي كان ينتظر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعلانها قريبًا، كما اعتبروا أنّ ما حصل مؤخرًا هو تطوّر نادر للسياسة المضطربة أساسًا في إسرائيل. وأشارت المجلّة الى أنّه تمّ تحديد يوم 17 أيلول موعدًا للانتخابات الجديدة، وخلال هذه الفترة، سيبتعد نتنياهو عن أي تنازلات للفلسطينيين، وتعدّ هذه الفترة نكسة كبيرة لفريق ترامب الذي يعمل على ما يسمّيه «خطة سلام».
من جانبه، قال السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل دانييل شابيرو للمجلة: «أعتقد أنه يجب وضع الخطة على الجليد في الوقت الحالي»، مضيفًا أنّه لم يكن هناك أحد في المنطقة متحمس لإعلان هذه الصفقة. وأوضح شابيرو أنّ ليس هناك مجالاً لتقديم هكذا خطة خلال الحملة الانتخابية الإسرائيلية، لذلك فعقارب الساعة ستُعاد إلى الوراء، علمًا أنّ الحكومة الإسرائيلية لن تتشكّل قبل تشرين الثاني المقبل، وفي ذلك الوقت، يكون ترامب على وشك الدخول في عام الانتخابات وهذا الأمر سيكون عاملاً إضافيًا لتأخير إطلاق صفقة القرن، أو حتى عدم إطلاقها أبدًا. 
في كل الأحوال، من الواضح أن التحدي الأساسي الذي سيواجهه نتنياهو خلال الانتخابات المقبلة يتركّز حول مجموع الكتل التي سينالها معسكر اليمين بمعزل عن «إسرائيل بيتنا»، وتحديداً حجم المقاعد التي سينالها حزب «الليكود» بعدما ارتفعت إلى 35 مقعداً خلال الانتخابات الأخيرة. في المقابل، سيسعى ليبرمان إلى توسيع قاعدته البرلمانية، بالاستناد إلى المواقف التي اتخذها في مواجهة «الحريديم»، على أمل أن يؤدي ذلك إلى توسيع قاعدته الشعبية العلمانية مِمَّن يعترضون على الامتيازات التي يتمتع بها «الحريديم». في مقابل هذه المساعي، سيركز نتنياهو وحلفاؤه حملتهم على الترويج لمقولة أن التصويت لليبرمان سيصبّ في نهاية المطاف في غير مصلحة معسكر اليمين، بدليل حلّ الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة، فيما سيسعى ليبرمان إلى الترويج لمقولة أن التصويت لحزبه سيعزز قوة المعسكر العلماني داخل معسكر اليمين، وهو ما سيضعف من قدرة الأحزاب «الحريدية» على الابتزاز.
لكن التحدي الأكبر يكمن في التزامن بين موعد الانتخابات والإجراءات القضائية التي تنتظر نتنياهو، وكيف ستنعكس على الخريطة السياسية والحزبية في إسرائيل، وما إذا كانت القوى السياسية ستخاطر بالارتباط بزعيم تنتظره محاكمات بسبب ملفات فساد ورشوة. وعلى ذلك، بعدما فشل نتنياهو في تثمير نتائج الانتخابات السابقة لتحصين نفسه أمام القضاء، هل ستؤسس الانتخابات اللاحقة لبداية نهاية عصر نتنياهو، أم أن المستشار القضائي للحكومة سيطوِّع إجراءاته بما يمكِّنه من التفلت كما حصل حتى الآن؟ الواضح أنه في حال عدم التلاعب بالمواعيد القضائية والانتخابية، فإن مصير نتنياهو بات على المحكّ.