الغد
هآرتس
بقلم: نير حسون وآخرين
المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، العقيد أفيخاي أدرعي، نشر أمس بيانا موجها لسكان مدينة غزة. في أقواله التي كتبت في شبكة "إكس" أكد على أن إخلاء المدينة هو أمر "محتم"، لذلك، طلب من السكان إخلاء المدينة والتوجه نحو جنوب القطاع قبل عملية احتلالها. وقال أيضا بأنه "خلافا للإشاعات الكاذبة" إلا أنه يوجد هناك ما يكفي من الأماكن للنازحين. أدرعي نشر خريطة أشير فيها باللون الأزرق الى تسع مناطق يمكن للسكان التوجه إليها، وقال إن هذه المناطق توجد في منطقة مخيمات الوسط وفي رمال المواصي، خالية من الخيام وجاهزة للسكن.
لكن فحص هذه المناطق بمساعدة خبراء في الخرائط، عيدي بن نون من الجامعة العبرية والبروفيسور يعقوب غارب من جامعة بن غوريون، أظهر أن عددا من هذه المناطق يوجد في مناطق اعتبرها الجيش الإسرائيلي نفسه مناطق خطيرة على تواجد المواطنين. عمليا، حتى في الخريطة التي نشرها الجيش الإسرائيلي نفسه امس في موقعه باللغة العربية تم التأشير عليها باللون الأحمر. حسب تعليمات الجيش هذه المناطق محظور العبور فيها أو مكوث المواطنين فيها بسبب النشاطات العسكرية. التحليل الذي أجراه غارب كشف بأن الحديث لا يدور عن تجاوز واحد او اثنين: في خريطة أدرعي تم تعليم مناطق من داخل 19 "كتلة" تشكل تقسيم الجيش الإسرائيلي لمناطق القطاع، و6 منها حسب غارب، توجد جميعها أو جزء منها خارج الخطوط المحظورة. بمعان كثيرة فان بيان أدرعي يترك سكان غزة في عدم يقين.
الفحص كشف أيضا أنه توجد مشكلات اخرى. مثلا، معظم مناطق الإخلاء صغيرة جدا بالنسبة لاحتياجات السكان. عمليا، حسب التحليل، الحديث يدور عن منطقة مساحتها 7 كم مربع فقط. ليس هذا فقط، ايضا هذه المساحة غير خالية تماما، في جزء منها يدور الحديث عن مناطق لا يمكن فيها وضع القيام، وفي مناطق أخرى توجد الآن خيام. "لا يوجد مكان واحد في دير البلح يمكنه استيعاب خيام نازحين جدد"، قال رئيس بلدية دير البلح، نزار عياش. "ما يحدث في دير البلح يسري على كل المنطقة الوسطى في القطاع، والوضع هنا يبشر بكارثة انسانية".
هناك معطيات اخرى. حسب تقديرات الامم المتحدة فانه في مدينة غزة ومحيطها يعيش حوالي مليون شخص. وبحساب بسيط فان هذا يعني انه سيكون لكل نازح 7 أمتار للعيش في هذه المناطق. هذا حيث ان الحديث لا يدور عن مكان للنوم فيه، بل عن مساحة شاملة للسكن، الخدمات، البنى التحتية والمناطق العامة. واذا تم تطبيق خطة إسرائيل لإخلاء غزة فسيتجمع كل السكان ويحشرون في 19 في المائة من مساحة القطاع.
سواء بن نون أو غارب أرسلوا لـ "هآرتس" صورا محدثة للأقمار الصناعية. الى جانب المناطق التي يوجد فيها الآن خيام لكثير من النازحين، فانه تظهر في الصور مناطق اخرى مثل كثبان الرمال، التي يصعب جدا وضع الخيام فيها والعيش فيها بكرامة. اماكن اخرى تظهر مثل طرق أو مناطق غمرت بالمياه بسبب هطل الأمطار.
إخلاء غزة، إذا حدث، سيؤدي- حسب المنظمات الإنسانية في القطاع -الى كارثة انسانية، لأن وضع السكان هو صعب حتى قبل الإخلاء. معظمهم تم تهجيرهم عدة مرات وليست لديهم القدرة المادية والجسدية والنفسية للنزوح مرة اخرى. "سكان غزة يقفون أمام تصعيد قاتل آخر"، قال راميز اكبروف، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة، في إحاطة لمجلس الأمن أمس. "بالنسبة للسكان الذين يناضلون من اجل البقاء فان العملية العسكرية هي تجسيد لخوفهم الأسوأ، وسيكون لتوسيع العملية العسكرية تداعيات كارثية".
كل ذلك لم يذكر في بيان أدرعي أمس. فحسب البيان "كل عائلة ستنتقل الى الجنوب يمكنها الحصول على معظم المساعدات المدنية التي نعمل عليها في هذه الأثناء. الجيش الإسرائيلي بدأ يعمل على إدخال الخيام وتسوية مساحات لمراكز توزيع المساعدات الإنسانية وتمديد أنابيب مياه وما شابه".