الغد
يديعوت أحرونوت
بقلم: نداف ايال
بعد يوم صعب آخر في غزة، حان الوقت لقول بضع حقائق، بما في ذلك الاعتراف بأمور رئيس الوزراء نتنياهو محق فيها، وبالتوازي لماذا يجعل إسرائيل تعلق في أزمة بلا حل.
فكرة ألا تحكم حماس غزة تعد اضطرارية. فقد بدأت حماس هذه الكارثة بقتل جماعي. كل هذا لم يتغير ولن يتغير. مبدئيا، أعلنت حماس منذ الآن بأنها مستعدة لأن تتخلى عن الحكم لكنها لا تفعل هذا بجدية، وهذه الأمور تقولها أيضا الدول العربية المعتدلة، مثل مصر، التي تطالب بأن تتخلى حماس عن كل سلاحها، حتى آخر كلاشينكوف، على حد تعبيرهم. الموضوع كالآتي: استمرار الحرب في هذه اللحظة لا يضغط على حماس للتخلي عن الحكم. العكس هو الصحيح. فهو يصورها كأبطال المقاومة. يعظمها. طرد سكان غزة إلى معسكر خيام بإدارة إسرائيلية من غير المتوقع أن يحسن هذا. وعليه، توجد هنا مشكلة معقدة، استراتيجية، تتطلب معالجة طويلة المدى مع حيلة وتفكير مسبق. الحكومة لا تفعل هذا بالطبع. ليس لها أي فكرة كيف يمكن الوصول إلى الهدف، بخاصة إذا ما أخذنا بالحسبان وضع الجيش بعد نحو سنتين.
يقول لبيد وبينيت، تعالوا وفروا خسائر وإنجازات، توصلوا إلى اتفاق شامل، أعيدوا المخطوفين وعندها نعالج حماس على مدى الزمن. الجواب الذي يأتي من الائتلاف هو "أنتم لن تعالجوا. فقط سنشتري مرة أخرى هدوءا، والمؤقت يصبح دائما". هذه الحجة ذات مفعول، وعلى كل هذا ينبغي أن تضاف طبقة: الفجوة التي نوجد فيها هي بين اتفاق تتنازل فيه حماس، لكن لا تتنازل حقا، وبين وضع تكون فيه حماس تنازلت حقا بل ونزعت سلاحها. على هذا، بزعم نتنياهو، نقاتل. لكن هل يصدق أحد ما بأن حماس، الحركة الأقوى في الجمهور الفلسطيني، ستتنازل حقا؟ من سيشرف على إخراج السلاح؟ إذا لم يكن هذا الجيش الإسرائيلي، فهذا لن يحصل. وبالتالي عم يتحدث نتنياهو؟ فهل يشتري سيارة مستعملة من حماس؟ كي يكون الجيش الإسرائيلي هو من يشرف على ألا تحكم حماس غزة هناك حاجة لحكم عسكري. المعنى هو الانقضاض على كل القطاع ووضع حياة المخطوفين المتبقين في خطر جسيم. لكن عندها أيضا حماس لن تتبخر. حكم عسكري كهذا سيتطلب سيطرة حقيقية على إقليم خرب تماما حاليا، وحرص على سلامة، صحة وتعليم مليوني فلسطيني، فيما ستواصل حماس حربها بالتوازي.
فلنجمل الأمر. الفجوة هي بين اتفاق غير كامل على نحو ظاهر تتخلى فيه حماس عن الحكم، لكنها تواصل استخدام القوة من خلف الكواليس؛ اتفاق آخر؛ أفضل، يكون أيضا نوعا من الخدعة التي يكون فيها نزع ما للسلاح لكن محدود، وتكون حماس ظاهرا محيدة أكثر؛ وحكم عسكري. في كل هذه الحالات، ستوجد حماس كإطار في غزة: في الحالتين الأوليين كقوة سياسية مضافة، وفي الحالة الثالثة أيضا كحرب عصابات ضد الحكم العسكري. مشكلة عسيرة جدا. هذا بالضبط هو السبب الذي من اللحظة الأولى سأل فيها الكثيرون في العالم (وأنا الصغير أيضا)، ما خطة اليوم التالي. فهذا هو السؤال. لا نصر من دون ذلك. والحقيقة هي أن الحكومة لم تخطط شيئا والآن الثمن. وإلا ما كنا نصل إلى أحاديث "المعسكري" في رفح.
بالتوازي توجد اعتبارات أوسع. أساسا بالنسبة لمعظم الإسرائيليين، وضع المجتمع الإسرائيلي. ثمن الجنود القتلى لدينا. العائلات. الصدمة طويلة المدى. مزيد ومزيد من الإسرائيليين يعترفون بمأساة الضحايا المدنيين في غزة. إذ في غزة -مثلما كتبت هنا لعدد لا يحصى من المرات- يوجد أبرياء، يوجد مدنيون، يوجد أطفال. كل طفل هو بريء. فلئن كانت المأساة الإنسانية تمر من فوقكم فكروا استراتيجيا: عدد الموتى في غزة يؤثر ليس فقط على مستقبل المجتمع الفلسطيني بل علينا أيضا. سيكون هناك من سيقولون الردع: في غزة سيعرفون كيف لا يقومون بـ7 أكتوبر آخر. أنا أفكر بالألم. الحزن. الغضب. حساب الأجيال. إذا بقيت غزة هناك، وهي ستبقى، فلمن سيرفع الحساب. لنا، لأبنائنا. محق، غير محق، هذا لا يهم. هذا هو الواقع. الاعتراف بذلك هو عقلاني: مثل تأبين موشيه دايان لروعي روتبرغ، فقط ألف ضعف. لم أنسَ ما فعلته لنا حماس في 7 أكتوبر. لكن لا يحتمل أن يكون التفكير الإسرائيلي اصبح منتشيا من القوة بهذا القدر، بهذه الصبيانية، بحيث أننا نفشل أنفسنا. "النصر" ليس مفهوما غامضا، إلا إذا توجه الخصم في اتجاه آخر تماما. ألا يحاول، لأنه لا يريد. ألمانيا هزمت. اليابان أيضا فقدت الإرادة للقتال وطلبت أن تكون جزءا من القوة العظمى التي انتصرت. هذا نصر.
هناك من سيقولون إن هذا بسبب الدمار الهائل الذي كان في ألمانيا واليابان. ربما. لكن غزة منذ الآن دمرت، قصفت، سويت بالأرض. هي لم تهزم. بسببين: لأن إسرائيل تقاتل جهاديين، ومنطقهم مختلف. هم مستعدون للتضحية بالجميع، بما في ذلك أنفسهم. ولأنه لأجل هزيمة الخصم مطلوب ليس فقط بسطامة بندقية، بل أيضا استراتيجية استعداد لمد اليد.