Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Aug-2018

نقب "عش الدبابیر"في جارة الوادي.. - محمد كعوش

 

الراي - أحدثكم عن مدينة السلط "جارة الوادي"، هي من أقدم المدن في المنطقة، لها تقاليدها وتراثها وعاداتها، واهم ما فيها مدرستها الثانوية الأولى في المملكة، التي درس فيها وتخرّج منها عدد كبير من كبار رجالات الدولة، الذين احتلوا مناصب قيادية مهمة في مراحل صعبة. السلط مثلّت، ولا تزال، النموذج الأردني الفريد في تكريس العيش المشترك والتكافل والتضامن بين كل طوائف واطياف مكونها الأجتماعي، مثل مدن اخرى واعني اربد والكرك ومادبا والزرقاء والمفرق، وكل المدن الأردنية التي احتضنت مكونات المجتمع الأردني بلا تمييز.
لذلك اتساءل من الذي اطلق هذا الجنون، البعيد عن حكمة وعقلانية ووطنية اهل السلط، في محاولة لجرح المدينة العريقة وتشويه وجهها الجميل، ونشر الفوضى في ليلها الهادئ، الذي انتهى بسيل من الدم وارتقاء الشهداء الأبرار من رجال الأمن، ولماذا في هذا الوقت بالذات؟
ابحث عن الحقيقة وسط هذه الفوضى الاعلامية والتردد الذي يفتح الأبواب للتأويل والثرثرة. وجدت نفسي غارقا في البحث عن تفاصيل مبعثرة لتشكيل المشهد، قرأت وسمعت وشاهدت وتابعت كل ما نشر حول سحق العملية الارهابية الجبانة، وقبلها "عملية الفحيص"المدانة. ما قرأته وسمعته هو عبارة عن "فورة دم"عفوية واخبار متناقضة عبر"فزعة اعلامية"موسمية شملت وسائل التواصل الأجتماعي، تحدث عادة عقب كل عملية ارهابية تصيب الأردن بضرر، ولكنها تتلاشى مع انتهاء الاشتباك والقضاء على الارهابيين في اكثر من مرة.
جذور المسألة لا تكمن في حي "نقب الدبور"في السلط، بل في"عش الدبابير"والخلايا النائمة"التي استيقظت في موسم العودة من الشمال، بعد تحرير ريف درعا، هذه المجموعات استغلت غضب المواطن وتململه من الظروف الاقتصادية الصعبة، واحتجاجه على رفع الأسعار والغلاء وانتشار الفساد المسكوت عنه، ومطالبته بالاصلاح والعدالة في توزيع الثروات، لتمويه مشروعها السياسي المرتبط باجندات خارجية.
من حيث التوقيت، جاءت العملية الأرهابية في موسم المهرجانات الفنية الثقافية التراثية في جرش والفحيص وعمان، لأن الارهاب يبجل الموت، والارهابيين يكرهون كل ما هو جميل، ونحن ننحاز للحياة ومعانيها ونبجلها ونعشق الفن والجمال، ونؤمن بأن الحياة اقوى من الموت.
ما حدث في السلط، وقبلها الفحيص، لا يمكن عزله عن محيطنا الملتهب، الذي يلقي بظلاله على وضعنا الداخلي، فنحن لا نعيش في جزيرة معزولة عن الصراعات القائمة، رغم النهج المتوازن الحذر، الى حد ما، الذي اخترناه، في وقت يواجه الاردن فيه ضغوطا اقليمية – دولية غير مسبوقة وحصارا اقتصاديا غير معلن لاجباره على المشاركة في صراع لا يرضاه ولا يراعي مصالحه العليا، مع ضرورة التذكير أن الصراع في سوريا بدأ تحت شعار المطالبة بالاصلاح والحرية والديمقراطية وانتهى بمشروع اميركي يعمل على تقويض الدولة وتقسيم الشعب والأرض.
على هامش ما حدث في السلط اتساءل: كيف سيكون حالنا لو انتصرت التنظيمات المسلحة المتطرفة في سوريا؟
ما حدث في السلط، وما سبقه من عمليات ارهابية، لا يثنينا عن الايمان بأن الأردن محصن بوعي شعبه ويقظة قيادته وجيشه ومؤسساته الأمنية، ولكن نشر العنف والفوضى بادوات محلية غير واعية لشمولية المشهد، يصب في طاحونة الصراع الدموي الأقليمي المرتبط بالمشروع الأميركي والحل النهائي الساعي الى تصفية القضية الفلسطينية، والذي نراهن على الشعبين الأردني والفلسطيني لدحره واسقاطه.