Friday 5th of September 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Sep-2025

أوروبا غاضبة.. الولايات المتحدة محقة

 الغد

يديعوت أحرونوت
 بن درور يميني
 
 دول الاتحاد الأوروبي، التي انعقد وزراء خارجيتها في نهاية الأسبوع في كوبنهاغن، غاضبة على الولايات المتحدة. فقد نشرت الإدارة الأميركية بيانا رسميا عن إلغاء التأشيرات لثمانين من كبار مسؤولي السلطة الفلسطينية، بمن فيهم أبو مازن. لن تتمكنوا من الوصول إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة، قضى وزير الخارجية، ماركو روبيو، إلا إذا استوفيتم سلسلة من الشروط المسبقة: وقف المحاولات لتجاوز المفاوضات من خلال حملات دولية – بما في ذلك التوجهات إلى المحكمة الدولية في لاهاي، وقف الجهود لاعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية. أول أمس أطلقت وزارة الخارجة بلاغا للكونغرس عن عقوبات ضد رؤساء السلطة واناس م.ت.ف، بموجب القانون الأميركي، بما في ذلك على خلفية استمرار الدفعات للمعتقلين ولأبناء عائلاتهم.
 
 
   كل واحد من الشروط التي طرحتها الولايات المتحدة على الفلسطينيين منصوص عليه في اتفاقات خرقتها السلطة الفلسطينية. وليس فقط الولايات المتحدة. الاتحاد الأوروبي نفسه، المرة تلو الأخرى، اتخذ قرارات ضد تعليم التحريض في مناهج التعليم، والمرة تلو الأخرى خرق قراراته هو نفسه. المرة الأخيرة كانت قبل أقل من ثلاثة أشهر، في 6 أيار، عندما اتخذ البرلمان الأوروبي قرارا بوقف التمويل للسلطة طالما كانت مناهج التعليم كما هي. قبل سنتين من ذلك، في 10 أيار 2023، اتخذ البرلمان قرارا مشابها. لم تمر ثلاثة أيام حتى قرر من كان وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، الاستهتار بالقرار ومواصلة التمويل منعا لافلاس السلطة.
  المطالب الأخرى أيضا، مثل معارضة تجاوز المفاوضات من خلال حملات دولية وحظر على التوجه إلى لاهاي، منصوص عليها في اتفاقات أوسلو. أوروبا تتكبد عناء شجب إسرائيل بالنسبة للبناء في المناطق، وهذا حقها، رغم أنه لا يوجد حظر على البناء في اتفاقات أوسلو. لكن أوروبا إياها، بشكل ثابت ومنهاجي، تعطي الفلسطينيين الإذن بخرق الاتفاقات التي ما تزال سارية المفعول. فما معنى التوقيع على اتفاقات حين توضح أوروبا مسبقا بأن خرقها سيجدي السلطة فقط. كيف بحق الجحيم يظن أحد ما انه يمكن الوصول إلى دعم فلسطيني للسلام حين تمول أوروبا التحريض؟
 هذه ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها الإدارة الأميركية طريقا مشابها من حيث طرح شروط مسبقة لغرض الوصول إلى الجمعية العمومية للأمم المتحدة. فمنذ منتصف السبعينيات صاغ هنري كيسنجر شروط الحوار بين م.ت.ف والإدارة الأميركية، وتضمنت هذه شجبا صريحا ولا لبس فيه، الاعتراف بقراري 242 و338، وكذلك اعتراف صريح بإسرائيل. ومع حلول نهاية الثمانينيات فقط، بعد أن نفيت قيادة م.ت.ف إلى تونس، وبداية الانتفاضة الأولى، طلبت م.ت.ف الشروع في حوار مع الإدارة الأميركية.
  في تشرين الثاني 1988 كان يخيل أن م.ت.ف استوفت الشروط. فقد اعترف المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر، الذي يذكر أساسا بسبب إعلان الاستقلال الذي اتخذ هناك، اعترف لأول مرة بقرارات الأمم المتحدة 181، 242 و338. الاتجاه كان إيجابيا، لكن القرارات التي اتخذت هناك لم ترض الولايات المتحدة. من كان في حينه وزير خارجية النمسا، ستان اندرسون، تجند لمهمة الوساطة.
 وزير الخارجية الأميركي جورج شولتس، بالضبط مثلما في هذه الأيام، رفض منح عرفات تأشيرة كي يلقي خطابا في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. ردا على ذلك، في 13 كانون الأول، عقدت الجمعية جلسة خاصة في جنيف كي تسمح لعرفات بالقاء الخطاب. شولتس أصر على أن يعلن عرفات بالضبط الصيغة الحادة التي أملتها الإدارة. بعد يوم من اتصالات أخرى، بواسطة اندرسون، عقد عرفات مؤتمرا صحفيا أعلن فيه بصوته بأن الحل هو دولتين للشعبين، بما في ذلك "دولة يهودية" هي إسرائيل. في اليوم ذاته، في 15 كانون الأول 1988 أعلن شولتس بأن الرئيس الأميركي قرر فتح حوار مع م.ت.ف.
  الحوار فتح، غير أنه سرعان ما عاد عرفات إلى عادته، أيد صدام حسين وتوقف الحوار. بعد أكثر من عقدين، في العام 2009، قرر مؤتمر فتح الذي كان أبو مازن على رأسه، التحفظ العلني والرسمي من اعلان عرفات. فقد قرر المؤتمر "المعارضة التامة، التي لا رجعة عنها، للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، حماية لحقوق اللاجئين وحقوق أبناء شعبنا في الجانب الآخر من الخط الأخضر".
 إن الضغط الأميركي في تلك الأيام خلق عرضا عابثا من الاعتدال الفلسطيني. في ساحة اختبار، المرة تلو الأخرى، عادوا إلى الرفض. يوجد أسباب كثيرة جدا لفشل كل مبادرة السلام في عشرات السنين الأخيرة. آخرها هي الرفض الفلسطيني للاعتراف بحل الدولتين للشعبين الذي نبع من تطوير الخيال عن "حق العودة"، التحريض في مناهج التعليم. لأوروبا دور سلبي. لأن دول أوروبا والاتحاد الأوروبي عودت الفلسطينيين على أنه مسموح لهم خرق الاتفاقات، مسموح لهم مواصلة التعليم على التحريض – وفي المقابل سيحصلون اذا على تمويل سخي واعتراف بدولة فلسطينية أيضا. ليس واضحا اذا كان نهج الإدارة الحالية سيؤدي إلى السلام. لكنه واضح تماما بأن نزعة المصالحة والانبطاح الأوروبية – تبعد احتمال السلام.