الغد
هآرتس
بقلم: نوعا غليلي
على خلفية توقع وصول درجة الحرارة الى رقم قياسي هو 37 درجة في قطاع غزة، نشر المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي باللغة العربية، تحذير مستعجل لسكان غزة في بداية الاسبوع جاء فيه بأن الدخول الى البحر محظور، ومن سيخرق ذلك ستكون حياته في خطر فوري.
الواقع أن جميع الغزيين تم تهجيرهم من بيوتهم، ومئات الآلاف يحتشدون في الخيام أو المباني المدمرة، ومن اجل الحصول على الغذاء والمساعدة مطلوب المشي لبضع كيلومترات في الرمال وتحت اشعة الشمس الحارقة، وفي الوضع الذي لا توجد فيه كهرباء لتشغيل المكيفات (ولا توجد مكيفات لتشغيلها)، والمياه الصالحة للشرب هي سلعة نادرة، وعندما لا تجد أي مكان للهرب اليه من الحر، فإن سكان غزة سيذهبون الى البحر في محاولة لصيد اسماك صغيرة قرب الشاطئ من اجل اطعام العائلات والاغتسال وغسل الملابس والعثور على ملاذ من الحر الخانق.
في القطاع يعرفون ان الدخول الى البحر خطير، حتى قبل الحرب بسبب القيود المتشددة التي فرضتها اسرائيل على منطقة الصيد، لكن الآن الخطر سبعة اضعاف. منذ بداية الحرب اطلقت النار على عشرات السكان وقتلوا اثناء تواجدهم في البحر، معظمهم عندما كانوا يحاولون صيد الاسماك.
"الصيادون قالوا لي بأنهم تعودوا على حس الدعابة مع عائلاتهم في كل مرة قبل الذهاب الى البحر بأقوال مثل "اليوم اما ستاكلون أو ستصلون على جثتي"، قال زكريا بكر، رئيس لجنة الصيادين في غزة. "انا اتذكر الصياد الاخير الذي قتل من قبل سلاح البحرية الاسرائيلي، قبل بضعة ايام على دخول وقف اطلاق النار الى حيز التنفيذ، بعد محاولة دخوله الى البحر بمسافة لا تزيد على 300 متر عن الشاطئ. فقط بعد عشرة ايام نجحنا في سحب جثته بسبب الخطر الذي ينطوي على الدخول جسديا الى البحر. ببساطة، لا يمكنني وصف المشهد، الاسماك التهمت الجثة. مشهد صادم".
فرع الصيد، الذي شكل خلال سنين مصدر الدخل والامن الغذائي المهم لسكان القطاع، تم تدميره تقريبا بالكامل على يد اسرائيل في الحرب الحالية. الهجمات من الجو، البحر والبر، تسببت بضرر كبير لمركبات البنية التحتية الحيوية مثل قوارب الصيد وبرك الاسماك وميناء الصيد الغزي، الى درجة اخراجها عن العمل. اضافة الى ذلك اسرائيل تمنع دخول الصيادين الى البحر، بما في ذلك في فترات وقف اطلاق النار. نتيجة لذلك فإن سعر السمك في الاسواق قفز الى 200 شيكل للكيلو، وقد اصبح سلعة نادرة لا يمكن الحصول عليها من قبل الاغلبية الساحقة من السكان.
في اعقاب ذلك وفي ظل الجوع السائد في القطاع، فإن كمية السمك الطازج الذي يباع في الاسواق في غزة انخفضت بسرعة. وبين تشرين الاول 2023 ونيسان 2024 انخفضت المداخيل من الصيد الى 7.3 في المائة من مجمل متوسط الدخل من محصول الصيد اليومي في 2023. الحديث يدور عن خسارة تبلغ 17.5 مليون دولار، هذا بدون الاضرار ببرك الاسماك. ازاء القيود على ادخال المساعدات الانسانية الى القطاع منذ بداية الحرب، فإن اداء معقول لفرع الصيد كان يمكن ان يوفر الغذاء والمساعدة ولو قليلا على تقليص الازمة، لكن تدمير هذا الفرع على يد اسرائيل فاقم الوضع بشكل كبير.