الغد
معاريف
الوف بن
الانتخابات القادمة للكنيست تقترب، وفي المعسكر الليبرالي يتزايد الخوف من المناورات التي سيقوم بها نتنياهو من أجل تغيير نتائجها. المخاطر عديدة: أن يلغي الانتخابات مطلقا، أو يؤجلها "لما بعد الحرب"، وأن يستخدم بلطجية وكاميرات في مراكز الانتخاب، وأن يحرض ماكينة السم على خصومه، وفوق كل هذا أن يرقض قبول النتائج في حالة خسارته، مثلما تتنبأ الاستطلاعات. وحينئذ بدلا من أن يعترف بالخسارة وينسحب، سوف يلتصق بالقوة بكرسيه بمساعدة شرطة بن غفير وجهاز شباك زيني.
كل هذه التهديدات مخيفة، ومحظور تجاهلها أو الاستهانة بها، ومن المهم النضال كي لا تتجسد. ولكن ثمة خطر آخر، والذي تحقق في بعض المرات وهو أن نتنياهو سيتنافس في الانتخابات ويفوز. الديمقراطية الرسمية في الواقع ستنجو، ولكن رئيس الحكومة سيحصل على شرعية لاستكمال انقلابه، تصفية المؤسسات الليبرالية وتحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية دينية. بالضبط مثلما أن عودة دونالد ترامب منحته تفويضا لانقلاب متعدد الابعاد في أميركا.
الاستطلاعات في الواقع تتنبأ بسقوط الإئتلاف الحالي، وتعبر عن خيبة أمل من زعامة نتنياهو وعن غضب على مسؤوليته عن فشل 7 أكتوبر والتخلي عن المخطوفين. ومع ذلك يوجد له نقطتان كأفضلية، واللتان من شأنهما أن تقودا إلى فوزه في الانتخابات رغم ضعفه في الرأي العام.
قبل كل شيء وفوق كل شيء، ائتلاف نتنياهو يعتمد على أيديولوجية راسخة متفق عليها بحماسة بين المشاركين فيها: الكاهانية. الشعارات العنصرية "العرب للخارج"، و "إذا لم يكن هنالك عرب فلن يكون هنالك عمليات" و "كهانا على حق" انتقلت من جدران الشوارع إلى مقر الحكومة. نتنياهو يشن حرب تدمير وطرد في غزة، طرد ومصادرة أراض وضم في الضفة وإهمال للمجتمع العربي في إسرائيل، وسيذهب للانتخابات بوعد لتسريع الترانسفير "في كل أرجاء أرض إسرائيل". في الكتلة المضادة لا يوجد تماسك كهذا: يوجد فيها رجال يمينيون واضحون، والذين لا يعارضون الحرب والترانسفير (نفتالي بينيت، افيغدور ليبرمان، اييلت شكيد)، وشخصيات ليس لها عمود فقري وانتهازيون (بني غانتس، يوسي كوهين)، ومؤيدو "الدولتين، وفقط ليس الآن" (يئير لبيد، غادي ايزنكوت، يئير غولان) وأحزاب عربية والتي يخاف الآخرون من اي تعاون معها. نتنياهو لن يجد صعوبة في تفكيك هذه المجموعة، مثلما فعل المرة تلو الأخرى في الـ 16 سنة الأخيرة.
ثانيا، في إسرائيل من المقبول أن جدول اعمال أمني سياسي سيخدم الليكود، وجدول اعمال اقتصادي اجتماعي سيساعد خصومه. في هذه اللحظة الأمن يسيطر على الكنيست، وليس المشاكل الداخلية. نتنياهو نجح في التقليل من شأن محاكمته الجنائية وانهاك "حراس العتبة". الاقتصاد يظهر اداءات مذهلة – الدولار في الحضيض، البطالة متدنية، والتهديدات بالمقاطعة لا تمنع الإسرائيليين من الاستجمام في الخارج. تحذيرات الاقتصاديين بأن هذا وهم خطير، وانه بعد لحظة سوف ننهار تحت نفقات الحرب والعزلة الدولية لم تتحقق حتى الآن. ربما أن الأجيال القادمة سوف تنأى تحت الديون الوطنية، والعقوبات الأوروبية وبطالة الحريديم، ولكن ما يهم نتنياهو هو السنة القادمة وليس القرن القادم.
في ظل هذه الظروف نتنياهو يضع تحديا كبيرا لمن سيتنافس أمامه. هذه المرة الخطر واضح، وفوري وملموس ومحظور أن نأمل حظا جيدا، ونصدق الاستطلاعات وننام، أو أن نغرق في صراعات قوة وغرور والتي ستسقط الكتلة كما حدث في الانتخابات الاخيرة. من أجل إنقاذ الديمقراطية يحتاج معارضو البيبية إلى رؤية موحدة وقيادة موثوقة وحملة مقاتلة هجومية نضرب نقاط ضعف نتنياهو – عبادة الشخصية، ورعاية الفساد، وغسل الادمغة والاستسلام لليهود الحريديم. وعليهم التحرك بسرعة والّا فإن نتنياهو سيفاجئهم بإعلان الانتخابات وسيفوز بالرئاسة مجددا.